أديس أبابا تشكل لجنة حوار وطني لأول مرة في تاريخها. – مصدر24

أديس أبابا تشكل لجنة حوار وطني لأول مرة في تاريخها.

أديس أبابا – يحيي إعلان الحكومة الإثيوبية عن مشروع تشكيل لجنة حوار وطني المتمرّدين بعد حرب أهلية استمرت أكثر من عام، آمال السلام في البلد الذي مزقته الحرب رغم العقبات التي تعترض هذا المسار.

ووافق البرلماني الإثيوبي الأربعاء، بأغلبية الأصوات، على تشكيل لجنة حوار وطني تقدم به رئيس الوزراء آبي أحمد، لتبدأ اللجنة عملها للمرة الأولى في البلاد.

وتتألف اللجنة المسؤولة عن ضمان السلام في البلاد من 11 عضوا.

وتختبر لجنة الحوار الوطني مدى جدية الطرفين المتصارعين في إنهاء الحرب الأهلية التي اندلعت منذ أكثر من عام وسقط خلالها المئات من القتلى.

وتأتي خطوة آبي أحمد إثر انسحاب متمردي تيغراي من منطقتي أمهرة وعفر إلى عاصمة الإقليم ميكيلي، وهو شرط وضعته الحكومة الفيدرالية الإثيوبية للدخول في مفاوضات مع خصومها.

وبينما تعتبر القوات الفيدرالية الإثيوبية انسحاب متمردي تيغراي دليلا على هزائمهم العسكرية، يبقى وقف إطلاق النار هشّا، لكنها تعهدت بأنها لن تتقدم داخل منطقة تيغراي التي انسحب نحوها المتمردون، وأن هذا الموقف قد يتغيّر إذا تعرضت “سيادة أراضي” البلاد إلى التهديد.

وانسحبت جبهة تحرير شعب تيغراي رسميا من منطقتي أمهرة وعفر المجاورتين حيث أحرزت تقدما في الأشهر الأخيرة، من أجل “فتح الباب” أمام المساعدات الإنسانية ووقف الأعمال العدائية.

ويمكن أن تسمح هذه الهدنة بحكم الأمر الواقع بتهدئة الوضع، لكنّ المراقبين لا يزالون حذرين قبل الحديث عن نهاية وشيكة للصراع.

وحكمت جبهة تحرير شعب تيغراي في إطار تحالف كانت تهيمن عليه إثيوبيا لثلاثين عاما تقريبا بقبضة من حديد، إلى أن وصل رئيس الوزراء آبي أحمد إلى السلطة في 2018.

وأدى الصراع المستمر إلى تفاقم الخلافات العرقية. والتوتر حاد خصوصا بين مجموعتي التيغراي والأمهرة ثاني أكبر مجموعة في البلاد وحليفة للقوات الفيدرالية.

ويشير وليام ديفيسون كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية إلى أن “الأمهرة متحفظون جدا على إعادة تأهيل لجبهة تحرير شعب تيغراي”.

الهدنة يمكن أن تسمح بتهدئة الوضع، لكن المراقبين لا يزالون حذرين قبل الحديث عن نهاية وشيكة للصراع

وأضاف ديفيسون أن منطقة تيغراي الغربية التي يطالب بها أهل تيغراي والأمهرة لكن احتلها الأمهرة منذ بداية الحرب، ستشكل على الأرجح واحدة من النقاط الشائكة الرئيسية في حال أجريت مفاوضات.

وطلبت جبهة تحرير شعب تيغراي بالفعل من مجلس الأمن انسحاب قوات الأمهرة من غرب تيغراي. وقال ديفيسون إن “الأمهرة ينظرون إلى جبهة تحرير شعب تيغراي على أنها مصدر تهديد وجودي”.

وعلى الرغم من العقبات، يمكن أن يؤمّن توقف المعارك فرصة للحوار في مواجهة حرب أودت بحياة الآلاف وتسببت بأزمة إنسانية عميقة.

وقال ديفيسون “هذا هو الوقت المناسب لممارسة الضغط الدبلوماسي”، لكنه أضاف أن “تشجيع المتحاربين على إبرام اتفاق لوقف الأعمال العدائية وبدء مفاوضات سيتطلبان جهودا دبلوماسية متفقا عليها”.

واندلعت الحرب في نوفمبر 2020 بعد أن أرسل آبي أحمد الجيش الفيدرالي إلى تيغراي لإقالة السلطات المحلية المنبثقة عن جبهة تحرير شعب تيغراي التي تحدت سلطته واتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية.

وأعلن رئيس الوزراء النصر بعد ثلاثة أسابيع مع الاستيلاء على العاصمة الإقليمية ميكيلي. لكن في يونيو استعادت جبهة تحرير شعب تيغراي معظم منطقة تيغراي ثم تقدمت باتجاه عفر وأمهرة.

وأسفر النزاع عن مقتل الآلاف وتهجير أكثر من مليوني شخص وإغراق الآلاف من الإثيوبيين في ظروف أقرب إلى المجاعة وفقا للأمم المتحدة.

وقالت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن جميع الأطراف في النزاع الإثيوبي المستمر منذ ثلاثة عشر شهرا يرتكبون انتهاكات جسيمة محذرة من “عنف معمم” قد تكون له تداعيات على المنطقة بأكملها.

نظرة يائسة لواقع مرير ما بعد الحرب
نظرة يائسة لواقع مرير ما بعد الحرب  

واتهمت إثيوبيا من جهتها مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة المجتمع في جلسة خاصة لدرس انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد الذي يشهد حربا، بالتصرف وفق ذهنية “الاستعمار الجديد”.

وقال السفير الإثيوبي زينبي كيبيدي خلال النقاشات “التعددية هي من جديد أسيرة عقلية الاستعمار الجديد”.

وخلال هذا الاجتماع الذي أتى بطلب من الاتحاد الأوروبي وبدعم من العشرات من الدول من بينها الولايات المتحدة، تدرس الدول الـ47 الأعضاء في المجلس اقتراحا بتسمية محققين سيعملون على رصد انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان خلال هذه الحرب.

ورأت ندى الناشف نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن “آلية دولية ستكون عنصرا مهما” في غياب “الجهود الكبيرة” من جانب السلطات لتحديد المسؤوليات في حين تواصل الأمم المتحدة “تلقي تقارير موثوقة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتجاوزات ترتكبها جميع الأطراف”.

وفي المقابل، دعمت الدول الأفريقية على لسان ممثل الكاميرون السفير سالومون إهيث إثيوبيا معتبرة أن آلية كهذه “ستأتي بنتائج عكسية ومن شأنها تأجيج التوتر”.

'