إقصاء روسيا من شبكة سويفت يقوض النظام المالي العالمي – مصدر24

إقصاء روسيا من شبكة سويفت يقوض النظام المالي العالمي

لندن/ نيويورك – أكد خبراء بالقطاع المصرفي أن من شأن القرار الذي أصدره الحلفاء الغربيون بفصل مجموعة “مختارة” من البنوك الروسية عن شبكة سويفت للمدفوعات الدولية تقويض الاقتصاد الروسي لكنه سيلحق أذى كبيرا بشركاتهم وبنوكهم في الوقت نفسه.

وتعتبر جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) شبكة مؤمنة للتراسل لضمان المدفوعات السريعة عبر الحدود وقد باتت آلية أساسية لتمويل التجارة العالمية.

وستجد البنوك الروسية المحرومة من الاستفادة من شبكة سويفت صعوبة في التواصل مع البنوك الأخرى على المستوى الدولي حتى في دول صديقة مثل الصين، مما سيؤدي إلى إبطاء حركة التجارة ويزيد من كلفة المعاملات.

وبرزت المخاوف حين كشفت مصادر مطلعة لوكالة بلومبرغ الأحد أن عددا من أكبر البنوك الأميركية أبلغ إدارة الرئيس جو بايدن بأن إقصاء روسيا من سويفت ستكون له تداعيات بعيدة المدى قد تضر بآفاق الاقتصاد العالمي وتهدد الهدف من الحظر على موسكو.

سيرغي أليكساشينكو: تنفيذ الحظر سيٌنهي شطرا رئيسيا من الاقتصاد العالمي

وذكرت المصادر، طلبت عدم الكشف عن هويتها لخصوصية الأمر، أن بنوكا من بينها جي.بي مورغان وسيتي غروب اقترحت أن تلتزم الولايات المتحدة بأنواع أخرى من العقوبات ردا على غزو روسيا لأوكرانيا.

وكانت البنوك الأخرى ذات الانكشاف الدولي الأقل أكثر تقبلا للفكرة، وأبلغت المسؤولين بأنها ستكون خطوة يمكن التعامل معها.

ويبرر المعارضون لفكرة استخدام نظام سويفت ذي الأهمية الجوهرية، الذي يتعامل مع 42 مليون مراسلة يوميا ويشكل شريان حياة لعددٍ من أكبر المؤسسات المالية في العالم، كأداة للضغط على موسكو أنه سيؤدي إلى ارتفاع التضخم ويحول دون تدقيق المعاملات المالية من قبل الغرب.

كما أنه قد يدفع روسيا إلى التقارب بشكل أكبر مع الصين، ويشجع أيضا على تطوير طريقة بديلة لـ”سويفت” يمكن أن تضر في النهاية بسيادة الدولار الأميركي.

وحتى الآن لم يعلن الحلفاء الذين توعدوا أيضا بفرض قيود على البنك المركزي الروسي للحد من قدرته على دعم الروبل أسماء البنوك المستهدفة رغم أن خبراء في العقوبات وخبراء مصرفيين يرون أن ذلك يمثل خطوة حاسمة لقياس أثر القرار.

وقال الخبير كيم مانشستر الذي تقدم شركته برامج تدريب على الاستخبارات المالية للمؤسسات لوكالة رويترز إن القرار “هو فعلا خنجر في قلب البنوك الروسية”.

وذكرت جمعية سويفت، التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، وتربط أكثر من 11 ألف بنك ومؤسسة مالية وشركة حول العالم في بيان الأحد أنها تتواصل مع السلطات الأوروبية لفهم تفاصيل الإجراءات الجديدة.

وكان إدوارد فيشمان خبير العقوبات الاقتصادية بمركز أوراسيا بمجلس الأطلسي قد قال في تغريدة على حسابه في تويتر إنه إذا شملت العقوبات أكبر بنوك روسيا مثل سبير بنك وفي.تي.بي وغازبروم بنك التي سبق وأن أعلنت أنها مستعدة لأي تطورات، فسيكون أثرها “هائلا جدا”.

كيم مانشستر: البنوك الروسية ستبتكر طرقا لإتمام معاملاتها المالية

ولكن فيشمان يرى أن قرار استبعاد بعض البنوك من شبكة سويفت وليس كلها قد يدفع بعض الكيانات الروسية إلى التحول إلى بنوك ومؤسسات كبرى متعددة الجنسيات غير خاضعة للعقوبات.

ومثل هذا التحول قد يسبب مشكلة للبنوك العالمية. ورجح سيرغي أليكساشينكو نائب الرئيس السابق المركزي الروسي والذي يعيش الآن في الولايات المتحدة أن تضر العقوبات بالروبل بشدة عندما تفتح الأسواق الاثنين بما يؤدي إلى اختفاء كثير من الواردات المتجهة إلى روسيا.

وأضاف “هذه هي النهاية لشطر رئيسي من الاقتصاد. فنصف السوق الاستهلاكية سيختفي”.

لكن من الممكن التخفيف من حدة التداعيات إذا اقتصرت البنوك المعنية على البنوك المفروض عليها عقوبات بالفعل، وأتيح للبنك المركزي الروسي وقت لنقل أصول إلى جهات أخرى حسب ما قاله مصرفي روسي كبير سابق اشترط عدم نشر اسمه.

واستهدفت العقوبات الأميركية السابقة عددا محدودا من البنوك الروسية بما فيها سبير بنك وفي.تي.بي القسم الأكبر من تعاملات يومية في الصرف الأجنبي قيمتها حوالي 45 مليار دولار تنفذها مؤسسات مالية روسية.

وبحسب المعطيات المتوفرة فقد استهدفت تلك العقوبات حوالي 80 في المئة من كل الأرصدة المصرفية في روسيا.

وبديلا لشبكة سويفت أنشأت روسيا بالفعل شبكة خاصة بها اسمها “نظام نقل المراسلات المالية”، ورغم أنه لم تظهر أي تأثيرات في السابق لكن الوضع مختلف اليوم. وقد يؤدي نشاطها المتزايد إلى انشطار النظام المالي العالمي إلى نصفين حيث ستظهر تداعيات ذلك مع مرور الوقت.

ويقول المركزي الروسي إن عدد المراسلات على شبكته الخاصة بلغ نحو مليونين في 2020 أي حوالي خُمس حركة التراسل الداخلية الروسية ويستهدف البنك رفع النسبة إلى 30 في المئة في 2023.

غير أن الشبكة الروسية التي تقيد عدد المراسلات وتعمل في أيام العمل الأسبوعية فقط واجهت صعوبة في ضم أعضاء أجانب إليها.

شبكة سويفت

وخلال الأيام القليلة الماضية وبينما كانت أوكرانيا تحث الدول الغربية على استبعاد روسيا من شبكة سويفت وأيدتها دول مثل بريطانيا، كانت دول أخرى مثل ألمانيا تشعر بالقلق من التداعيات المحتملة على اقتصادها وشركاتها.

وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير أثناء مؤتمر صحافي الجمعة الماضي إن الاستبعاد من سويفت “سلاح نووي مالي”. وأوضح أنه “عندما يكون في يديك سلاح نووي تمعن في التفكير قبل استخدامه”.

في المقابل خففت ألمانيا التي تملك أكبر تدفقات تجارية من الاتحاد الأوروبي مع روسيا السبت الماضي موقفها مما يحدث. وأشارت إلى أنها تبحث عن وسيلة لإخراج روسيا من شبكة سويفت وفي الوقت نفسه تحاول تقليل الأضرار الجانبية.

وقال مانشستر إن “الحظر سيجبر البنوك الروسية على مزيد من الابتكار في التواصل مع النظام المالي”.

وأشار إلى أنه من الممكن أن تصبح المؤسسات متعددة الجنسيات التي لها عمليات ضخمة في العملات والبنوك المتصلة بشبكة سويفت المراكز الجديدة للتعاملات المالية من روسيا مع الخارج.

'