إسرائيل الخاسر الأكبر من تضرر العلاقات مع روسيا – مصدر24

إسرائيل الخاسر الأكبر من تضرر العلاقات مع روسيا

تمر العلاقات الإسرائيلية – الروسية بفترة حرجة بسبب مواقف حكومة يائير لابيد من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والتي استفزت الكرملين، ويرى مراقبون أن اندفاعة لابيد صوب دعم الموقف الأميركي خطوة غير حكيمة من جانبه قد تكلف تل أبيب ثمنا باهظا ليس فقط لجهة حل الوكالة اليهودية في روسيا، بل وأيضا إمكانية أن تعمد موسكو إلى حظر سلاح الجو الإسرائيلي في أجواء سوريا.

القدس- تكثف الحكومة الإسرائيلية من مساعيها لرأب الصدع الذي برز مؤخرا في العلاقة مع روسيا، والذي بات يهدد مصير الآلاف من اليهود الراغبين في الهجرة إلى إسرائيل، فضلا عن إمكانية تأثيره على التنسيق القائم بين تل أبيب وموسكو في الساحة السورية، وهي مسألة حيوية بالنسبة إلى الأمن القومي الإسرائيلي.

ولجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد إلى الرئيس إسحق هرتزوج للتدخل من أجل احتواء التوتر مع موسكو، لاسيما بعد رفض الكرملين مؤخرا استقبال وفد حكومي إسرائيلي لمناقشة توجه موسكو إلى حل أكبر منظمة يهودية غير ربحية في العالم.

وأجرى الرئيس الإسرائيلي الثلاثاء اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث ركز على العلاقات المتوترة بين البلدين.

وتسعى وزارة العدل الروسية لحل الوكالة اليهودية في روسيا بسبب انتهاكات مزعومة لقوانين الخصوصية، لكن الحكومة الإسرائيلية ترى أن دواعي سياسية تقف خلف التحرك الروسي، في ارتباط بموقفها من النزاع الجاري في أوكرانيا.

ديمتري بيسكوف: حل الوكالة اليهودية لا يستهدف منع هجرة الأدمغة إلى إسرائيل

 

واتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية السابق لابيد موقفا متشددا حيال روسيا من النزاع المتفجر في أوكرانيا منذ فبراير الماضي. ووجه لابيد إدانات للرئيس بوتين، واتهم موسكو بارتكاب جرائم حرب.

وردت وزارة الخارجية الروسية على الإدانات الإسرائيلية بالقول إنها تأسف “لاتخاذ إسرائيل موقفا غير بناء ومتحيزا بشأن الوضع في أوكرانيا في الأشهر الأخيرة”.

ويرى مراقبون أن تعاطي لابيد مع موسكو ولاسيما موقفه من الحرب الأوكرانية دفع على ما يبدو الكرملين إلى معاقبة الحكومة الإسرائيلية عبر ورقة الوكالة اليهودية، التي يدرك حجم أهميتها بالنسبة إلى إسرائيل.

ولا يستبعد المراقبون أن تقدم موسكو على خطوات جديدة بحق إسرائيل ومنها وقف التنسيق داخل الأراضي السورية حيث تشن إسرائيل بشكل متكرر ضربات جوية على أهداف إيرانية.

ويقول المراقبون إن الحكومة الإسرائيلية تجد نفسها ملزمة بالتحرك لاحتواء التوتر مع روسيا التي من الواضح أنها مستعدة للمضي بعيدا في عملية ابتزاز تل أبيب.

ويأتي اتصال الرئيس الإسرائيلي بنظيره الروسي قبل أيام من عقد جلسة للنظر في القضية المرفوعة من جانب وزارة العدل الروسية ضد الوكالة اليهودية.

وأفاد مكتب الرئيس الإسرائيلي بأن المحادثات مع بوتين كانت “صريحة وصادقة”، وأن الجانبين بحثا القضايا الثنائية، ومن بينها مشكلات اليهود في الشتات.

واستفاض الرئيس الإسرائيلي في الحديث عن أنشطة “الوكالة اليهودية”، المسؤولة عن التعامل مع الهجرة إلى إسرائيل، والتي كان هرتزوج رئيسا لهذه المنظمة قبل تولي منصبه.

وذكر مكتب هرتزوج أن “الرئيسين شددا على مجالات التعاون المهمة بين إسرائيل وروسيا، واتفقا على البقاء على تواصل”.

وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، هو الآخر، أن الاتصال تناول الوكالة اليهودية، نافيا صحة التقارير التي تشير إلى أن حل المنظمة هدفه الحيلولة دون هجرة العقول المتميزة من روسيا.

 

 سيرجي لافروف دعا في أوائل الشهر الماضي إسرائيل إلى الكف عن الغارات الجوية داخل الأراضي السورية

وكانت محكمة في موسكو عقدت جلسة استماع أولية في الثامن والعشرين من يوليو بخصوص إغلاق الفرع الروسي للوكالة اليهودية التي مكَّنت 16 ألف يهودي روسي من الهجرة إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية. وقررت المحكمة حينها تحديد يوم التاسع عشر من أغسطس الجاري موعدا لجلسة ثانية.

ونشأت الوكالة اليهودية لإسرائيل في روسيا في عام 1929، بهدف مدّ أواصر العلاقة والتعاون بين المجتمعات اليهودية وتجميع الشتات اليهودي من كلّ أنحاء العالم وخدمة مشروع العودة الصهيونية إلى فلسطين، وقد لعب الفرع الروسي للوكالة دورا بارزا في مساعدة أكثر من 238 ألف يهودي على الهجرة من روسيا منذ عام 1989، كما أشرف على هجرة 7760 يهوديا روسيا إلى إسرائيل في عام 2021.

وتقول وزارة الاندماج الإسرائيلية إن ما يقرب من 17 ألف شخص غادروا روسيا إلى إسرائيل منذ مطلع العام وحتى الآن، وهو ما يعادل ضعف العدد المسجل العام الماضي.

ويرى مراقبون أن توجه روسيا إلى حل الوكالة اليهودية سيشكل ضربة قاسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي ينتظره استحقاق انتخابي مصيري، مع بروز أصوات كثيرة داخل إسرائيل تتهم لابيد بالاندفاع خلف الأجندة الأميركية دون أن يقيم اعتبارا للمصالح الإسرائيلية العليا.

وبدأت الأصوات تجري مقارنات بين لابيد ورئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو الذي كان حريصا على الحفاظ على علاقات متينة مع الولايات المتحدة، حقق من خلالها إنجازات ثمينة لصالح إسرائيل بينها الاعتراف بالقدس عاصمة لها، دون أن يجازف بعلاقات بلاده مع روسيا.

وكان لابيد تجنب القيام بأي اتصال مع بوتين، على خلاف رئيس الوزراء الأسبق نتنياهو الذي كان دائم التواصل مع الكرملين، في المقابل لم يبادر بوتين إلى تهنئة لابيد على منصبه الجديد.

وشهدت العلاقات الروسية – الإسرائيلية خلال عهد نتنياهو تطورا ملحوظا ترجم في حجم التنسيق بينهما لاسيما في سوريا، والزيارات المتبادلة على أعلى مستوى.

وكان نتنياهو أكثر زعيم إسرائيلي قام بزيارات إلى روسيا طيلة السنوات الماضية، فيما يعكس إدراكا منه بأهمية الإبقاء على صلات قوية مع الكرملين.

ويقول المراقبون إن سياسة رئيس الوزراء الحالي باتت تهدد فعليا العلاقات مع روسيا، وحيث ستكون إسرائيل الخاسر الأكبر من ذلك، ليس فقط لجهة إمكانية حل الوكالة اليهودية بل وباقي المنظمات العاملة على الأراضي الروسية، فضلا عن أن الجيش الإسرائيلي سيجد إشكالا كبيرا في شن عمليات داخل سوريا، وهذا يشكل كابوسا له.

الحكومة الإسرائيلية تجد نفسها ملزمة بالتحرك لاحتواء التوتر مع روسيا التي من الواضح أنها مستعدة للمضي بعيدا في عملية ابتزاز تل أبيب

وذكر حساب إذاعة الجيش الإسرائيلي مؤخرا أن وزير الدفاع بيني غانتس صرح بأن روسيا فعّلت لأول مرة في سوريا منظومة الدفاع الجوي “إس – 30″، عقب غارة جوية إسرائيلية في سوريا.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد دعا في أوائل الشهر الماضي إسرائيل إلى الكف عن الغارات الجوية داخل الأراضي السورية، وذلك بعدما قصفت المقاتلات الإسرائيلية موقعا عسكريا إيرانيا بالقرب من القاعدة البحرية الروسية في ساحل طرطوس شمالي غربي سوريا.

'