أموال المرشحين تحسم نتيجة الانتخابات اللبنانية القادمة – مصدر24

أموال المرشحين تحسم نتيجة الانتخابات اللبنانية القادمة

بيروت- اعترف رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات في لبنان نديم عبدالملك أن ظاهرة شراء الأصوات “آفة ستضرب نزاهة الانتخابات وشفافيتها وعدالتها”، في إشارة واضحة إلى أن الانتخابات المقررة في الشهر القادم لن تكون معبّرة عن صوت الشارع وقد لا تسمح بتغيير حقيقي يذهب بالوجوه الحالية التي يحمّلها الناس مسؤولية الأزمات التي يعيشها لبنان.

وقال عبدالملك إن فريقه لا يضم عددا كافيا للإشراف بشكل مناسب على التصويت ويمكن بسهولة شراء الأصوات، وإن المرشحين الذين لديهم المزيد (من الأموال والنفوذ) سيكون موقفهم أقوى بكثير.

وأضاف أن نزاهة الانتخابات أكثر شيء سيؤثر عليها هو شراء الضمائر خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وما تعانيه أغلبية الشعب اللبناني التي ترزح تحت خط الفقر، وتابع قائلا “يعني اليوم شراء الذمم سيكون على قدم وساق وهناك أناس كثيرون سيبيعون أصواتهم. هذه آفة ستضرب نزاهة الانتخابات وشفافيتها وعدالتها”.

ومن شأن هذا الاعتراف، الذي يصدر عن رئيس الهيئة التي تتولى الإشراف على الانتخابات، أن يحد من سقف الرهانات التي تبديها بعض الدول على حصول تغيير في لبنان. وهو ما يعني أن تشكيلة البرلمان القادم قد لا تكون نفسها بالنسبة إلى أسماء النواب، وإنما ستكون نسخة طبق الأصل من البرلمان السابق في تركيبة بنفس التوازنات الطائفية التي تجعل حزب الله اللبناني هو الحاكم الفعلي.

ويقول مراقبون لبنانيون إنه لا شيء سيتغير، فالبرلمان سيأتي في الغالب بأشخاص يعيدون نفس الخطاب، ويعيقون تشكيل المؤسسات طالما أنها لا تخدم مصالحهم، وهو ما يعني أن إخراج لبنان من أزماته والاستجابة للشروط التي تضعها المؤسسات المالية الدولية لأجل مساعدة لبنان، وكذلك إرضاء بعض الدول المانحة، كلها عناصر لا تهمهم بقدر ما تهمهم مصالح الجهات التي مولت صعودهم.

وتسببت الأزمة المالية الطاحنة التي يشهدها لبنان في خسارة الليرة 90 في المئة من قيمتها منذ 2019، وأصبح المواطنون عاجزين عن الوصول إلى ودائعهم بالعملة الصعبة والتصرف فيها، الأمر الذي أثر على كل شرائح المجتمع.

ومنذ ذلك الحين ستكون الانتخابات أول فرصة لاختيار نواب، في ظل الإحساس العام بالمرارة إزاء القيادات السياسية والشعور باليأس بعد ما حدث للبلاد.

نديم عبدالملك: نتوقع مخالفات أكثر من التي شهدها تصويت 2018

 

ويشعر بعض مراقبي الانتخابات بالقلق والتخوف من أن يتمكن المرشحون من تأمين الأصوات لصالحهم عبر توزيع الغذاء والوقود والاحتياجات الأساسية الأخرى التي لم تعد في متناول الكثيرين.

وتلك الظاهرة ليست جديدة؛ إذ رصد مراقبون من الاتحاد الأوروبي انتشروا في لبنان خلال الانتخابات البرلمانية السابقة عام 2018 وجود مؤسسات خيرية لها صلات بمرشحين وحشدت لهم الدعم بتقديم الرعاية الصحية وخدمات أخرى، وهو ما “يعادل شراء الأصوات”.

لكن إثر تزايد المحتاجين من المتوقع أن يزيد اعتماد الناخبين على مثل تلك الخدمات.

وقالت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات هذا الأسبوع إنها رصدت بالفعل مرشحين أو من يرتبطون بهم وهم يوزعون قسائم طعام في بيروت ويقدمون خدمات صحية في مناطق ناحية الشرق ويتبرعون بمولدات كهربائية لمدارس في الجنوب.

ويعني اتساع نطاق الفقر أن المرشحين بينهم فروق شاسعة في ما يتعلق بإمكانيات إدارة الحملات الانتخابية.

وقال عبدالملك “المرشح الغني يقدر على إدارة معركته والمرشح الفقير لا يقدر على القيام بمهام معركته الانتخابية، هذا مثال صارخ على عدم المساواة في الانتخابات”.

وهيئة الإشراف على الانتخابات التي يرأسها عبدالملك حاليا تأسست بموجب قانون الانتخابات لعام 2017.

ومهمة أعضائها (عددهم 11) هي مراقبة الحملات الانتخابية لضمان النزاهة والعدالة والالتزام بالحد الأقصى للميزانية، لكن ليس بوسع الهيئة معاقبة المخالفين بشكل مباشر.

وبدلا من ذلك بوسعها أن ترفع شكاوى إلى محكمة خاصة بالإعلام أو إلى النائب العام. ورغم ذلك قال عبدالملك إن تلك الشكاوى لم تسفر عن شيء في انتخابات 2018 التي كان يشرف عليها أيضا.

وعقب ذلك التصويت السابق أوصت الهيئة بعدد من الإصلاحات، منها تحويلها إلى كيان قانوني ومنحها ميزانية مستقلة عن وزارة الداخلية حتى تعمل باستقلال تام ماليّا وإداريّا، وفقا لما قاله عبدالملك.

لكن تلك الإصلاحات لم تطبق أبدا، ثم حلت الأزمة المالية. وأعلن لبنان عجزه عن سداد الديون السيادية في مارس 2020، وتواجه الحكومة صعوبات في توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

حتى مكتب عبدالملك نفسه نادرا ما تتوفر فيه الكهرباء من الشبكة العامة ويعتمد على مولد خاص يعمل من الثامنة صباحا حتى السادسة مساء. ويحاول هو والموظفون المغادرة في ذلك الوقت لتجنب أن يعلقوا في المصعد.

وميزانية الهيئة 3.5 مليار ليرة لبنانية (نحو 129 ألف دولار) بسعر صرف السوق وبما يشكل 60 في المئة فقط مما تم طلبه لها.

وتعتمد الهيئة بشكل كبير على برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي درب أكثر من 30 مراقبا وساعد على نقل معدات المراقبة إلى مقر الهيئة الذي قال عبدالملك إن وزارة الداخلية تأخرت في توفيره.

وأضاف أنه يتوقع حدوث مخالفات في العملية الانتخابية أكثر من التي شهدها تصويت 2018، لكن ليس بإمكانه فعل الكثير مع قلة التمويل وإجهاد الموظفين والصلاحيات المحدودة. وقال عبدالملك “نحن مكتوفو الأيدي، وإذا صح التعبير العين بصيرة واليد قصيرة”.

'