أين تضع الأسر التونسية أبناءها من ذوي الاحتياجات الخاصة – مصدر24

أين تضع الأسر التونسية أبناءها من ذوي الاحتياجات الخاصة

أدى التأخر في فتح عدد من المؤسسات الحاضنة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في تونس إلى تذمّر عدد من الأسر، التي باتت عاجزة عن الاهتمام بأطفال يحتاجون إلى رعاية مضاعفة، نظرا لافتقارهم إلى عدد من مهارات التواصل الاجتماعي، مقارنة بأترابهم من الأطفال الطبيعيين، ممّا انعكس سلبا على حالتهم النفسية وسلوكهم، وكذلك على التوازن الأسري داخل العائلة.

تونس ـ ألقت جائحة كورونا بظلالها على عدد من المؤسسات التربوية في تونس وأدت بطريقة أو بأخرى إلى التأخر في فتحها نظرا إلى عدم استعدادها على أكمل وجه لاستقبال طلابها، خوفا من تفشي العدوى.

وتعدّ المؤسسات الحاضنة للأطفال ذوي الاحتياجات الخصوصية متنفسا للعائلات التي يوجد بها طفل يشتكي من طيف التوحد أو من إعاقة ذهنية ما سبّب له تأخرا في النطق أو المشي، لوجود مختصين بها يجيدون التعامل مع هذه الشريحة من الأطفال، لذلك يخلق التأخر في فتحها إشكالا أمام العديد من الأسر التي تجد نفسها عاجزة لوحدها عن الاهتمام بهم.

وتعتبر ريم ذات الخمس وأربعين سنة وأم الطفل سليم البالغ من العمر 7 سنوات الحامل لإعاقة ذهنية خلفت له مشكلا في النطق، واحدة من الأمهات اللواتي عجزن عن وجود فضاء يودعن به أطفالهن.

وقالت ريم لـ”العرب” إنها بحكم ذهابها إلى العمل يوميا لا تقدر أن تترك ابنها لوحده مع جدته العجوز لأنها لا تستطيع التعامل معه نظرا إلى أنه لا يجيد الكلام، ولا يمكن أن تفهم إشاراته أو سلوكه. وأضافت، أن الوضع الدقيق الذي يستلزم رعاية خاصة بالطفل مثل وضع المعقم كلما لمس سطحا أو جدارا، أو مسك “الروموت كنترل”، والغسل المتكرر لليدين يوميا، خوفا من انتقال فايروس كورونا، عقّد المسألة.

واختارت ريم أن تودع ابنها لدى جارتها التي خصصت منزلها لاحتضان أطفال فاقدي السند ولا عائل لهم كحل مؤقت، في انتظار أن تفتح المؤسسة الخاصة والكائنة غرب العاصمة أبوابها لاحتضان روادها من جديد.

بدورها اشتكت بسمة البوغانمي من طول الفترة التي قضاها ابنها المصاب بالتوحد في البيت مما زاد انغلاقه على نفسه.

وقالت بسمة إن ابنها بحكم حالته المرضية حيث إنه كثير الحركة قليل الانتباه لا يمكن التواصل معه بسهولة، مشيرة إلى أنها عانت الأمرّين خلال فترة الحجر الصحي الإجباري التي امتدّت لحوالي ثلاثة أشهر، وهي ليست مستعدة لأن تعيش نفس التجربة. ودعت إلى الإسراع بفتح مراكز إيواء أطفال التوحد، متفهمة خوف المسؤولين على صحة الأطفال.

من جهتها دعت، الجمعية التونسية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، السلطات المعنية إلى التدخل من أجل “فتح المؤسسات التي تستقبل الأطفال ذوي الاحتياجات الخصوصية وضمان تواصل الخدمات المسداة”.

ونبهت الجمعية، في بلاغ لها، إلى “أن تواصل غلق مثل هذه المؤسسات من شأنه أن ينعكس سلبا على حالة الأطفال النفسية وسلوكهم الاجتماعي، وكذلك على التوازن العائلي” معبرة عن ارتياحها لإقرار “العودة المدرسية في موعدها نظرا لأهميتها بالنسبة إلى التوازن النفسي للطفل ونموه المعرفي”.

مراكز التربية المختصة تفتقر للمستلزمات الوقائية لمجابهة جائحة كورونا و الوقاية تتعدى التطهير والتعقيم

وأكدت الجمعية على “أهمية استمرار مزاولة الدراسة دون انقطاع حتى نضمن تحقيق التوازن النفسي للطفل في علاقة بالمدرسة والمعرفة”، مشيرة إلى أن “كل المعطيات العلمية والوطنية والدولية حول الوباء أقرت بضعف درجة خطورة توافد الأطفال على الوسط المدرسي وذلك على صحة الطفل والمربي على حد سواء.

كما أوصت الجمعية التونسية لطب الأطفال بعودة جميع الأطفال إلى المدارس بشكل عادي ودون انقطاع، داعية في المقابل التلاميذ والمربين والإداريين إلى احترام قواعد الوقاية الصحية المضبوطة للتوقي من انتشار فايروس كورونا المستجد.

ولاحظت الجمعية أن الانقطاع عن التعليم منذ مارس الماضي بسبب تفشي وباء كوفيد – 19 له انعكاسات نفسية واجتماعية عديدة، مشيرة بالخصوص إلى تزايد الحوادث المنزلية وارتفاع نسب العنف وحالات الانتحار والانحراف، إضافة إلى فقدان مكتسبات التعلم وتفاقم اللامساواة الاجتماعية والتربوية.

وأكدت أن الأطفال أقل من 10 سنوات نادرا ما يساهمون في نقل المرض، مشيرة إلى أن تسجيل مصادر عدوى بفايروس كورونا بأقسام طب الأطفال أمر نادر أو هو استثنائي مقارنة بفئة الأطفال ما فوق 10 سنوات.

وأضافت أن الطفل المعرض للعدوى يصاب بالمرض بدرجات أقل من الشخص الراشد، مبينة أن الأطفال المصابين بكوفيد – 19 غالبا ما لا تظهر عليهم أعراض المرض، كما أن الحالات التي تطلبت إيواء أطفال مصابين بالمستشفيات في تونس نادرة.

وحسب الإدارة العامة للنهوض الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية يبلغ عدد الأطفال المصابين بالتوحد في تونس 6000 طفل بمعدل طفل من بين كل 228 طفلا سليما.

وتضم تونس 6 مراكز حكومية للتربية المختصة بجميع أنواع الإعاقات، كما تضم 22 مركزا خاصا للتوحد، توفر الرعاية لنحو 750 طفلا مصابين بدرجات متفاوتة.

وأكد يسري المزاتي رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخصوصية أن مراكز التربية المختصة تفتقر في الوقت الحالي إلى مستلزمات الوقائية لمجابهة جائحة كورونا، معتبرا في تصريح لوكالة تونس إفريقا للأنباء، أن مسألة الوقاية تتعدى تطهير وتعقيم المراكز بل تكمن في وضع استراتيجيات تتماشى مع تطور الفايروس.

ودعا إلى ضرورة تكوين المربين بمراكز التربية المختصة في تقنيات التدريس عن بعد في حال لم يلتحق التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخصوصية بمراكزهم في حال تطور الوضع.

وأشار المزاتي إلى أن البروتوكولات التي وضعتها وزارة الصحة للتوقي من الفايروس لم تتضمن آليات خاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية.

'