أسعار الغذاء تواصل الانحدار لكن الإمدادات العالمية مهددة – مصدر24

أسعار الغذاء تواصل الانحدار لكن الإمدادات العالمية مهددة

روما – يشي تواتر انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية منذ مارس الماضي بأن ثمة بوادر انفراج يمكن أن تساعد الحكومات على كبح التضخم، الذي وصل إلى مستويات قياسية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ومع ذلك، تخفي انطباعات المحللين في طياتها مخاوف من أن تؤثر موجة الجفاف المستمرة في مناطق كثيرة من العالم على الإمدادات، مما سيجعل مؤشر الأسعار يتخذ منحنى صعوديا مرة أخرى.

 

ووفق تقرير صدر الجمعة عن منظمة الأغذية والزراعة “فاو”، فقد انخفض مؤشر الأسعار العالمية للسلع الغذائية في أغسطس الماضي للشهر الخامس على التوالي.

 

ومع هبوط أسعار أغلب السلع ابتعد المؤشر عن مستويات سبق وأن سجلها هذا العام، وكانت أعلى مستويات على الإطلاق، وذلك بعد أن ساهم استئناف تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية في تحسن آفاق الإمدادات.

جوزيف غلوبر: أحجام الإنتاج لا تزال أقل بكثير من المستويات الطبيعية

وبلغ مؤشر الفاو، الذي يتتبع السلع الغذائية الأكثر تداولا على مستوى العالم، 138 نقطة الشهر الماضي في المتوسط مقابل مستوى معدل بلغ 140.7 في يوليو.

وسجل المؤشر مستوى قياسيا بلغ 159.7 في مارس الماضي. ورغم ذلك، فإن قراءة أغسطس أعلى بنسبة 7.9 في المئة عن العام السابق.

وقالت فاو إن “مؤشر أسعار الحبوب انخفض 1.4 في المئة على أساس شهري في أغسطس في ظل إعادة فتح موانئ أوكرانيا، فضلا عن تأثر الأسعار بتوقعات حصاد القمح المواتية في أميركا الشمالية وروسيا”.

لكن مؤشر أسعار الذرة ارتفع 1.5 في المئة الشهر الماضي، بعدما قاد الطقس الحار الجاف إلى خفض توقعات الإنتاج في أوروبا والولايات المتحدة.

وتراجعت مؤشرات أسعار الزيوت النباتية والسكر ومنتجات الألبان واللحوم، مما يعكس تحسن الإمدادات.

وفي تقديرات منفصلة للعرض والطلب على الحبوب، خفضت فاو توقعاتها للطلب العالمي لإنتاج الحبوب خلال العام الجاري إلى 2.774 مليار طن، مقابل توقعات سابقة في مطلع يوليو بإنتاج 2.774 مليار طن.

وبحسب خبراء منظمة فاو، يمثل هذا تراجعا بنسبة 1.4 في المئة عن تقديرات الإنتاج لعام 2021.

وأرجعت فاو خفض تقديراتها لإنتاج الحبوب في عام 2022 إلى توقع تراجع إنتاج الذرة بسبب الطقس في نصف الكرة الشمالي، إذ من المنتظر أن يتقلص إنتاج الاتحاد الأوروبي بنسبة 16 في المئة عن المتوسط لخمس سنوات.

ومن المتوقع أن يتجاوز الاستهلاك العالمي للحبوب في 2022 – 2023 الإنتاج بمقدار حوالي 2.8 مليون طن، مما يقود إلى خفض متوقع في المخزونات العالمية بنسبة 2.1 في المئة عنها في 2020 – 2021، لتصل إلى 845 مليون طن.

وفي الوقت الذي يحتاج العالم بشدة إلى تجديد احتياطيات الحبوب، التي تقلّصت بسبب الاضطرابات التجارية في بحر البلطيق والطقس السيء في بعض أكبر مناطق النمو، أعلنت جولة لمسؤولي القطاع في الحقول الأميركية خلال الأسبوع الماضي عن نتائج مذهلة.

واعتبر التجار والمزارعون الذين كانوا أكثر تفاؤلا أن معاينتهم إيجابية قياسا لما تضمنته الحقول من أضرار جسيمة للمحاصيل، بسبب الحرارة الشديدة ونقص المياه.

عبدالرضا عباسيان: مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة حتى الشتاء القادم على الأقل، فإن أي نقص كبير في إمدادات الذرة سيكون له تأثير مدمر على قطاعي الأغذية والأعلاف

وتثير التوقعات الزراعية حتى مطلع 2023 القلق، حيث يواجه العالم نقصا في الإنتاج للعام الثالث تواليا لأول مرة منذ أكثر من عقدين، بسبب النينا، ما قد تكون له عواقب وخيمة تتعلق بالجفاف في الولايات المتحدة ومناطق المحاصيل الحيوية في البرازيل والأرجنتين.

والنينا هي ظاهرة مناخية تتعلق ببرودة المحيط الهادئ الاستوائي ويتسبب ذلك في ردة فعل من الغلاف الجوي فوقه.

ويساور جوزيف غلوبر، كبير الاقتصاديين السابق في وزارة الزراعة الأميركية، القلق بشأن إعادة بناء المخزونات في 2023 من قبل نتائج جولة تفقد المحاصيل هذا الأسبوع.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى غلوبر، الذي يعمل حاليا زميلا أول في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية في واشنطن، قوله “على الرغم من أن فتح موانئ أوكرانيا يعدّ مؤشرا جيدا، لكن أحجام الإنتاج لا تزال أقل بكثير من المستويات الطبيعية”.

ويراقب المتداولون دائما تنبؤات الطقس باهتمام، وزاد ذلك الاهتمام هذا العام، حيث أصبح كل مكيال حبوب مهما.

المحللون يحذرون من العبء المتزايد على الإنتاج الزراعي في السنوات القادمة نتيجة الاحتباس الحراري

وفي حين تراجعت أسعار الذرة والقمح وفول الصويا عن مستوياتها القياسية أو التي كانت قريبة منها في وقت سابق من العام الجاري، لا تزال العقود الآجلة شديدة التذبذب، وقد تؤدي مفاجآت الطقس السيء إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى حتى انتهاء موسم الحصاد.

وفي الوقت الذي يصعب فيه ربط تغير الطقس بنمط مناخي طويل الأجل، يحذر المحللون من العبء المتزايد على الإنتاج الزراعي في السنوات القادمة نتيجة الاحتباس الحراري.

وقال عبدالرضا عباسيان، محلل سوق المواد الغذائية والخبير الاقتصادي السابق في فاو، إن “مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة حتى الشتاء القادم على الأقل، فإن أي نقص كبير في إمدادات الذرة سيكون له تأثير مدمر على قطاعي الأغذية والأعلاف”.

'