إدارة بايدن تخلط أوراق سد النهضة من بوابة المساعدات لإثيوبيا – مصدر24

إدارة بايدن تخلط أوراق سد النهضة من بوابة المساعدات لإثيوبيا

واشنطن – أظهرت سياسة الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب انحيازا إلى مصر بشكل واضح في النزاع المستمر حول سد النهضة، حيث عملت على الضغط على إثيوبيا لإجبارها على التوصل إلى تسوية مع القاهرة والخرطوم من خلال قطع جزء من المساعدات، لكن يبدو أن الأمور تنقلب إلى مسار آخر مع الرئيس جو بايدن.

وعلى مدار الأشهر الماضية، أبدت واشنطن ميلا كبيرا لصالح القاهرة في تلك الأزمة المشتعلة، لدرجة أن تسريبات نشرتها تقارير أميركية في يونيو الماضي قالت إن ذلك قد يبلغ حد فرض عقوبات على أديس إبابا في حال لم تتوصل إلى تفاهم مع دولتي المصب بشأن ملء سد النهضة. وهو ما لم يحصل.

وفي خطوة يبدو أنها ستعيد خلط الأوراق مرة أخرى، أعلنت الإدارة الأميركية، الجمعة، إلغاء قرار حجب مساعدات كانت تقدمها واشنطن لإثيوبيا، على خلفية النزاع بين أديس أبابا والقاهرة حول سد النهضة، ما يعني أن المفاوضات بين تلك الدول بالإضافة إلى الخرطوم قد تدخل في منعطف جديد لا أحد يمكن التكهن بنهايته.

وقالت الخارجية الأميركية، في بيان، إن واشنطن “قررت فك الارتباط بين قرار حجب مساعدات بملايين الدولارات كانت تقدم لإثيوبيا، والنزاع مع مصر حول سد النهضة”، لكن واشنطن أبقت الباب مواربا حينما أكدت أن ذلك “لا يعني بدء تدفق المساعدات وقدرها 272 مليون دولار مخصصة لقطاعي الأمن والمساعدات التنموية بشكل فوري إلى إثيوبيا”.

وكانت الإدارة الأميركية السابقة قد خفضت في سبتمبر الماضي نحو 100 مليون دولار مساعدات لإثيوبيا وسط خلاف مع مصر والسودان بخصوص سد النهضة، الذي تبنيه أديس أبابا على نهر النيل.

وشددت الخارجية الأميركية على أن عودة المساعدات “ستعتمد على التطورات الأخيرة في إثيوبيا”، في إشارة إلى الصراع الدموي بإقليم تيغراي، شمالي البلاد.

هناك تعمد في رمي واشنطن الكرة بملعب أديس أبابا لتكون ورقة ضغط، وستنعكس ارتداداتها في القاهرة والخرطوم

وتمارس العديد من الدول، منها الولايات المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ضغوطا على إثيوبيا إثر القتال الدامي في تيغراي، حيث تم عزل نحو 6 ملايين شخص عن العالم منذ بدء القتال في نوفمبر الماضي بين القوات الفيدرالية الإثيوبية والقوات المتحالفة معها من جهة، والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من جهة أخرى.

ويقول مراقبون إنّ هناك تعمدا في رمي إدارة بايدن الكرة بملعب إثيوبيا، حتى تكون ورقة ضغط، والتي من المتوقع أن تنعكس ارتداداتها في القاهرة والخرطوم، كون الشروع في أي تحرك لملء خزّان السد قبل اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية سينطوي على مخاطر جسيمة على سكان دول المصب، بمعنى الاعتراف بوجود أضرار فعلية.

ويشي الموقف الأميركي بأن واشنطن قد تستأنف وساطتها في هذا الملف ولكنه من باب المقايضة، ومرجح ألا تجري مباحثات مع الدول الثلاث لتسهيل الوصول إلى اتفاق عادل ومنصف يحقق توازناً بين الجميع، وقد تتجه إلى استخدام كل أدوات الضغط المتاحة أمامها خدمة لمصالحها قبل الوصول إلى اتفاق مرض، يعتمد على التنازلات المتبادلة.

ويربط البعض الخطوة الأميركية بأنها تدخل في سياق إعادة رسم خارطة العلاقات الثنائية، حيث تجمع الولايات المتحدة وإثيوبيا علاقة وثيقة منذ فترة طويلة، والتي لفها الفتور نوعا ما في عهد ترامب، حيث تعمل أديس أبابا مع المسؤولين الأميركيين لمواجهة الإسلاميين المتشددين وخاصة في الصومال.

وتتفاوض الدول الثلاث منذ العام 2011 للوصول إلى اتّفاق حول ملء السدّ وتشغيله، لكنّها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في التوصّل لاتفاق. وتقول إثيوبيا إنّ الكهرباء المتوقّع توليدها من سدّ النهضة لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنموية في البلد الفقير البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.

غير أنّ مصر والسودان تقولان إنّ السد يهدّد تدفّق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق حيث بني السدّ، وقد تكون تداعياته مدمّرة على اقتصادهما ومواردهما المائية والغذائية، ولاسيما بالنسبة إلى مصر التي يؤمّن النيل 97 في المئة من احتياجاتها من المياه.

وكانت إثيوبيا تحفّظت سابقا على تدخّل أطراف أخرى في النزاع، لاسيما بعد محاولة وساطة قامت بها الولايات المتحدة، بناء على طلب مصر، وانتهت في فبراير العام الماضي إلى الفشل. واتّهمت أديس أبابا في حينها واشنطن بالتحيّز للقاهرة.

وتشدد مصر والسودان أيضاً على ضرورة التوصّل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق ومصالح الدول الثلاث وفق اتفاق إعلان المبادئ الموقّع في عام 2015 ومبادئ القانون الدولي، على أن يضمن آلية فاعلة وملزمة لتسوية النزاعات، لكنّ أديس أبابا ترفض هذا الأمر باعتبار أنّ السدّ ملك لها.

'