أزمة العنصرية تعبّد الطريق أمام إصلاحات عميقة لكرة القدم – مصدر24

أزمة العنصرية تعبّد الطريق أمام إصلاحات عميقة لكرة القدم

أزمة العنصرية تعبّد الطريق أمام إصلاحات عميقة لكرة القدم

فتحت أزمة العنصرية، التي عادت إلى الواجهة مؤخرا مع مقتل الأميركي جورج فلويد، الباب أمام بروز دعوات تطالب بالقيام بإصلاحات جريئة في كرة القدم التي تضم العديد من اللاعبين السود في وقت يتضاعف فيه وجودهم في العديد من مناصب المسؤولية  في اللعبة الشعبية الأولى في العالم والتي بدأت تنخرها ظاهرة التمييز العنصري.

لندن – تتزايد ارتدادات أزمة العنصرية التي فجّرها مقتل المواطن الأميركي جورج فلويد لتفتح الطريق أمام أفكار جديدة تشمل جميع مناحي الحياة بما في ذلك الرياضة ورياضة كرة القدم على وجه الخصوص.

وباعتبارها أكثر الرياضات تأثرا بهذه الظاهرة “المقيتة” في السنوات الأخيرة، فقد تزايدت الدعوات مؤخرا إلى ضرورة استغلال هذه الأزمة من أجل تمرير قوانين جديدة تراعي مصلحة ذوي البشرة السوداء في كرة القدم.

وحضّ لاعب مانشستر سيتي رحيم ستيرلينغ مسؤولي كرة القدم الإنجليزية الثلاثاء على استغلال النقاش القائم عالميا حاليا بشأن العنصرية والتظاهرات المناهضة لها لإيجاد حلول تتيح زيادة عدد المسؤولين السود في أندية الدوري الممتاز.

ويلفت محللون رياضيون إلى أهمية ما تقدم به نجم مانشستر سيتي لعدة اعتبارات أهمها أن زيادة عدد السود في مواقع المسؤولية من شأنها أن تفيد اللاعبين ذوي البشرة السوداء وتقلص من النظرة الدونية لهؤلاء داخل الملاعب وخارجها.

وشهدت مدن أميركية وعالمية منها لندن تظاهرات في الأيام الماضية على خلفية مقتل فلويد على يد شرطي أبيض في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، بعدما وضع ركبته على عنقه لدقائق، على رغم مناجاته بأنه غير قادر على التنفس.

وانضم ستيرلينغ، الذي سبق له التعبير مرارا عن ضرورة مناهضة العنصرية في ملاعب كرة القدم، إلى الرياضيين الذين يعربون عن تضامنهم مع فلويد، داعيا إلى أن تشكل وفاته فرصة لتغييرات جذرية واسعة النطاق.

وعبّر العديد من اللاعبين من مختلف الرياضات عبر العالم عن رفضهم الشديد لكافة أشكال العنصرية، وشنّ هؤلاء حملات شملت لاعبي كرة القدم في دوريات كبرى، في إنجلترا وألمانيا ونجوم التنس، إضافة إلى نجم الفورمولا واحد لويس هاميلتون ولاعبي دوري كرة السلة الأميركي.

وتراوحت هذه الحملات الرافضة للعنصرية بين الشجب والتنديد بالإجراءات التي أعقبت مقتل المواطن الأميركي.

وقال ستيرلينغ لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” “الاحتجاج هو نقطة انطلاق عظيمة، ليتم إسماع الصوت، لكن الاحتجاج بمفرده لن يحدث أي تغيير في هذه البلاد (إنجلترا)”.

وأضاف “الأمر يتعلق بكيف نمضي من هنا، بتسليط الضوء على الأمور (الواجب تغييرها)، المجتمع يحتاج إلى التغيير، ومن ثم العمل لأجل ذلك. لقد تحدثنا كثيرا، الآن حان وقت العمل (..) هذا هو الوقت للتحدث عن هذه المواضيع، عن غياب العدالة، لاسيما في مجال كرة القدم”.

وأعادت هذه الأزمة إلى الواجهة العديد من المظاهر السلبية التي عاشها العديد من لاعبي كرة القدم السود، في وقت يتقلص فيه عدد المسؤولين داخل اللعبة الشعبية عبر أنحاء العالم وهي فرصة لكي تعيد الاتحادات الدولية الدعوة إلى تشريك هؤلاء في مواقع قيادية.

ستيرلينغ تعرض إلى سلسلة من الإساءات العنصرية خلال دفاعه عن ألوان فريقه سيتي أو المنتخب الإنجليزي
ستيرلينغ تعرض إلى سلسلة من الإساءات العنصرية خلال دفاعه عن ألوان فريقه سيتي أو المنتخب الإنجليزي

وتطرق ستيرلينغ إلى الفارق الشاسع بين الأعداد الكبيرة للنجوم السود أو الآسيويين في الفرق، والعدد المحدود جدا لهؤلاء في مواقع التدريب أو المسؤولية الإدارية للأندية.

وأوضح “ثمة نحو 500 لاعب في الدوري الممتاز، ثلثهم من السود، ولا يوجد أي تمثل لنا في التسلسل الهرمي (الإداري) أو في الأجهزة الفنية”.

وأضاف “مع هذه التظاهرات، حان الوقت لإجراء محادثات، لإطلاق نقاشات”، مضيفا “لكن في الوقت عينه، الالتقاء وإيجاد حل من أجل إحداث تغيير، لأنه يمكننا أن نتحدث بقدر ما نريد بشأن التغيير ووضع أشخاص من السود في هذه المراكز التي أرى أنه يجب أن يكونوا فيها”، لكن الحديث لن يكون كافيا لجعل هذه التغييرات أمرا واقعا. ورغم تمكين بعض الدوريات الأوروبية بعض اللاعبين السود من مناصب إدارية، إلا أن ذلك يبقى غير كاف قياسا بعدد هؤلاء الذي تزايد في السنوات الأخيرة واختار الكثير منهم الحصول على جنسيات أجنبية.

وتطرق ستيرلينغ إلى تولي نجوم سابقين للعبة من البيض منصب المدرب بشكل مباشر، بينما يتولى آخرون من السود دورا أقل شأنا في الأجهزة الفنية.

وقال “في الأجهزة الفنية التي نراها حول كرة القدم، ثمة ستيفن جيرارد (نجم ليفربول سابقا ومدرب رينجرز الاسكتلندي حاليا)، فرانك لامبارد (نجم تشيلسي سابقا ومدربه حاليا)، وفي المقابل نرى أمثال سول كامبل (نجم أرسنال سابقا ومدرب في الدرجة الإنجليزية الثانية) وآشلي كول (نجم أرسنال وتشيلسي سابقا، وعمل في الجهاز الفني لفريق درجة أولى)”.

وأوضح “نالوا جميعا شهادات التدريب التي تتيح لهم القيام بذلك على أعلى مستوى في الوقت عينه، لكن الاثنين اللذين لم يحصلا على الفرصة المناسبة هما لاعبان سابقان من السود”.

وتزايدت نعرة صيحات الاستهجان تجاه اللاعبين السود في المواسم الماضية، وكانت لافتة في السنة الماضية خلال تصفيات بطولة أمم أوروبا، ما أدى إلى تدخل الاتحادين الدولي لكرة القدم “فيفا” والاتحاد الأوروبي للعبة “يويفا” اللذين أقرا بضرورة اتخاذ إجراءات قاصية تجاه الجماهير بانتظار سن قوانين تجرم العنصرية داخل الملاعب.

وتعرض ستيرلينغ (25 عاما) إلى سلسلة من الإساءات العنصرية خلال دفاعه عن ألوان فريقه أو المنتخب الإنجليزي، وكان من أبرز الداعين إلى تشديد العقوبات بحق الأندية والدول التي يقوم مشجعوها بارتكابات كهذه.

وعلى غرار اللاعب الإنجليزي تطرّق نجم يوفنتوس باولو ديبالا إلى العنصرية التي عانت منها كرة القدم الإيطالية لاسيما خلال الموسم الماضي، وتكتسب مناهضتها زخما إضافيا في الفترة الحالية بعد التظاهرات ضد مقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد على يد شرطي في مدينة مينيابوليس.

ودعا الأرجنتيني إلى إيجاد حلول للعنصرية داخل كرة القدم وخارجها.

'