إدارة بايدن تستعجل أولى خطواتها السلبية في الخليج – مصدر24

إدارة بايدن تستعجل أولى خطواتها السلبية في الخليج

واشنطن – تحركت الإدارة الأميركية الديمقراطية الجديدة بأسرع مما توقع أكثر المتشائمين وعلقت مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات أقرب حليفين لواشنطن في الخليج، في حين أرسلت رسالة إيجابية لإيران والحوثيين يفيد فحواها بأنها بصدد مراجعة كل مواقف إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب منهما.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، عن تغيير شامل للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط تتضمن “مراجعة” الدعم العسكري لدول الخليج وأن استئناف الحوار مع إيران “سيستغرق بعض الوقت”.

وقال مسؤول في الوزارة إن واشنطن “علقت مؤقتا تنفيذ بعض العمليات القائمة لنقل وبيع معدات دفاع أميركية للسماح للمسؤولين الجدد بمراجعتها”.

يوسف العتيبة: صفقة أف - 35 تسمح للإمارات بالحفاظ على رادع قوي

وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية “إنه إجراء روتيني إداري تتخذه غالبية الإدارات الجديدة”، موضحا أن الغاية منه “أن تلبي عمليات بيع الأسلحة التي تقوم بها الولايات المتحدة أهدافنا الإستراتيجية”. لكن القرار يبقى مفاجئا لأنه يشمل خصوصا وقْف بيعِ ذخائر دقيقة وعدت بها السعودية ومقاتلات أف – 35 بيعت للإمارات.

وقال سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة في بيان على حساب السفارة في تويتر “ستعمل دولة الإمارات العربية المتحدة عن كثب مع إدارة بايدن من أجل التوصل إلى نهج شامل للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.

وأضاف أن “صفقة الأف – 35 تتجاوز بكثير بيع عتاد عسكري لشريك، مثل الولايات المتحدة، بل إنها تسمح لدولة الإمارات بالحفاظ على رادع قوي ضد العدوان. وهي تساعد، بالتوازي مع الحوار الجديد والتعاون الأمني، في طمأنة الشركاء الإقليميين”.

وكانت “وول ستريت جورنال” قد نقلت عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن الإدارة الجديدة بصدد مراجعة الصفقات التي تقدر بمليارات الدولارات مع الدولتين، والتي وافقت عليها إدارة ترامب.

وتتضمن المراجعة، وفقا للصحيفة الأميركية، مبيعات الصواريخ الموجهة للرياض إضافة إلى مقاتلات أف – 35 لأبوظبي.

وفي مقابل هذه المراجعات السلبية تجاه الحلفاء الخليجيين، أرسلت إدارة بايدن إشارات إيجابية إلى إيران بشأن الاتفاق النووي، وإلى حلفائها الحوثيين من خلال التعهد بمراجعة تصنيفهم جماعةً إرهابية، وهو التصنيف الذي قامت به إدارة ترامب وجعل الجماعة المرتبطة بإيران في وضع صعب.

ويقول مراقبون إن إدارة بايدن تظهر إلى حد الآن أنها ستسير على خطى إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما في الانفتاح على إيران والتغاضي عن أنشطتها المهددة للأمن الإقليمي، فضلا عن الانفتاح على قطر والجماعات الإسلامية المتشددة المرتبطة بها، ما يمثل إشارة سلبية قد تشجع الجماعات المناوئة للولايات المتحدة على استئناف أنشطتها وتهديد مصالح واشنطن وحلفائها.

واستثمرت إيران وقطر في التقرب من السياسيين الديمقراطيين على مدى فترة حكم الرئيس ترامب. وعملت شركات علاقات عامة، بشكل مباشر أو من خلال وسائل إعلام وناشطين، على جعل نظرة الديمقراطيين للسعودية سلبية، في حين تكفلت وسائل إعلام كبرى بتشويه صورتها على الرغم من السلسلة المستمرة من الإصلاحات الكبرى والعميقة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وسعى وزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكن إلى طمأنة الإيرانيين بأن العودة إلى الحوار أمر ممكن. وقال في أول مؤتمر صحافي له إن “الرئيس بايدن أوضح أنه إذا أوفت إيران مجددا بكل التزاماتها” باتفاق 2015 “فإن الولايات المتحدة ستفعل الأمر نفسه”.

هنري روما: إيران ليست أولوية قصوى عند إدارة بايدن في الملفات السياسية

وأضاف أن إيران “توقفت عن الوفاء بالتزاماتها على عدة جبهات. سيستغرق الأمر بعض الوقت إذا اتخذت هذا القرار، للعودة إلى المسار الصحيح، وسيستغرق الأمر وقتا حتى نتمكن من تقييم ما إذا كانت ستفي بالتزاماتها. ما زلنا بعيدين جدا عن ذلك. هذا أقل ما يمكن قوله”.

لكن المفاوضات ستكون شاقة على الأرجح لأن إيران تطلب العكس، وتريد أن تقوم واشنطن بالخطوة الأولى عبر رفع العقوبات الأميركية قبل أي شيء آخر.

ولم يوضح بلينكن الطريقة التي ينوي بها حل هذه المشكلة. وقد التقى، الأربعاء، نظراءه الفرنسي والبريطاني والألماني المتمسكين جدا بالاتفاق الإيراني.

وفي مقال له في مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، حث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بايدن على “إنهاء سياسة الضغوط القصوى الفاشلة التي تبناها ترامب والعودة إلى الاتفاق الذي تخلى عنه سلفه”.

وتضغط إيران بشكل واضح من أجل إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي من النقطة التي توقف عندها، ورفض أي شروط جديدة يمكن أن تضاف إليه، وخاصة ما تعلق بمناقشة دورها الإقليمي، ووقف سباقها نحو التسلح وتطوير الصواريخ الباليستية.

ولم ينف بلينكن أو يؤكد مساعي بلاده لإضافة شروط جديدة تخص دور إيران الإقليمي، كما لم يشر إلى قضية الصواريخ، واكتفى بالتأكيد على أن بلاده ستستخدم الحوار “كنقطة انطلاق لنبني مع حلفائنا وشركائنا ما أسميناه اتفاقا أكثر ديمومة ومتانة، للتعامل مع العديد من القضايا الأخرى التي تطرح إشكالية كبيرة في العلاقة مع إيران”، دون أن يضيف أي تفاصيل. غير أن بلينكن قال “لكننا بعيدون عن ذلك”.

ويعتقد محللون أن طهران تريد استثمار الليونة التي تبديها الإدارة الأميركية الجديدة لتحقيق مكاسب، من بينها الاعتراف بها كشريك إستراتيجي في الحوار حول قضايا المنطقة.

وعبر المحلل السياسي المختص بالشؤون الإيرانية في مجموعة أوراسيا، هنري روما، عن اعتقاده أن الإيرانيين أدركوا أنهم سوف يخوضون في قضايا أخرى ذات أولوية بالنسبة إلى بايدن، أبرزها كوفيد – 19 والاقتصاد الأميركي والمناخ.

وقال روما “عندما تدخل إيران عالم الشؤون الخارجية، تكون في المراكز الخمسة الأولى، لكنها ليست رقم واحد”، ما يعني أنها “ليست أولوية قصوى وتحاول رفع نفسها في القائمة”.

'