أزمة دبلوماسية صامتة: لماذا تتشدد فرنسا في منح تأشيرات المغاربة – مصدر24

أزمة دبلوماسية صامتة: لماذا تتشدد فرنسا في منح تأشيرات المغاربة

الرباط- ما زالت فرنسا مستمرة في رفض منح التأشيرات لفئات مختلفة من المغاربة لدخول أراضيها بالرغم من أن المتقدمين كوادر في القطاعين العام والخاص، منهم مهندسون وأطباء وطلبة ووزراء سابقون، رغم توفر كل الشروط والضمانات التي تؤهلهم للحصول عليها، حيث أن المصالح القنصلية الفرنسية بالمغرب تستخلص معاليم التأشيرة، لكن يتم رفض ملفات كثيرة دون مبررات مقنعة.

ويقول مراقبون مغاربة إن هناك أزمة صامتة بين باريس والرباط عززها هذا الإجراء المتعلق بالتأشيرات وأيضا توجس باريس من تنويع المغرب لشركائه الإستراتيجيين وانفتاحه على العمق الأفريقي سياسيا واقتصاديا وروحيا.

فاطمة التامني: فرنسا تتجه نحو تقليص أعداد التأشيرات الممنوحة دون مبررات معقولة

وكانت فرنسا قد قررت في سبتمبر الماضي تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين والمغاربة بنسبة 50 في المئة والتونسيين بنسبة 30 في المئة، مبررة ذلك برفض سلطات بلدانهم إعادة رعاياها من المهاجرين الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن، بعدما تم الإعلان عن الترحيل من الأراضي الفرنسية.

وفي سؤالها الموجه إلى ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قالت فاطمة التامني، النائب عن تحالف فيدرالية اليسار، إن فرنسا تتجه نحو تقليص أعداد التأشيرات الممنوحة دون مبررات معقولة، وهو منطق يلفه الكثير من الغموض، خصوصا أمام تحصيل الرسوم ومبالغ ضخمة دون معالجة الملفات المطروحة.

وأكد الباحث المغربي في الشؤون الإستراتيجية والدولية المقيم بكندا هشام معتضد أن “هذا التوجه السياسي ذا الخلفية العقابية يترجم مدى الفشل الذريع للآلة السياسية الفرنسية في تدبير ملف الهجرة”.

وشدد معتضد في تصريح لـ”العرب” على أن “خيار التهديد والعقاب من أجل إيجاد حلول لملف الهجرة غير النظامية يؤثر بشكل كبير على صورة فرنسا الخارجية ويكرس نمطية ركاكة الإدارة الفرنسية في تصورات شعوب المنطقة”.

وحسب معطيات صادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية حصل المغاربة سنة 2020 على أكثر من 98 ألف تأشيرة دخول إلى فرنسا، مقابل 346 ألفا سنة 2019، وحوالي 303 آلاف سنة 2018، و295 ألفا سنة 2017.

وسبق لصحيفة “لوموند” الفرنسية أن أكدت في مقال لها تحت عنوان “الأمر لا يليق بفرنسا..” أن “الأمر يبدو كما لو أن سفارة هذا البلد في الرباط أقامت جدارا بين دولتين، يفرق بين العائلات”.

هشام معتضد: هذا التوجه السياسي ذا الخلفية العقابية يترجم مدى الفشل الذريع للآلة السياسية الفرنسية في تدبير ملف الهجرة

ولاحظت فاطمة التامني أن بعض مواعيد طلبات المتمدرسين تمتد إلى غاية شهر سبتمبر، متسائلة عن إجراءات وقف “الإهانات” التي يتعرض لها طالبو “الفيزا”، فضلا عن تقديمها للطلبة في آجال معقولة لتفادي تأخرهم عن الدراسة.

وفي الإطار ذاته أشار معتضد إلى أن أزمة التأشيرات، التي لا تعكس تطلعات مؤسسات دول المنطقة وعلى رأسها المغرب الراغب في الدفع بمقاربة “رابح رابح” في معاملاته السياسية والإستراتيجية مع فرنسا، ستدفع العديد من الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين إلى تغيير انطباعاتهم تجاه فرنسا فيما يخص طرح أو تفعيل برامج مستقبلية أو استثمارات مثمرة.

وكان الرهان قائما على الحكومة الجديدة بفرنسا لرفع تلك الإجراءات، حيث قال متابعون إنها كانت مرتبطة بسياقات انتخابية تهيمن عليها مواقف اليمين من الهجرة، وكان على ماكرون الظهور بمظهر صارم فيما يتعلق بمحاربة الهجرة السرية، خصوصا الأشخاص الذين لا يحملون أوراق الإقامة والأطفال القاصرين، ومع ذلك استمر هذا النهج رغم أنه قد يضر بجودة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والإنسانية بين فرنسا والمغرب بشكل خاص.

واستبعد خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن يكون لتوجه المغرب نحو أفريقيا دور في التوتر الصامت بين باريس والرباط.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “الوجود الاقتصادي المتنامي للمغرب في أفريقيا، ولاسيما غرب أفريقيا، لا يمكن أن ينظر إليه بارتياب من قبل فرنسا، وحتى لو كانت هناك منافسة بين البلدين في السوق الأفريقية، فإن هذا النوع من الأوضاع لن يؤثر سلباً على العلاقات السياسية المتينة بين البلدين”.

'