أيمن الظواهري.. عجوز مشوش العقل شتت فروع القاعدة – مصدر24

أيمن الظواهري.. عجوز مشوش العقل شتت فروع القاعدة

لم تكن الولايات المتحدة بحاجة إلى مضاعفة جهودها لمكافحة تنظيم القاعدة الإرهابي وما مثله من تهديدات كبيرة للأمن العالمي، خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. التنظيم قبل 19 عاما ليس هو نفسه بعد الهجمات الدموية، كان تولي أيمن الظواهري زعامة التنظيم كفيلا بتشتيت فروعه وبث الانقسامات وتفشي الانشقاقات في صفوفه. فكيف ساعد الظواهري في تشتيت الفروع عن الأصل؟ وكيف أثر ظهور داعش على شعبية القاعدة لدى الجهاديين؟

لندن – اعتقد قادة تنظيم القاعدة، الذي تأسس في الثمانينات من القرن الماضي، أن بإمكانهم تحقيق “الانتصار النهائي” في حربهم الشاملة على ما يطلقون عليهم بـ”العدو البعيد”، لكن ما جرى على أرض الواقع كان أشبه بزلزال دمر كل بنيان التنظيم المتطرف بعد قتل زعيمه أسامة بن لادن، وظهور تنظيمات أكثر تشددا وعنفاً على مستوى العالم.

كان قادة التنظيم المتطرف يعتقدون أن بإمكانهم الانتصار في معركة “إقامة دولة الخلافة” ضمن خطتهم المسربة التي كشفت عنها الإدارة الأميركية في العام 2015. وأدى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية إلى تشتيت القاعدة وتفتيت جماعاتها المنضوية تحت لوائها حيث انقسمت تلك الجماعات إلى كيانات موالية لأبي بكر البغدادي قبل قتله على أيدي القوات الأميركية في العام 2019.

وتسببت الحرب الأميركية المدمرة على أفغانستان في تحقيق أهدافها الرئيسية بضرب رمز مهم لتنظيم القاعدة اتخذه أسامة بن لادن لجمع الموالين والأنصار من حول العالم في مكان واحد، لكن تلك الحرب على الرغم من أنها بعثرت “حلم الإمارة الإسلامية”، إلا أنها جعلت القاعدة في كل مكان، كما ضاعفت من جهود مكافحة الإرهاب في دول العالم.

لم تخل السنوات التي تلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر وتداعيات الحرب العالمية على الإرهاب، من محاولات لدى التنظيم الإرهابي من إعادة صياغة نفسه في ضوء الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق. وكان فرعه الأقوى في تلك الفترة، تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، هو البذرة الأولى لبزوغ تنظيم أكثر تشددا وتدميرا وقتلا، ألا وهو تنظيم الدولة الإسلامية، الذي تمكن من بسط سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا.

قيادة ضعيفة

فروع تنظيم القاعدة

● القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي: تأسست عام 2006 في الجزائر قبل انتقالها إلى منطقة الساحل وغرب أفريقيا حيث انضمت جماعات إرهابية أخرى كما أنها تنشط أيضا في ليبيا.

● القاعدة في شبه الجزيرة العربية: أسست في العام 2009 باندماج فرعين إقليميين من المتشددين في اليمن والسعودية.

● القاعدة في شبه القارة الهندية: تأسست في العام 2014 وتعمل في أفغانستان وباكستان والهند وميانمار وبنغلادش. 

● جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”: تأسست باندماج جماعات مسلحة متشددة في مالي وغرب أفريقيا.

● حركة الشباب الصومالية: تدين بالولاء لتنظيم القاعدة منذ العام 2012 وتنشط في الصومال وشرق أفريقيا.

● هيئة تحرير الشام: تتشكل من مجموعات جهادية سورية تسيطر على مدينة إدلب شمال سوريا، وتعتبرها الأمم المتحدة والولايات المتحدة جماعة مرتبطة بـ”تنظيم القاعدة”.

● تنظيم “القاعدة” في مصر: يتكون من جماعات مرتبطة بالتنظيم المتشدد وتركز أنشطتها في سيناء.

يقول كولين كلارك، الأستاذ المساعد في معهد السياسة والإستراتيجية بجامعة كارنيجي ميلون، وأسفنديار مير الباحث في مركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفورد، في تقرير تحليلي، إن أيمن الظواهري لم يحقق الشهرة التي أثارها سلفه أسامة بن لادن، لسبب جزئي يعود إلى أن الولايات المتحدة لم تهتم بما يكفي لتركيز الانتباه عليه.

ويوضح الباحثان في تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أن الإدارة الأميركية شعرت باللامبالاة نسبيا بشأن تنظيم القاعدة منذ تولي الظواهري زمام الأمور في العام 2011.

ويرى بعض المحللين أن الظواهري، وهو على قيد الحياة قد ألحق ضررا بالقاعدة أكثر مما يمكن أن يلحقه به وهو قتيل.

وكانت الإدارة الأميركية قد رصدت مكافأة قدرها 25 مليون دولار مقابل رأس أيمن الظواهري، وهي أعلى مكافأة تم عرضها مقابل الإطاحة بأيّ إرهابي آخر في العالم.

ويرى الباحثان أن الاستنتاج بأن القاعدة تضررت تحت قيادة الظواهري لا يتوافق مع المسار الأخير للجماعة المتطرفة، فعلى الرغم من أن التنظيم لم يعد قادرا على تكرار هجوم مثل الذي وقع في الحادي عشر من سبتمبر 2001، إلا أن القاعدة تحتفظ بفروع لها في مناطق عبر أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.

ورغم أن زعيم القاعدة الحالي لا يتمتع بكاريزما ومواصفات الشخصية المتوقعة، فإنه لا يقل خطورة عن بن لادن بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

واستطاع زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن نسج علاقات قوية مع جماعات تدين بالولاء والبيعة للتنظيم في فروع مثل اليمن والصومال وشمال أفريقيا، إلا أن الأمر بدا مختلفا مع الظواهري الذي بدا التمرد على قراراته واضحا في أكثر من مناسبة وهو الأمر نفسه الذي ساهم في توسيع دائرة المؤيدين لتنظيم الدولة الإسلامية.

ويسلط المحللان الضوء على حقائق أساسية لا جدال فيها بشأن شخصية الظواهري، حيث أنه يكرر نفسه في خطب طويلة وملتوية. وبالمقارنة مع بن لادن فإن الظواهري يتسم بضبط النفس في إستراتيجيته العملياتية ومتصلب في أسلوب إدارته.

وتبنى الظواهري قيام القاعدة بدور أكثر ثباتا وأقل لفتا للأنظار بعد مقتل بن لادن وتشديد الخناق على التنظيم في مناطق نفوذه التقليدية، وعمل زعيم التنظيم المتطرف على مهمة الحفاظ على الطليعة الجهادية من خلال الوحدة والسياسات الحذرة، وهو نهج لا يحظى بجاذبية وسط مجموعات الجهاديين الجدد الأصغر سنا.

انشقاقات وانقسامات

بيعة ثم انشقاق
بيعة ثم انشقاق

يلفت الباحثان كولين كلارك وأسفنديار مير إلى الانشقاق، الذي وقع بين تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، أقوى فروع التنظيم في سوريا، باعتباره رمزا لعجز الظواهري في القيادة. كما أدى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، في أعقاب مقتل بن لادن، إلى فرض نفسه كقائد للجهاد العالمي، وأصبح الطفل الجديد في الكتلة الذي تفوّق على أسلافه، وهذا ليس فقط بسبب زلات إدارة الظواهري، ولكن أيضاً بسبب إخفاقاته في تطوير أيديولوجية جهادية يمكن أن تضاهي تركيز داعش على الدولة الإقليمية والعنف الشديد.

ويرى الباحثان في تقريرهما أن نقاط الضعف الظاهرة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري ساعدت في نهاية الأمر قضية التنظيم، خاصة عندما كان العالم يركز فقط على تنظيم الدولة الإسلامية، فالظواهري يكره “بناء الدولة”، وهو الموقف الذي كان يحمي التنظيم ويوفر له بعض الراحة النسبية، بعد أن أصبح داعش هدفا مباشرا لجهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب حول العالم.

ومنذ تكثيف الولايات المتحدة لضرباتها ضد أماكن وجود تنظيم داعش في العراق وسوريا، تحسن تماسك الجماعات التابعة للقاعدة وحلفائها. وعلى الرغم من أن القاعدة تعرضت في البداية لضغوط هائلة بسبب الانشقاقات والانقسامات، إلا أن قيادته تمكنت من إدراك الفرصة الإستراتيجية للتركيز على السياسة الداخلية والقضايا المحلية.

أيمن الظواهري وهو على قيد الحياة ألحق ضررا بتنظيم القاعدة المتطرف أكثر مما يمكن أن يلحقه به وهو قتيل

وعمل زعيم القاعدة الحالي على منع انشقاق قياديين بارزين في التنظيم بمن فيهم سيف العدل وأبومحمد المصري، وهما من قدامى قياديي القاعدة ومرشحان محتملان لزعامة التنظيم مستقبلا. والاثنان تتهمهما الولايات المتحدة بالوقوف وراء هجمات السفارتين في نيروبي ودار السلام في 1998.

ويقول كلارك ومير في هذا السياق إن “استمرار طاعة سيف العدل للظواهري كان أمرا لافتا للنظر” في ضوء الانشقاقات والانقسامات داخل التنظيم، خاصة أن العدل يعرف داخل القاعدة بأنه يتمتع بعقلية مستقلة نسبيا وانتقد حتى قرارات بن لادن.

ويرى الباحثان أن دعوة الظواهري للوحدة وعدم اهتمامه بشكل عام بالمزايدة في العنف مكن التنظيم من تصوير نفسه أمام مؤيديه على أنه الجبهة الجهادية الأكثر موثوقية في مواجهة داعش.

وركز زعيم تنظيم القاعدة الحالي على استخدام الميول التكفيرية لتنظيم الدولة الإسلامية وهوس هذا التنظيم بالعنف البشع لإعادة صياغة الصورة المشهورة عن القاعدة. وبصورة لا تصدق تمكن التنظيم المسؤول عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر من التموضع ككيان معتدل في الوسط الجهادي السني.

وبذلك كان زعيم القاعدة يسعى للحد من الانشقاقات داخل تنظيمه، بعد المنافسة العلنية مع داعش، حيث انتزع تنظيم الدولة زمام القيادة من فروع القاعدة وانشق أفراد من القاعدة في أفغانستان وسوريا والعراق واليمن وشمال أفريقيا.

'