أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين في السودان – مصدر24

أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين في السودان

أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين في السودان

مراقبون يرجحون أن تستأنف المفاوضات خلال اليومين القادمين، ويرون أنه على الطرفين تجاوز حالة عدم الثقة في الآخر
الخرطوم – يعكس قرار المجلس العسكري الحاكم في السودان تعليق مفاوضاتهم مع قادة الحراك الشعبي الممثلين في تحالف “قوى الحرية والتغيير عن أزمة ثقة بين الجانبين، رغم أنّ الطرفين أظهرا رغبة جدية في التوصل إلى اتفاق.
وعبر تحالف الحرية والتغيير الخميس عن أسفه لقرار المجلس العسكري تعليق مفاوضاته معهم حول الفترة الانتقالية، متعهدين بمواصلة اعتصامهم أمام مقرّ القيادة العامة للجيش في العاصمة.
وكان من المفترض أن يعقد المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير مساء الأربعاء الجلسة النهائية للمفاوضات بشأن الفترة الانتقالية وتشكيل ثلاثة مجالس للسيادة والوزراء والتشريع لإدارة البلاد خلال هذه المرحلة.
لكن إطلاق نار مساء الأربعاء حول مكان اعتصام المتظاهرين في الخرطوم أدى إلى قيام المجلس العسكري الانتقالي الحاكم بتعليق الجولة الأخيرة من مباحثاته مع قوى الاحتجاج لمدة 72 ساعة لتهيئة المناخ للحوار، حسب بيان ألقاه الفريق عبدالفتاح برهان رئيس المجلس وبثه التلفزيون الرسمي.
ويصرّ تحالف الحرية والتغيير على استمرار الحراك الذي دخل شهره السادس رغم الأشواط الكبيرة التي قطعها في المفاوضات مع المجلس العسكري الذي أبدى حرصا على الوصول إلى تفاهم يرضي المحتجين.
ويرى مراقبون أن إصرار التحالف على موقفه يعود لتجارب سابقة مع المؤسسة العسكرية، وهم يخشون أن يؤدي إنهاء الاعتصام إلى تراجع المجلس العسكري عن تعهداته، والالتفاف على مطالبهم.
في المقابل فإن الإبقاء على هذا الاعتصام يشكّل فرصة لمعارضي التغيير لإرسال مجموعات من المندسين لخلق حالة من الفتنة بين المؤسسة العسكرية والمدنيين، وهو ما ترجم في إطلاق نار الأربعاء وقبله أعمال العنف التي اندلعت الاثنين وأدت إلى سقوط قتلى.
وجاء في بيان صدر عن قوى الحرية والتغيير الخميس “سيستمر اعتصامنا بالقيادة العامة وكافة ميادين الاعتصام في البلاد”. وأضاف أن “تعليق التفاوض قرار مؤسف ولا يستوعب التطورات التي تمت في هذا الملف”.
وجاء بيان برهان إثر إطلاق نار مساء الأربعاء في محيط اعتصام المتظاهرين أمام القيادة العامة للجيش، ما أدى إلى إصابة 8 أشخاص بجروح، بعد يومين من مقتل ستة أشخاص في المنطقة نفسها نتيجة إطلاق نار من مسلحين.

الإبقاء على الاعتصام يشكّل فرصة لمعارضي التغيير لإرسال مجموعات من المندسين لخلق حالة من الفتنة بين المؤسسة العسكرية والمدنيين

ودعا الجنرال المتظاهرين إلى “إزالة المتاريس جميعها خارج محيط الاعتصام”، وفتح خط السكة الحديد بين الخرطوم وبقية الولايات ووقف “التحرّش بالقوات المسلّحة وقوات الدعم السريع والشرطة واستفزازها”.
وبدأ الاعتصام أمام المقر العام للجيش السوداني في السادس من أبريل كاستمرار للحركة الاحتجاجية التي انطلقت في ديسمبر للمطالبة برحيل الرئيس عمر البشير، وقد أزاحه الجيش بعد خمسة أيام. ومنذ ذلك الحين يطالب المتظاهرون المجلس العسكري بنقل السلطة.
وأكد بيان الخميس للحرية والتغيير أن “خطوط السكة الحديد مفتوحة منذ 26 أبريل وقبل أي طلبٍ، وقد قررنا مسبقاً تحديد منطقة الاعتصام وقمنا بخطوات في ذلك (..) وبذلك تنتفي كل مبررات وقف المفاوضات من طرف واحد”.
وشهدت حركة المرور في وسط العاصمة السودانية الخميس انفراجا بعد ما تم رفع الحواجز التي أغلقت طرقا حيوية عديدة بقلب الخرطوم، خلال اليومين الماضيين.
وتم رفع الحواجز من شوارع الجمهورية والبلدية والمك نمر وأصبحت مفتوحة للسيارات والحركة المرورية، كذلك تم رفع الحواجز من شارع بنك السودان المركزي والذي يحد منطقة الاعتصام من الناحية الغربية.
وبالنسبة لشارع النيل الذي شهد إطلاق النار وإصابة بعض المواطنين والمتظاهرين، تمت إزالة المتاريس والحواجز من الناحية الغربية.
وكان تجمّع المهنيين طالب المعتصمين بالالتزام بخارطة الاعتصام الموضّحة. وقال في بيانه إنّ “الالتزام بهذه الخارطة يقلّل من إمكانية اختراق الثوار بأيّ عناصر مندسّة ويسهّل عمل لجان التأمين في السيطرة والتأمين”.
وصرح شاهد عيان ليل الأربعاء أنّه “تمّ بالفعل إزالة بعض الحواجز″ من المناطق الخارجة عن حدود الخارطة.
ويرجّح مراقبون أن تستأنف المفاوضات بين الجانبين مساء الجمعة أو السبت، معتبرين أن على الطرفين تجاوز حالة عدم الثقة في الآخر لاستكمال حل النقاط الخلافية.
وسجل مسار المباحثات تقدّماً مهماً منذ الاثنين، وكان من المتوقّع أن تتناول المباحثات الأخيرة تركيبة المجلس السيادي، إحدى المؤسسات الثلاث التي ستحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية التي اتفق الطرفان على أن تكون مدتها ثلاث سنوات.
وتشمل المفاوضات إنشاء مؤسسات تتولى مسؤولية التحضير لنقل كل السلطات إلى سلطة مدنية.
وسبق أن توصّل الطرفان إلى اتفاق على تشكيل مجلس سيادي، حكومة، ومجلس تشريعي لإدارة المرحلة الانتقالية.

'