ألمانيا تواجه المجهول بعد اعتزال أنجيلا ميركل – مصدر24

ألمانيا تواجه المجهول بعد اعتزال أنجيلا ميركل

برلين – مع اعتزال أنجيلا ميركل، مستشارة ألمانيا وسيدة الدولة البارزة وذات التأثير على الساحة الدولية، للعمل السياسي هذا العام، يتعين أن تجد ألمانيا شخصية تخلفها في إدارة شؤون البلاد، لكن الطريق لتحقيق ذلك لا يزال أبعد ما يكون عن الوضوح.

وأشاد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في مذكراته بالمستشارة الألمانية على كونها تتحلى بـ”صبر قوي لا يتزعزع”، ولكن مع بداية عام 2021، بدا أن هذا الصبر على وشك النفاد.

ميركل لن تترشح لإعادة انتخابها في الانتخابات العامة المقبلة بألمانيا، التي من المقرر إجراؤها في شهر سبتمبر القادم، وسيترك اعتزالها المستقبل السياسي للبلاد مفتوحا على مصراعيه في مرحلة مفصلية حاسمة.

وبعد تولي السلطة على مدار 16 عاما، عاصرت خلالها ثلاثة رؤساء أميركيين وأربعة رؤساء فرنسيين وخمسة رؤساء وزراء بريطانيين وسبعة مثلهم في إيطاليا، يمكن أن تتفوق ميركل على المستشار الراحل هيلموت كول بوصفه زعيم ألمانيا الأطول بقاء في سدة الحكم بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا يتوقف على المدة التي سوف تستغرقها محادثات التحالف.

ورغم أن سياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين، والتي اتبعتها ميركل في ذروة عام 2015، ربما أدت إلى إطلاق تصريحات الإشادة بها والثناء عليها، كانت هي القوة الدافعة لحزب البديل من أجل ألمانيا، الذي كان في السابق حزبا يمينيا هامشيا، ليصبح أكبر قوة معارضة في البلاد على مرأى ومسمع ورعاية ميركل.

وعلى الساحة الدولية، يستمد إرث ميركل قوته من مهاراتها الدبلوماسية البارعة، التي شوهدت في مؤتمرات القمم العديدة التي عقدها الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع.

تقول كونستانتس شتلتسنمولر، الزميلة البارزة بمعهد بروكينجز “ومع ذلك سوف تظل ميركل في الذاكرة بنفس القدر (من الاحترام)، لالتزامها بأسلوب التغيير التدريجي الذي غالبا ما يثير الغضب”.

ومع ذلك، يمكن أن تغادر ميركل وقد حققت نجاحا كبيرا، حيث ارتفعت شعبيتها وشعبية حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خلال 2020، غير أن حزبها لا يستطيع أن يعتمد على ما حققته من انتصارات سياسية.

يستمد إرث ميركل قوته، على الساحة الدولية، من مهاراتها الدبلوماسية البارعة، التي شوهدت في مؤتمرات القمم العديدة التي عقدها الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع

وقبل أن تتمكن ألمانيا من اختيار زعيم جديد، يتعين أن يختار حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي زعيما له، وتهدد عملية المحافظين الطويلة بشأن انتخاب قيادة الحزب، التي تسبب فايروس كورونا في إطالة أمدها، بزعزعة استقرار الحزب في وقت يتعين عليه أن يضع نصب أعينه جائزة 2021.

وتشغل أنغريت كرامب – كارينباور، وزيرة الدفاع الألمانية، حاليا منصب زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بعدما دعمتها ميركل كخليفة لها في عام 2018، لكن كرامب – كارينباور أعلنت في شهر فبراير الماضي أنها لن تترشح للمستشارية وتعهدت بتسليم مقاليد إدارة شؤون الحزب لمن سوف يترشح لهذا المنصب.

ولكن يتوقف مدى استمرار حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا كحزب الوسط وفق رؤية زعيمته ميركل حتى بعد رحيلها، على الشخصية التي يتم انتخابها لقيادته في انتخابات العام الحالي.

والمتنافسون الثلاثة ليحلوا محل كرامب – كارينباور، هم: فريدريك ميرز، وهو محام ورجل أعمال ثري، وأرمين لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الراين وستفاليا، الولاية الأكثر سكانا في ألمانيا؛ ونوربرت رويتجن، خبير السياسة الخارجية الذي تعهد بعلاقات أوثق مع الولايات المتحدة بينما يؤيد سياسة الابتعاد عن روسيا.

وسقطت مؤتمرات الحزب المقررة لانتخاب زعيم مرتين ضحية جائحة كورونا، وكانت المرة الأولى في شهر أبريل العام الماضي، وأعقب ذلك إلغاء آخر للانتخابات في شهر ديسمبر من نفس العام.

وبدلا من ذلك، سوف تجرى انتخابات قيادة الحزب عبر الإنترنت ويتم التصديق عليها لاحقا في تصويت عبر البريد، للالتفاف على القوانين الألمانية التي تمنع حزبا سياسيا من انتخاب زعيمه عبر الإنترنت بشكل كامل.

وحتى مع إجراء انتخابات الحزب الديمقراطي المسيحي، فإن زعيم الحزب في المستقبل ربما لا يحظى بالتأييد لأن يصبح المرشح لمنصب المستشار، مع الوضع في الاعتبار بأنه يتعين اتخاذ أي قرار في شأن ذلك بالتشاور مع الحزب الإقليمي الشقيق للحزب الديمقراطي المسيحي، وهو الاتحاد الاجتماعي المسيحي.

'