إعدام “الكتاكيت” يزيد غضب المصريين على الحكومة – مصدر24

إعدام “الكتاكيت” يزيد غضب المصريين على الحكومة

القاهرة – أحدثت مقاطع فيديو بثها البعض من مربي الدواجن في مصر على شبكات التواصل الاجتماعي وهم يقومون بعمليات إعدام جماعي لصغار الدواجن (الكتاكيت)، حالة غضب عارمة ضد الحكومة لعدم تدخلها في حل أزمة نقص الأعلاف مبكرا، ما تسبب في ارتفاع أسعار الدواجن والبيض بما يفوق قدرة البسطاء والطبقة المتوسطة.

وظهر عاملون في حظائر لتربية الدواجن وهم يتخلصون من الكتاكيت بوضعها في أجولة ثم يغلقون عليها منافذ التهوية كي تلقى حتفها سريعا، ما أحدث ضجة على مواقع التواصل وتحول إلى أزمة تشغل الرأي العام، في ظل حديث عن موجة ارتفاع جديدة في أسعار اللحوم عموما، وهو ما يجعل شراءها صعبا على شريحة كبيرة.

وعقد مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعا الأحد مع منتجي الدواجن ومسؤولي البنك المركزي لاستيعاب موجة الغضب الشعبي، وقال فيه “الحكومة تسعى إلى إيجاد حل عاجل للأزمة”، مبررا المشكلة بأن مصر جزء من العالم الذي تأثر جراء الأزمة الاقتصادية والحرب الروسية – الأوكرانية، ما أثر على الاستيراد.

 

خالد الشافعي: وزراء ينقصهم الوعي في كيفية إيجاد حلول جذرية
خالد الشافعي: وزراء ينقصهم الوعي في كيفية إيجاد حلول جذرية

 

وأظهر تراخي الحكومة في معالجة الأزمة منذ بدايتها أنها تعاني حالة من التخبط في تحديد الأولويات، لأن أصحاب مصانع الأعلاف ومربي الدواجن حذروا من وقوع أزمة منذ فترة، وطالبوا بضرورة تدخل الجهات المعنية في الدولة قبل أن يعلن العاملون في هذه التجارة إفلاسهم وتنهار صناعة الدواجن، لكن الحكومة لم تستمتع لأصواتهم.

ويرى مراقبون أن رعونة الحكومة في التصدي لمشكلات بسيطة في مهدها يحولها إلى أزمة تجلب نقمة الشارع عليها وعلى النظام الحاكم برمته، وهذا يرتبط بغياب حنكة المسؤولين، حيث يتعمدون ترحيل حل المشكلات لتحتد وتثير غضب الناس، ويأتي التدخل لمعالجتها من خلال مسكنات مؤقتة قد تطيل أمد الأزمة.

وعكست الحلول التي اقترحها رئيس الوزراء للتعامل مع أزمة نقص الأعلاف أن الحكومة لديها وسائل لمعالجة المشكلة ولا تتدخل في الوقت المناسب، ففور تصاعد غضب الناس ونشوب الأزمة لتصبح حديث الرأي العام تم الإفراج عن كميات كبيرة من الأعلاف المخزنة في الموانئ المصرية، وكانت بحاجة إلى اعتمادات بنكية.

وقال اتحاد منتجي الدواجن عقب لقاء رئيس الحكومة “ستكون هناك إفراجات أسبوعية لدعم العملية الإنتاجية والقضاء على السوق السوداء بصورة نهائية، وتم بالفعل الإفراج عن مستندات بقيمة 44 مليون دولار من بذرة فول الصويا المستخدمة في الأعلاف، ما يعادل أكثر من 60 ألف طن، على أن تكون هناك رقابة حكومية على عملية توزيع الأعلاف لمنع المضاربات لاحقا”.

وأوضح خالد الشافعي رئيس مركز العاصمة للأبحاث والدراسات الاقتصادية لـ”العرب” أن “الأزمة تتحمل مسؤوليتها الحكومة والتجار وأصحاب المصانع، فكل طرف لم يؤد دوره، وثمة وزراء ينقصهم الوعي في كيفية إيجاد حلول جذرية قبل احتداد المشكلة وتحولها إلى أزمة ثم كارثة، وبذلك توضع الحكومة في مواجهة أمام الرأي العام”.

وأضاف في تصريحات لـ “العرب” أن “الحكومة تعاني من عدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع مشكلات السوق وطريقة الخروج من الأزمات بأقل الخسائر، وهو ما يستغله أصحاب المصالح من تجار ومستوردين وصناع للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب، فإذا ارتفعت الأسعار عالميا بنسبة 50 في المئة ترتفع في مصر بما يوازي الضعف ولا تنخفض مرة أخرى”.

واتهم مواطنون الحكومة بالتخاذل أحيانا في حسم أمور بسيطة، تمس صميم احتياجات الناس، مشيرين إلى أنه لو تدخلت مبكرا وسمحت بالإفراج عن الأعلاف لما ارتفعت أسعار الدواجن والبيض في الأسواق إلى مستويات قياسية قد يصعب انخفاضها مرة أخرى.

من غير المتوقع أن تنتهي الأزمة قريبا في ظل تأكيد الاتحاد العام لمنتجي الدواجن أن استمرار هذه الصناعة يتطلب توفير 350 مليون دولار شهريا لشراء مستلزمات الإنتاج والأعلاف

وصارت واقعة إعدام الكتاكيت حديث الناس في مصر، وبرر البائعون رفع أسعار الدواجن بقلة المعروض، حيث وصل سعر الكيلو الواحد إلى ستين جنيها مصريا (حوالي ثلاثة دولارات) لأول مرة، ما يضاعف الأعباء على المواطنين الذين تمثل لهم لحوم الدواجن نحو 70 في المئة من البروتين الحيواني.

وتستورد مصر نحو 75 في المئة من الأعلاف والمواد الخام لصناعة الدواجن مقابل 25 في المئة فقط من الإنتاج المحلي، ما أدى إلى توقف 25 ألف مزرعة دواجن عن العمل بعد نفاد الأعلاف، بحسب تقديرات اتحاد منتجي الدواجن، مع أن الحكومة تتحدث عن امتلاكها بذورا تكفي لزراعة 150 ألف فدان من الأعلاف، لكن المزارعين لا يميلون إلى استخدام هذه المحاصيل.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعا الحكومة مؤخرا إلى الإسراع في عمليات الإفراج عن البضائع ومستلزمات الإنتاج من الموانئ، ولا يزال البعض من رجال الصناعة والمستوردين يشتكون من عدم الإفراج عن البضائع ومستلزمات الإنتاج، ما أدى إلى وقوع خسائر مالية فادحة للعديد منهم، انعكست مباشرة على أسعار السلع في الأسواق.

وتعاني مصر من أزمة طاحنة تتمثل في عدم توافر التمويل الدولاري للإفراج عن البضائع المخزنة في الموانئ، وتصر الحكومة على الاحتفاظ بالاحتياطي النقدي من الدولار في البنوك بأي طريقة، وباتت تواجه غضب الشارع ورجال الصناعة والمستوردين، ما يجعلها عاجزة عن إرضاء كل الأطراف والسيطرة على الأسواق.

ومن غير المتوقع أن تنتهي الأزمة قريبا في ظل تأكيد الاتحاد العام لمنتجي الدواجن أن استمرار هذه الصناعة يتطلب توفير 350 مليون دولار شهريا لشراء مستلزمات الإنتاج والأعلاف، وهو رقم ضخم مقارنة بالأزمة الدقيقة التي تعاني منها الحكومة لتوفير العملة الصعبة وغياب الحلول البديلة للحصول على منتجات محلية بدلا من الاستيراد.

وبدت الحكومة في تعاملها مع أزمة إعدام الكتاكيت غير مكترثة بخطورة العمل وفقا لرؤيتها الاقتصادية المتمثلة في أن تكون التنمية منصبة على البناء والتشييد دون التوسع في إنشاء مصانع واستصلاح أراض وتوسيع الرقعة الزراعية بشكل يسمح بتوفير المواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج بعيدا عن الاستيراد بالعملات الأجنبية التي أصبحت شحيحة.

'