إعادة ضخ النفط في ليبيا أمر وارد لكن عائداته لن تصب في طرابلس – مصدر24

إعادة ضخ النفط في ليبيا أمر وارد لكن عائداته لن تصب في طرابلس

وضع شيوخ وأعيان منطقة الهلال النفطي الليبي شرطا يتمثل في الإبقاء على عائدات النفط في حسابات المؤسسة الوطنية بالمصرف الليبي الخارجي، إلى حين استلام الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا السلطة في طرابلس، في خطوة تجعل إمكانية إعادة ضخ النفط واردة لكن عائداته لن تصب في العاصمة.

طرابلس – تُبدد الشروط التي يضعها أهالي منطقة الهلال النفطي التفاؤل الذي أبدته حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة الاثنين من أجل استئناف سريع لإنتاج النفط، وحتى إذا تم ذلك فإن عائداته لن تصب في العاصمة طرابلس.

ومن بين شروط شيوخ وأعيان الهلال النفطي بقاء عائدات النفط في حسابات المؤسسة الوطنية للنفط بالمصرف الليبي الخارجي، إلى حين استلام الحكومة الليبية الجديدة التي كلفها مجلس النواب ومنحها الثقة في الأول من مارس 2022 برئاسة فتحي باشاغا، لمهامها في طرابلس ما يعني أن عائدات هذا القطاع لن تصب في صالح الدبيبة.

وقالت وزارة النفط والغاز عقب اجتماع وزير النفط الليبي محمد عون بديوان الوزارة في طرابلس مع لجنة معالجة الإقفالات، إن اللجنة التي تعتبر في حالة انعقاد دائم استعرضت خلال اجتماعها مع عون “كل المعلومات والتفاصيل التي توصلت إليها من خلال التواصل مع الأعيان والوجهاء في المناطق المجاورة للعمليات النفطية، بعد الوقوف على أهم مطالبهم”.

وأضافت الوزارة في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك أن “أعضاء اللجنة أكدوا خلال إحاطتهم المقدمة إلى الوزير تجاوب الجهات التي تم التواصل معها، وأنهم بصدد الوصول إلى اتفاق نهائي يضع حدا لأزمة الإغلاقات المتكررة خلال الآونة الأخيرة”.

أهالي الهلال النفطي يشترطون للسماح بضخ النفط بقاء عائداته في حسابات المؤسسة الوطنية بالمصرف الليبي الخارجي

وشكل عون الثلاثاء الماضي لجنة تتولى التواصل مع الجهات المتسببة في الإقفالات بالمواقع النفطية، ومناقشتها ومحاورتها بغية إيجاد حلول سريعة لإعادة فتح النفط من جديد دون أي شروط.

لكن المؤسسة الوطنية للنفط التي يرأسها صنع الله الذي لديه خلافات قديمة متجددة مع عون، لم تعلن بعد عن إمكانية تشغيل الحقول النفطية قريبا.

وحاول عون مرارا توقيف صنع الله عن العمل. وأحيت حاجة الغرب إلى إمدادات طاقية إضافية من ليبيا مؤخرا الخلافات بين الرجلين، حيث يسعى رئيس المؤسسة الوطنية للنفط للاستجابة للمطالب الأميركية والأوروبية، بينما يرفض وزير النفط ذلك مصرا على ضرورة بقاء البلاد على الحياد إزاء الحرب الروسية في أوكرانيا رغم إدانة حكومته للغزو الروسي.

وفي المقابل، يزيد من تعقيد وضع حكومة الدبيبة المرتبط باستئناف إنتاج وتصدير النفط رفض أهالي منطقة الهلال النفطي الغنية السماح بذلك قبل تحقيق شروطهم.

ويرفض الدبيبة تسليم السلطة لحكومة “الاستقرار الوطني” برئاسة باشاغا ما يحيي المخاوف من عودة ليبيا إلى مربع الانقسام السياسي والمؤسساتي.

وقال المكتب الإعلامي لديوان حكومة باشاغا إن الأعيان والشيوخ أكدوا خلال اللقاء دعمهم للحكومة الليبية الجديدة “وتحفظهم على الفساد والهدر المستمرين للمال العام، في غياب توفير الخدمات الأساسية وعرقلة صرف الرواتب للمواطنين، خاصة في المنطقة الشرقية”.

وفوض شيوخ وأعيان المنطقة باشاغا لتمثيلهم في كل ما يحقق مطالبهم، فيما تعهد الأخير من جهته خلال اللقاء بمتابعة “ضمان بقاء العوائد المالية للنفط في حسابات المؤسسة لضمان الالتزام والشفافية، كما طالب المحتجون، إلى حين إقرار الميزانية واستلام الحكومة لمهامها”.

وأكد باشاغا في كلمته، خلال اللقاء مع شيوخ وأعيان الهلال النفطي، ضرورة “استئناف تصدير النفط وفق آليات قانونية منضبطة، تضمن نزاهة وشفافية إدارة الإيرادات النفطية بشكل عادل لكل الليبيين”.

وأعلن محتجون في مناطق شرق وجنوب ليبيا مطلع الأسبوع الماضي إقفال حقول وموانئ النفط، مطالبين بتسليم السلطة إلى باشاغا، وإحالة الدبيبة إلى التحقيق.

النفط الليبي ورقة ضغط داخلية لها تداعيات دولية

وأجبر ذلك المؤسسة الوطنية للنفط على إعلان حالة “القوة القاهرة” في ستة حقول نفطية، من بينها حقلا الشرارة والفيل جنوب غرب ليبيا، بالإضافة إلى ميناءين نفطيين هما البريقة والزويتينة، لتعذر إيفاء المؤسسة بالتزاماتها التعاقدية جراء الوضع المستجد.

وتسبّب الإغلاق في خسائر يومية بـ500 ألف برميل، ما يعادل نصف الإنتاج الليبي من النفط، إضافة إلى خسائر مالية يومية بنحو 60 مليون دولار.

وكان الدبيبة قد لوح في وقت سابق بالورقة الأمنية لردع المحتجين، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء في هذا الصدد حيث تقع الحقول والموانئ التي تشهد احتجاجات خارج سيطرة حكومته.

والاثنين طالب 40 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة الاستشاري الذي يسيطر عليه الإسلاميون، النائب العام بملاحقة المسؤولين عن إغلاق النفط.

الدبيبة يرفض تسليم السلطة لحكومة “الاستقرار الوطني” برئاسة باشاغا ما يحيي المخاوف من عودة ليبيا إلى مربع الانقسام السياسي والمؤسساتي

واتهم الأعضاء في بيان نشرته وسائل إعلام محلية قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر “بوقف تدفق النفط وسعر البرميل أكثر من 100 دولار”، مشيرين إلى أن “هذا الإغلاق الجديد للمنشآت النفطية يهدد قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها القانونية”.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون المشير حفتر يحاول الضغط على القوى الغربية للاعتراف بحكومة حليفه باشاغا مستغلا الوضع العالمي المتأزم، لكن هذه الخطوة تظهره كعدو لمصالح الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما يُفقده القبول الدولي به كجزء من معادلة الحل في ليبيا، خاصة وأن علاقته بروسيا متوترة منذ أن ضغطت كي تخرج قواته من جنوب طرابلس سنة 2020، في ما بدا أنه صفقة غير معلنة مع تركيا.

ويقول هؤلاء إن هذه الخطوة من حفتر قد تمثل ما يشبه الهدية المجانية للدبيبة الذي يحاول توطيد علاقاته مع الغرب، إذ تعتبر ليبيا البلد العربي الوحيد الذي صوّت لصالح تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان.

وتوتّرت علاقة الدبيبة بالولايات المتحدة وأوروبا في بداية توليه السلطة، حيث كانت الأخيرتان تراهنان على فوز قائمة فتحي باشاغا ورئيس البرلمان عقيلة صالح، في حين ينظر إلى حكومة الدبيبة على أنها نتاج صفقة روسية – تركية.

وباستثناء روسيا ومصر اللتين أعلنتا عن دعمهما للحكومة الجديدة، تقف الدول الإقليمية والمجتمع الدولي والبعثة الأممية على الحياد والنأي بالنفس عن الصراع بين باشاغا والدبيبة.

'