أردوغان ينحني لعاصفة أزمات الاقتصاد التركي المتفاقمة – مصدر24

أردوغان ينحني لعاصفة أزمات الاقتصاد التركي المتفاقمة

أردوغان ينحني لعاصفة أزمات الاقتصاد التركي المتفاقمة

رضوخ الحكومة التركية لعاصفة الأزمات الاقتصادية المتراكمة بزيادة الحد الأدنى للأجور وخفض أسعار الطاقة، يؤكد فشل السياسات الإصلاحية التي تبنتها تركيا منذ أن أحكم الرئيس رجب طيب أردوغان قبضته على مفاصل الدولة

إسطنبول (تركيا) – لجأت الحكومة التركية إلى استخدام المسكنات الاقتصادية لامتصاص النقمة الشعبية المتفاقمة بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية والارتفاع الكبير في الأسعار نتيجة تدهور قيمة الليرة.

وأعلن المسؤولون في تصريحات متواترة هذا الأسبوع أن العام المقبل سيشهد إصلاحات اقتصادية تتمحور بالأساس حول زيادة الحد الأدنى للأجور وخفض أسعار الغاز للمستهلكين.

ويأتي هذا التحرك بعد تصاعد حدة الأزمة الخانقة، التي تعيشها البلاد، جراء سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان ومحاولة فرض هيمنته على كافة المفاصل الاقتصادية للدولة.

وقال أردوغان الثلاثاء إن “تركيا ستخفض أسعار الغاز الطبيعي 10 بالمئة للمنازل والشركات في 2019” ، ليعقبه تصريح وزيرة العمل زهراء زمرد سلجوق، التي أكدت فيه أنه ستتم زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 26 بالمئة ليصبح 2020 ليرة (381 دولارا) شهريا.

وأعلنت سلجوق القرار بعد الاجتماع الرابع للجنة الحد الأدنى للأجور، حيث تمت الموافقة على رفع صافي الحد الأدنى، بينما سيرتفع الحد الأدنى لإجمالي الدخل، قبل خصم أقساط الضمان الاجتماعي وضرائب الدخل إلى 2558 ليرة (482 دولارا).

ومطلع العام الجاري، رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور بحوالي 14 بالمئة، ليصل أدنى أجر شهري إلى 1603 ليرات.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن قرابة 7 ملايين عامل يحصلون على الحد الأدنى للأجور من بين إجمالي القوة العاملة، التي يصل تعدادها إلى أكثر من 63 مليون شخص.

ويعاني الأتراك من تداعيات فقدان الليرة أكثر من 40 بالمئة من قيمتها منذ عام، كما فاقم ذلك التدهور صعوبة سداد الشركات المحلية لديونها المقومة بالدولار أو اليورو، رغم تبني البنك المركزي إجراءات لوقف اتساع الفجوة ومساعدة الشركات في مواجهة التزاماتها.

وكان مؤشر أسعار المستهلكين قد ارتفع في الشهر الماضي بأكثر من 62 بالمئة على أساس سنوي، كما ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنحو 54.4 بالمئة. وقد بلغ معدل التضخم في سبتمبر نحو 25 بالمئة، وهو أعلى مستوى في 15 عاما.

وتظاهر الآلاف من الأتراك السبت الماضي في شوارع إسطنبول احتجاجا على غلاء المعيشة وارتفاع معدّل التضّخم بالبلاد إلى مستويات لا تطاق.

7 ملايين عامل سيحصلون على الحد الأدنى للأجور من بين 63 مليون شخص هم إجمالي القوة العاملة بالبلاد

وتدهور الوضع الاقتصادي كثيرا في تركيا في الأشهر الأخيرة بسبب تراجع قيمة العملة المحلية على خلفية توتر دبلوماسي مع الولايات المتحدة في الصيف الماضي ورفض الأسواق السياسات الاقتصادية لأنقرة.

ورغم الحقائق، التي تظهرها الأرقام، يواظب أردوغان على إطلاق الوعود بتحسين الأوضاع المعيشية سريعا من خلال تأكيده على أن اقتصاد بلاده سيحقق صعودا قويا في المرحلة القادمة.

ويستند أردوغان في كلامه على أن بلاده جذبت استثمارات مباشرة بقيمة 15 مليار دولار فقط بين عامي 1975 و2002، في حين بلغ هذا الرقم حوالي 201 مليار دولار خلال الست عشرة سنة الأخيرة.

وأكبر دليل على تخبط السياسات الاقتصادية للحكومة هو تخفيف القيود على التعامل بالعملات الأجنبية الشهر الماضي، بعد ضغوط شديدة من قطاع الفنادق، الذي عاني من ركود في ذروة الموسم السياحي الصيف الماضي.

ويبدو أن التحديات المختلفة التي تواجه الاقتصاد التركي تزداد قساوة رغم مكابرة وزير المالية براءت البيرق بأن البلاد تجاوزت محنتها، بعد أن تلقت أنقرة ضربة من وكالة موديز للتصنيف الائتماني عمقت المخاوف بشأن مستقبل البلاد.

وحذرت الوكالة في تقرير نشرته منتصف الشهر الماضي بعنوان “النظرة المستقبلية الكلية للعالم 2019 إلى 2020”  من ركود حاد للاقتصاد التركي خلال الفصول المقبلة.

وقال خبراء موديز في التقرير إن تركيا دخلت تقريبا مرحلة الركود الاقتصادي وهي لا تزال عرضة للصدمات الخارجية في ظل أوضاع تزداد صعوبة.

وسارع البيرق، صهر أردوغان، بالرد على تلك النظرة المتشائمة بالقول إن “بلاده اكتسبت خبرة كبيرة للغاية عقب هجمات استهدفت اقتصادها ورفاه شعبها وعملتها المحلية، وبدأت بإزالة سلبياتها بشكل تدريجي”.

وأوضح حينها أن أنقرة تمكنت من إبداء رد فعل سريع وقوي حيال تقلبات أسعار صرف الليرة أمام العملات الأجنبية منذ سبتمبر الماضي.

ولكن المؤشرات الحالية، محبطة، نظرا لارتفاع معدل التضخم ووجود مؤشرات على أن النظام المالي يتراجع وأن الديون البالغة حاليا 45 مليار دولار في تزايد.

وبات شبح تدخلات أردوغان بعد إحكام قبضته على مؤسسات البلاد، يهدد بانهيار لليرة وإدخال تركيا في مرحلة ركود تضخمي خطيرة بسبب قناعاته الشعبوية، التي تتعارض مع القواعد الاقتصادية السائدة.

'