إغلاق المبيتات وتخفيض عدد المقيمين يفاقم أزمة اللاجئين في تونس – مصدر24

إغلاق المبيتات وتخفيض عدد المقيمين يفاقم أزمة اللاجئين في تونس

أدى تزايد عدد اللاجئين في تونس إلى تردي وضعياتهم الاجتماعية والأسرية، حيث باتوا بعيدين عن التمتع بالخدمات الصحية والتعليمية. كما تم إغلاق المبيتات التي تؤويهم وتخفيض عدد المقيمين بها، ما أسهم في تفاقم الأزمة. ويحتج اللاجئون المقيمون في جنوب البلاد على تردي أوضاعهم وينوون نقل اعتصامهم إلى مقر مفوضية شؤون اللاجئين بالعاصمة.

تونس ـ يعيش اللاجئون في تونس ظروفا صعبة فاقمها تجاهل السلطات الرسمية لمطالبهم، فهم لا يصلون إلى الخدمات الصحية على غرار الصحة والتعليم ولا يجدون دعما ماليا ولا نفسيا ولا اجتماعيا.

وحمّل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين المسؤولية في نتيجة “الأزمة الإنسانية المتصاعدة في صفوف اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس بسبب غياب أي حوار أو نقاش معهم واختيار سياسة الأبواب المغلقة والتصريحات المستفزة لهم”.

واعتبر المنتدى، في بيان له، أن أداء المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تونس وتحديدا في ومحافظة مدنين (جنوب) ساهم في تعميق هشاشة وضعيتهم خاصة من النساء والأطفال، وذلك بالنظر إلى غياب المساعدات الكافية للاجئين وطالبي اللجوء والبطء في دراسة الملفات والقصور في الوصول للخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم والدعم القانوني وسبل العيش والدعم المالي والنفسي والاجتماعي.

 

وكشفت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن ارتفاع عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس إلى 6500 شخص بنهاية يناير 2021، مقارنة بـ6200 شخص في نفس الشهر من العام 2019، بينما ينتظر، وقتها، 1900 شخص آخرون التسجيل للحصول على اللجوء في البلاد.

غياب المساعدات الكافية للاجئين والبطء في دراسة الملفات وغياب الدعم المالي ساهمت في تعميق هشاشة وضعيتهم

 

وقالت نجية حفصة رئيسة قسم الشؤون القانونية والحماية في المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تونس، إن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد آخذ في الازدياد بسبب العديد من العوامل، وأشارت إلى الحاجة لإطار تشريعي أفضل لحمايتهم.

وأوضحت حفصة أن غالبية اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس من مواطني ساحل العاج وسوريا وليبيا وغيرها من دول جنوب الصحراء الأفريقية.

وأكدت أن “تونس تحترم الاتفاقيات الدولية، ولا تسلم اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية”، مشيرة إلى أن الحكومة التونسية صادقت على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وتشريعات حماية حقوق اللاجئين، لكنها انتقدت في الوقت ذاته عدم وجود إطار تشريعي يضمن حماية اللاجئين في تونس.

ويستمر، منذ التاسع من فيفري 2022، أكثر من 100 لاجئ في الاعتصام أمام مقر مفوضية اللاجئين، في مدينة جرجيس جنوب تونس، ويعتزم هؤلاء نقل احتجاجهم إلى المقر المركزي للمفوضية بتونس العاصمة.

 

ويأتي احتجاجهم إثر تبني المفوضية لسياسة غير معلنة بإغلاق المبيتات وتخفيض عدد المقيمين ودفع العديد منهم للمغادرة مقابل حلول بديلة لا تحقق الحد الأدنى من انتظاراتهم تحت مبرر غياب الدعم المادي، وفق ما أكده المنتدى في ذات البيان، مشيرا إلى أن “من ضمن المحتجين نساء وأطفال يعتصمون منذ أشهر في ظروف إنسانية مهينة دون تفاعل من الدولة التونسية الموقعة على معاهدة حماية اللاجئين”.

ودعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الدولة التونسية إلى تحمل مسؤولياتها المحمولة عليها بموجب معاهدة جينيف 1951 وبروتوكلها المعدّل 1967، مؤكدا على ضرورة تحيين القوانين الوطنية حتى تسهّل اندماج اللاجئين وطالبي اللجوء وصولا لإلى إطار قانوني للجوء وضرورة رسم استراتيجية وطنية مستدامة حول الهجرة تحترم المقاربات الإنسانية.

 

المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: ارتفاع عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس إلى 6500 شخص بنهاية يناير 2021، مقارنة بـ6200 شخص في نفس الشهر من العام 2019

وكان اللاجئون قد طالبوا بإجلائهم إلى بلد آخر. وقال اللاجئ السوداني أحمد بلهجة غضب خلال حديثه الهاتفي مع مهاجر نيوز “بات  الوضع في تونس لا يطاق.. لا حياة كريمة ولا مستقبل”. وأضاف أحمد البالغ من العمر 26 عاما أنه ليس لديهم مأوى وباتوا ينامون في الشارع بعدما أخرجتهم مفوضية اللاجئين قسرا من مساكنهم، مشيرا إلى أن مفوضية اللاجئين لم تسمح له بالبقاء في مركز إيواء ابن خلدون في مدنين. وعرضت عليه كحل بديل مبلغ 250 دينارا تونسيا شهريا لإيجاد منزل للإيجار بمفرده. لكن المبلغ، بحسب أحمد، لا يكفي وهو لمدة ثلاثة أشهر فقط، “لذلك رفضوا قبول هذا المبلغ”.

 

ويفترش المحتجون الشارع المقابل لمقر المنظمة الأممية المسؤولة عنهم. ينامون ويأكلون هناك، وهم مصممون على مواصلة اعتصامهم بعدما أخرجتهم المفوضية من مراكز إيواء وشقق سكنية، ويطالبون بإعادة توطينهم في بلد آخر. وقال نائب ممثل مفوضية اللاجئين في تونس لوران راغوين “سبب ذلك هو خفض ميزانية المفوضية السنوية (8.5 مليون دولار) بنسبة بين 30 إلى 40 في المئة، أمر جعلنا نقلص المساعدات المالية والمادية المقدمة لطالبي اللجوء واللاجئين”.

 

ويشير المسؤول الأممي إلى أن المنظمة طبّقت تلك الإجراءات على الأشخاص الذين كانوا يقيمون في مراكز مخصصة للمهاجرين الذين تنقذهم السلطات من البحر. ويذكّر بأن الإقامة في تلك المساكن لا يجدر أن تتجاوز ثلاثة أسابيع (باستثناء الفئات الهشة).

وقال “لسوء الحظ، يرفض البعض المغادرة، ولهذا طلبنا منهم مغادرة المكان والعثور على سكن بمفردهم. لدينا أولويات”.

 

نتيجة لذلك، تشرّد الكثير بعدما فقدوا أماكن سكنهم في مدن جنوب تونس، لاسيما صفاقس وجرجيس ومدنين وتطاوين، وتوجه أكثر من 100 شخص من جنسيات مختلفة إلى مقر المفوضية احتجاجا على ذلك علّهم يجدون حلا ينهي سنوات انتظارهم الطويلة.

 

قصور عائلات اللاجئين عن الوصول للخدمات الأساسية يصعب عليهم العيش

 

أربعة أعوام أمضاها اللاجئ الصومالي محمد وزوجته في تونس غير قادرين على إيجاد حياة مستقرة، قائلا “زوجتي متعبة وتعاني من مرض السكري، ورغم ذلك طردونا من مركز مدنين إلى الشارع”.

كما يبدو الوضع أكثر تعقيدا لعائلة رقيّة الليبية المكونة من تسعة أشخاص، فهم كانوا أول من توجه إلى مقر المفوضية بعد طردهم من مسكنهم في تطاوين منذ منتصف يناير الماضي.

 

وتقول الأم الأربعينية بحسرة “كيف سأصف لكم هذه الحياة مع أولادي السبعة ونحن مشردون هنا في الشارع؟ أوساخ وأمراض وانتظار طويل”. فبعد أن كانت تأمل هذه العائلة بإنهاء معاناتها، لجأت إلى تونس المجاورة بحثا عن مستقبل أفضل وتقول الأم “هربنا من ليبيا بعد أن عانينا الكثير واشتدت الحرب، إضافة إلى أننا محرومون من الكثير من حقوقنا لأننا من الطوارق”.

وتشعر سلمى الابنة الكبرى البالغة من العمر 22 عاما بأن الوقت باغتها والمستقبل بات كئيبا، قائلة “منذ قدومنا إلى تونس في العام 2019 ونحن نعيش ظروفا مريعة. ضاعت سنوات عمري دون جدوى. لم تتح لي فرصة حتى لإكمال تعليمي في المدرسة الثانوية”.

ويشتكي أحمد كغيره من سوء الظروف المعيشية، قائلا “نتعرض لمواقف عنصرية وتعامل مهين طوال الوقت، في الشارع، في المحلات التجارية، ولا نستطيع حتى إيجاد عمل”. وبعد أن أمضى أحمد 5 أعوام في تونس، حصل في العام 2020 على وضعية اللجوء لكن ذلك لم يحسّن من وضعه، ويقول “لم يتغير شيء بعد حصولي على بطاقة لاجئ. كل ما أتمناه هو أن أحصل على رد إيجابي لملف إعادة التوطين”.

'