لعبة سحب البساط بين أجنحة إخوان الجزائر مستمرة – مصدر24

لعبة سحب البساط بين أجنحة إخوان الجزائر مستمرة

الجزائر – تبحث حركة البناء الوطني الإخوانية عن إبرام تحالف سياسي داعم للسلطة تكون طرفا فيه أسوة بما أقامته غريمتها في التيار ذاته حركة مجتمع السلم خلال حقبة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وهو ما يلمح إلى هوية المشهد السياسي القادم في البلاد، ولو أنه لن يكون مختلفا كثيرا عما سبقه، حيث سيتم الإبقاء على نفس النمط مع تغيّر في الوجوه والمكونات فقط.

وربط زعيم حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة إرساء قواعد “الجزائر الجديدة” بمدى قدرة أذرع التيار الوطني على إرساء تحالف سياسي يحقق الأغلبية في الانتخابات النيابية القادمة ويضمن استقرار المؤسسات الجديدة.

ويبدو أن الحركة الإخوانية، التي فتحت لوائحها حتى للغرباء عنها ولم يسبق لهم النضال في صفوفها من أجل خوض الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في يونيو القادم، مستعدة أيضا لإبرام تحالفات سياسية وانتخابية حتى مع من لا تقاسمهم نفس المرجعية السياسية والأيديولوجية.

وإذ سجل الإسلاميون في الجزائر دخولا جماعيا في الاستحقاق المذكور، فإن فرص التحالف بينهم باتت بعيدة بسبب الخلافات المستشرية بينهم، ولذلك فإن أي تحالف في المدى القريب سيكون مخالفا للتوقعات أو المعطيات السابقة.

ويحكم صراع حاد بين قطبي التيار الإخواني وهما حركتا “حمس” و”البناء” بسبب لعبة سحب البساط بين الطرفين لافتكاك مهمة الشراكة المستقبلية مع السلطة، فمنذ خوض بن قرينة للانتخابات الرئاسية الأخيرة كمنافس للرئيس عبدالمجيد تبون بات أحد الفاعلين المقربين من السلطة وأحد أبرز المدافعين عن مسارها.

وصرح بن قرينة في تجمع شعبي لأنصاره في ولاية البويرة (120 كيلومترا شرقي العاصمة) انتظم السبت بأن “الجزائر تحتاج إلى ترقية المصالحة الوطنية بكل أبعادها السياسية وتصفية مخلفات الماضي وآثارها السلبية على الدولة والمجتمع من خلال نبذ الحقد والكراهية وتصفية الحسابات”.

وأضاف “هذا ما يضمنه القرار الوطني السيد والموحد، والإرادة السياسية الحقيقية، والثقة المتبادلة بين الشعب والسلطة، واحترام مؤسسات الدولة وسيادة القانون وأخلاق التنافس والتداول السلمي على السلطة”.

ورافع المتحدث عن مقاربة السلطة في اتهام من وصفتهم بـ”الانفصاليين والإرهابيين” باستغلال الحراك الشعبي لإدخال البلاد في دوامة العنف بقوله “دعم الحريات لا يكون على حساب الاستقرار والوحدة الترابية ومحاولات تقسيم الشعب، وأن تلك الحركات مرفوضة من الشعب الجزائري، خاصة أنها تدعو من وراء البحار لإضعاف اللحمة الوطنية أو تستهدف الوحدة لخدمة أجندات خارجية”.

الفصيل الإخواني الذي تمثله حركة البناء الوطني بات أكثر تناغما مع خطاب السلطة مقارنة مع أحزاب الموالاة التقليدية

وقصد بن قرينة بذلك حركتي استقلال منطقة القبائل “ماك” و”رشاد” اللتين اتهمتهما السلطة بممارسة التحريض والشحن لجر الحراك الشعبي إلى العنف والإرهاب واستهداف الوحدة الوطنية، وأشارت إليهما في بيان المجلس الأعلى للأمن المنعقد مؤخرا بوصفهما بـ”الانفصاليين والمقربين من الإرهاب”.

وأضاف “نحن اليوم نقول للوبيات الأحقاد والاستعمار في فرنسا لقد أرهقتْ دولتكم الاستعمارية الجزائر وشعبها باستعماركم وبجرائمكم، وها أنتم ترهقوننا بعملائكم وبتدخلاتكم المباشرة وغير المباشرة في الشأن الجزائري، وتعرقلون الديمقراطية الجزائرية بكل الوسائل” في إشارة إلى ما يعرف بـ”اللوبي الفرانكفوني الموالي لفرنسا”.

ولم يسلم خصوم حركة البناء الوطني من قوى التيار الإخواني من خطاب بن قرينة الذي ألمح إلى “توظيف هؤلاء للأساليب غير الأخلاقية وشراء الذمم بواسطة الزيت والسكر والحليب للحصول على التوقيعات الشخصية في تشكيل لوائح الترشح للانتخابات القادمة”.

وشدد المتحدث على أن “الجزائر الجديدة لن تنطلق دون تحالف وطني من أجل الخيار الدستوري، بما يحقق الأغلبية البرلمانية الداعمة لاستقرار المؤسسات”، وهو ما يطرح إمكانية ذهاب الموالين الجدد للسلطة إلى إبرام تحالف جديد أسوة بالتحالف الحزبي الذي دعم بوتفليقة من سنة 1999 إلى 2014.

ومع ذلك أبدى بن قرينة مخاوفه من إمكانية انحياز الإدارة التي يشرف عليها منتخبون ينتمون إلى أحزاب الحقبة الماضية، في إشارة إلى جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وحتى إسلاميين منافسين لحركته في التيار الإسلامي.

وحذر في هذا الشأن مما أسماه بـ”أي تزوير أو تلاعب يطعن في الشرعية الشعبية”، وذكر بأن “العديد من المنتخبين المحليين بصدد دخول الاستحقاق النيابي سعيا للحصول على الحصانة البرلمانية والإفلات من المساءلة والحساب على ممارساتهم الفاسدة”.

وبات الفصيل الإخواني الذي تمثله حركة البناء الوطني أكثر تناغما مع خطاب السلطة من أحزاب الموالاة التقليدية، لاسيما في ما يتعلق بانتقاد الاحتجاجات السياسية والتيار الديمقراطي المعارض، مقابل دعم مسار السلطة في ما يتعلق بالدستور الجديد والاستحقاق الانتخابي، وهو ما ترجمه بتحذيره من “توظيف المال السياسي وشراء الذمم واستمالة الفئات الاجتماعية الهشة لكسب دعمها في صناديق الاقتراع”.

ورغم حساباته الخاطئة التي ظهرت في توقعات سابقة له حول تسجيل نسبة مشاركة قوية تناهز 12 مليونا في الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد في نوفمبر الماضي، وتوعد حينها بالاستقالة من كل مناصبه السياسية إذا حصل عكس ذلك، إلا أن الرجل يعرب الآن عن استحواذ حركته على الأغلبية في البرلمان القادم، وهو ما يطرح صدقية خطاب بن قرينة، خاصة إذا مني بأي انتكاسة في الانتخابات القادمة.

'