إقالة سواريز تكشف تذبذب الأهلي في التعامل مع ملف المدرّبين – مصدر24

إقالة سواريز تكشف تذبذب الأهلي في التعامل مع ملف المدرّبين

بات نادي الأهلي المصري على وشك خسارة أهم مميزاته التي صنعت الفارق بينه وبين أندية أخرى داخل مصر وفي القارة الأفريقية بعد أن تخلى عن منظومته المنضبطة، ما انعكس على انعدام الاستقرار في عدد من الألعاب الرياضية، منها كرة القدم حيث تناوب على تدريب الفريق تسعة مديرين فنيين خلال ست سنوات، بينهم ثلاثة جاؤوا بصفة مؤقتة.

القاهرة – أقال مجلس إدارة الأهلي المدرب البرتغالي ريكاردو سواريز وجهازه المعاون، بعد شهرين فقط من تعيينه في المنصب عقب انتهاء الدوري المحلي الذي حل فيه الفريق بالمركز الثالث لأول مرة منذ حوالي ثلاثة عقود.

ولم يبد مجلس الإدارة أسبابا معلنة لإقالة المدير الفني البرتغالي (47 عاما)، وقال في بيان له “نظرا لبعض المعطيات تم إنهاء التعاقد مع سواريز ومعاونيه بالتراضي”.وواجه المدرب البرتغالي انتقادات جماهيرية بسبب سوء الأداء وعدم قدرته على منافسة الغريم التقليدي، فريق الزمالك، على بطولة الدوري وخسارته بطولة كأس مصر بعد أيام قليلة من توليه منصبه.

وأثار التعاقد مع سواريز تساؤلات عديدة عن الأسباب التي دفعت مجلس الإدارة إلى اختياره على رأس الإدارة الفنية للفريق لأنه لم يلعب لأي من الأندية الكبرى في البرتغال، كذلك الوضع بالنسبة إلى الأندية التي دربها وفرق منتصف الدوري البرتغالي وعدم تعامله من قبل مع الضغوط الجماهيرية للفرق التي تعتاد حصد الألقاب، ما كان مقدمة لفشله في إدارة الفريق وعدم قدرته على كسب ثقة جمهوره.

سجل متذبذب

خيبات الأمل تلاحق نادي الأهلي
خيبات الأمل تلاحق نادي الأهلي

خاض سواريز 17 مباراة مع الأهلي، بواقع 14 لقاء في منافسات الدوري و3 لقاءات في منافسات كأس مصر، وحقق الفوز في 9 لقاءات وتعادل في 5 مباريات، وخسر 3 مرات، وسجل لاعبوه 22 هدفا وتلقت شباك الفريق 6 أهداف.

وبعيدا عن الأرقام التي يمكن أن تحسب لصالح سواريز، فإن مجلس الإدارة أظهر رعونة في تعامله مع ملف مدربي الفريق في السنوات الماضية، وعبرت الاختيارات العديدة عن رؤى مختلفة تجاه استقطاب مدربين يفتقدون للسيرة الذاتية القوية مثلما هو حال الأوروغوياني مارتن لاسارتي والسويسري رينيه فايلر، علاوة على آخرين امتلكوا خبرات أفريقية مثل  الفرنسي باتريس كارتيرون والجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، ومدربين مصريين مثل حسام البدري، ما يشير إلى أن مجلس الإدارة لم يملك خطة مستقبلية يعمل خلالها على اختيار من يناسبون رؤيته.

وعبرت إقالة موسيماني عقب خسارته نهائي بطولة دوري أبطال أفريقيا الأخيرة أمام الوداد البيضاوي المغربي عن عمق الارتباك والتخبط الذي أصاب منظومة الفريق، فالرجل لم يخفق مع الفريق وحقق بطولات عدة خلال أقل من عامين.

ويخشى مجلس الإدارة من انتقادات الجماهير ويحاول أن يظهر في صف ما يمكن تسميتهم بلجان مواقع التواصل الاجتماعي التي تشن حملات لاذعة على اللاعبين والإدارة والمدرب بعد كل أزمة يتعرض لها الفريق، وغابت أساسيات منظومة العمل التي اعتاد عليها النادي وكانت تمنح المدربين فرصة لتنفيذها.

وقال الناقد الرياضي بموقع “فالجول” الرياضي رامي جمال إن “الجماهير ومواقع التواصل لديها قوة تأثير كبيرة على إدارة الأهلي التي اختارت أن تسير في الطريق الذي يخفف عنها الضغوط دون دراسة مستفيضة لقراراتها”.

التعاقد مع سواريز أثار تساؤلات عديدة عن الأسباب التي دفعت مجلس النادي إلى اختياره على رأس الإدارة الفنية

واضطرت الإدارة إلى إصدار بيان رسمي قبل ثلاثة أعوام أعلنت فيه أسباب تعاقدها مع المدرب السويسري رينيه فايلر عند تعيينه وخضعت لانتقادات الجماهير بعد تدهور مستوى الفريق في حقبة موسيماني، وأضحت أكثر اشتباكا مع الأزمات خارج الملعب لإرضاء الجمهور، ما تسبب في حالة من التشتت والارتباك ظهرت معالمها في مواقف النادي العلنية تجاه جملة من القضايا المثارة.

وأضاف جمال في تصريح لـ”العرب” أن “انقسامات مجلس الإدارة ظهرت بشكل علني في وسائل الإعلام، وهو ما لم يكن معتادا من قبل، وبرهن ذلك على عدم وجود استقرار؛ فمجلس الإدارة أخفق في الفصل بين شركة كرة القدم التي أسسها وبين اختصاصات المجلس، ما قاد إلى استقالة أعضاء الشركة قبل أيام”.

ولفت جمال إلى أن مجلس إدارة الأهلي لم يحدد أولوياته المستقبلية، والعنوان الأبرز للتعاقد مع سواريز كان “بناء مشروع مستقبلي للفريق”، ما كان يتطلب الصبر عليه إلى حين منحه الفرصة كاملة، لأنه أخذ على عاتقه إشراك اللاعبين الشباب في الفريق الأول للتعرف على قدراتهم وتهيئتهم للموسم المقبل، وعبرت إقالته عن وجود خلافات داخل مجلس الإدارة بشأن التعاقد معه أصلا.

ويرى العديد من النقاد أن الأهلي كان الوحيد الذي لديه رؤية بشأن الفريق الأول لكرة القدم، وإدارته السابقة برئاسة محمود طاهر مزجت بين الخبرات الرياضية والإدارية واستطاعت توظيف ذلك في الارتقاء بالمنظومة الكروية، والفصل بينها وبين الألعاب الأخرى عبر تشكيل لجنة كرة القدم التي تولت إدارتها خبرات رياضية.

واستطاع البرتغالي مانويل خوزيه، الذي ظل مع الفريق لمدة ست سنوات متتالية في الفترة من 2003 إلى 2009 إلى جانب توليه قيادة الفريق مرتين في فترات مختلفة، أن يحقق 21 بطولة قارية ومحلية شارك فيها مع الفريق. كذلك الوضع بالنسبة إلى المجري هيديكوتي الذي استمر لمدة سبع سنوات (1973 إلى 1980) وحقق ست بطولات ليرحل بعدها لكنه كون فريقا استمر في حصد البطولات لفترة طويلة.

تراجع الأدوار

أداء سواريز لم يقنع النادي
أداء سواريز لم يقنع النادي

اعتمد مجلس إدارة الأهلي الحالي برئاسة محمود الخطيب على أصحاب رؤوس الأموال الذين لديهم قدرة على تمويل حملاته الانتخابية، وبدا أن هؤلاء لديهم أولويات استثمارية تضمن تحقيق مكاسب جراء الأموال التي يقومون بصرفها، ما قاد إلى تراجع أدوار لجنة التخطيط التي تتشكل من كفاءات رياضية بالنادي وسط محاولات لإبعادها بشكل تام عن اختيارات اللاعبين والمدربين.

وأشار الناقد الرياضي بموقع أخبار الأهلي محمد فرج إلى أن مجلس إدارة الأهلي تخلى عن رؤيته القديمة التي قامت على الاستعانة بآراء الخبرات الرياضية عند اختيار المدربين، وكان الاتجاه في صالح الاستعانة بمدربين مخضرمين قبل أن يكون الأمر بيد لجنة التعاقدات نتيجة الاستعانة بمدارس جديدة وأسماء غير معروفة.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن “الإدارة استجابت لصوت الجماهير والنقاد حينما أقدمت على التعاقد مع موسيماني، ولم تمنح نفسها فرصة عقب إقالته للبحث عن مدير فني يستطيع التعامل مع الضغوط التي يتعرض لها فريق كرة القدم، ولم توفر الإدارة الأجواء الملائمة للمدرب العام سامي قمصان للاستمرار في منصبه إلى نهاية الموسم، ثم التدقيق في ملف اختيار مدرب جديد على مستوى فني عال.

وتواجه إدارة الأهلي انتقادات لاذعة لاعتمادها في اختيار المدير الفني الأجنبي على مديري التعاقدات ووكلاء اللاعبين وأصحاب المصالح والخبراء المتقدمين في السن من المدرسة الكلاسيكية دون الاعتماد على المتابعين بشكل دقيق لكرة القدم العالمية ومستجداتها والطاقات الشبابية التي تملك دراسة مستفيضة عن سوق المدربين.

'