أزمة لبنان: المنتجات السوريةتحل محل الأوروبية – مصدر24

أزمة لبنان: المنتجات السوريةتحل محل الأوروبية

أزمة لبنان: المنتجات السوريةتحل محل الأوروبية

وفرت الأزمات اللبنانية الخانقة وخاصة شح العملات الأجنبية فرصة للاقتصاد السوري، الذي يعاني من العقوبات الغربية، لتصدير منتجات رخيصة إلى لبنان كبديل للمنتجات الأجنبية وخاصة الأوروبية، في ظل تراجع القدرة الشرائية لمعظم اللبنانيين.

بيروت – اضطر معظم اللبنانيين في الأشهر القليلة الماضية إلى تحويل أنظارهم إلى المنتجات السورية التي غزت السوق المحلية لعدم قدرتهم على تحمل أعباء تكاليف منتجات مماثلة ذات المنشأ الأوروبي في ظل الأزمة التي تعيشها بلادهم.

وباتت المنتجات السورية تجذب الكثير من التجار والمستهلكين في لبنان بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة مع مثيلاتها المستوردة من أوروبا.

ووجدت شريحة كبيرة من اللبنانيين في تلك المنتجات الأقل تكلفة، بديلا مناسبا خصوصا في ظل ما يعانيه بلدهم من أزمة مالية واقتصادية ألقت بظلالها على القوة الشرائية للمواطنين.

ونسبت وكالة أنباء شينخوا الصينية لأحلام، وهي مندوبة مبيعات بمتجر للكمبيوتر في بيروت، قولها “لقد استبدلت الكثير من مشترياتي بمنتجات سورية لأنني لا أستطيع شراء المنتجات المستوردة من أوروبا بعد الآن”.

وتساءلت “كيف يمكنني تحمل تكلفة شراء المنتجات الأوروبية المنشأ مع خفض راتبي إلى النصف وارتفاع الأسعار بأكثر من 40 في المئة في بعض الحالات؟”.

وفي ظل الأزمة التي يعيشها لبنان، تراجعت وتيرة استيراد المنتجات الأوروبية بسبب شح العملة الأجنبية وارتفاع أسعار تلك المنتجات المقومة باليورو أو بالدولار وسط تراجع قيمة العملة المحلية.

ودفعت الأزمة الكثير من الشركات والمؤسسات الى الإقفال أو إلى تخفيض رواتب موظفيها وتقليص ساعات العمل أو تسريح عدد كبير من العمال.

وقال أمجد، الذي يعمل في مخبزة في العاصمة بيروت، إن “راتبي الذي أتقاضاه بالليرة اللبنانية انخفضت قيمته بشكل كبير بعدما ارتفع سعر الدولار في السوق اللبنانية”.

وأوضح أنه يشتري المنتجات سورية الصنع بسعر أرخص بشكل ملحوظ من المنتجات المحلية أو الأوروبية.

إقبال واسع على المنتجات السورية، التي يدخل بعضها بطرق غير قانونية، بسبب انخفاض أسعارها

ويركز المستهلكون اليوم على منتجات منخفضة السعر بغض النظر عن مصدرها. ويؤكد رئيس جمعية أصحاب المتاجر الكبرى نبيل فهد أن هناك ميزة كبرى للمنتجات السورية بسبب أسعارها المنخفضة مقارنة بغيرها.

وأوضح أنه لا تتم إضافة ضريبة القيمة المضافة على هذه المنتجات إذا دخلت البلاد بطريقة غير رسمية، لكن ما يتم إدخاله منها إلى البلاد بشكل قانوني يتم تحميله بهذه الضريبة.

وتوجد المنتجات السورية في الغالب في محلات البقالة الصغيرة والطلب عليها في تزايد في الآونة الأخيرة بسبب تقلص القدرة الشرائية لدى الناس.

وقال فهد لشينخوا إن “انخفاض سعر الليرة السورية مقابل الدولار جعل المنتجات السورية تتمتع بجاذبية لدى التجار اللبنانيين مع انخفاض الليرة اللبنانية بدورها مقابل الدولار ونقص العملة الأجنبية في البلاد”.

وتتنوع المنتجات السورية في لبنان ما بين مواد غذائية وأقمشة وملابس. وقال التاجر السوري أحمد عرفات إنه يبيع منتجات سورية بالجملة لأصحاب المخازن اللبنانية التي يجول عليها بسيارة نصف نقل محملة بالأقمشة والقطنيات والملابس الداخلية والأدوات المنزلية.

وأكد عرفات لشينخوا أن الطلب كبير في السوق اللبنانية على هذه الأصناف، إضافة إلى المنتجات البلاستيكية والصناعات الغذائية ومواد التنظيف ومساحيق الغسيل.

وأوضح أن البضائع التي يبيعها تدخل لبنان بشكل قانوني ويتم تسديد الرسوم عليها، لكن هناك منتجات سورية تدخل إلى لبنان بطرق غير شرعية.

وعبّر عرفات عن اعتقاده بأن التهريب الحاصل لا يهدف في حقيقته إلى التهرب من الرسوم بقدر ما يستهدف كسب الوقت.

وأشار إلى أن إجراءات دخول الشاحنات عبر المعابر الحدودية تأخذ وقتا ليس بقليل مما يؤخر وصول البضائع ويزيد من تكلفة النقل. ولا يعد انخفاض قيمة الليرة اللبنانية السبب الوحيد وراء ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة.

ويعتقد ممثل قطاع التجارة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي اللبناني عدنان رمال أن نقص السيولة بالعملة الأجنبية هو سبب إضافي لارتفاع أسعار المنتجات المستوردة.

وأشار إلى أن الشح في العملة الأميركية في السوق المالي دفع المصارف إلى فرض قيود على عمليات سحب الدولار وعلى التحويلات الخارجية من قبل الأفراد والشركات.

وقال إن ذلك “دفع المستوردين لسحب ودائعهم من البنوك بموجب شيكات مصرفية مصدقة تأكيدا للملاءة حيث يتم صرفها في شركات الصرافة مقابل عمولة تصل إلى 30 في المئة من قيمة الشيك”.

وأكد أن المستوردين يحتاجون إلى هذه العملية ليتمكنوا من الحصول على أموال نقدية لاستخدامها في استيراد منتجاتهم والحفاظ على عملياتهم التجارية.

نبيل فهد: ضعف القدرة الشرائية أدى لارتفاع الطلب على السلع السورية

ويمكن للمستوردين أيضا فتح خط ائتماني بالأموال النقدية السائلة وتحويلها إلى دول أجنبية لدفع ثمن وارداتهم، لكن لا يمكنهم استخدام حسابات ودائعهم التي كانت متاحة في المصارف قبل الأزمة في لبنان.

ويؤكد رمال أن على المستوردين زيادة أسعارهم لتعويض الخسارة في ودائعهم، مشيرا إلى أن تركيز الناس على المنتجات السورية له ما يبرره خاصة أن بعض هذه المنتجات تدخل البلاد بطريقة غير قانونية مما يجعلها أقل سعرا من غيرها.

وتشتري محلات البقالة اللبنانية المنتجات السورية لأنها يمكن أن تدفع مقابلها شيكات للموردين الذين يمكنهم إيداع هذه الشيكات في حساباتهم المصرفية في لبنان.

وفي كثير من الحالات، يقبل الموردون السوريون الحصول على ثمن بضائعهم بالليرة اللبنانية.

وحث رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان زهير برو وزارة الاقتصاد على السيطرة على الأسعار التي خرجت عن نطاق السيطرة. وقال برو “لقد شهدنا زيادة في الأسعار بنسبة 40 في المئة في الأيام العشرة الماضية مقارنة بشهر سبتمبر 2019”.

وأضاف أن “محلات السوبر ماركت رفعت أسعارها على البضائع التي كانت في مستودعاتها وليس فقط على المنتجات المستوردة وسط غياب آليات السيطرة المناسبة من قبل الحكومة”.

وتجلت الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان بأقسى معالمها بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في البلاد في 17 أكتوبر من العام الماضي.

وتعهدت الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب، التي أطلقت على نفسها تسمية “حكومة مواجهة التحديات”، بخطة إنقاذ تمتد حتى ثلاث سنوات.

وتتضمن خطة الحكومة، التي حصلت على ثقة البرلمان الأسبوع الماضي، سلة إصلاحات شاملة تتناول تصحيح المالية والإدارة العامة ومكافحة الفساد والهدر والعمل على خفض الدين العام مع إجراءات تحفز الانتقال من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج.

وخلفت حكومة دياب حكومة سعد الحريري، التي استقالت في نهاية أكتوبر الماضي تحت وطأة احتجاجات مستمرة كانت اندلعت في لبنان في 17 أكتوبر مطالبة بحكومة اختصاصيين مستقلة قادرة على معالجة الوضعين السياسي والاقتصادي في البلاد.

'