اتساع شكوك اللبنانيين في جدوى موازنة 2022 التقشفية – مصدر24

اتساع شكوك اللبنانيين في جدوى موازنة 2022 التقشفية

بيروت – اتسعت حالة التذمر الشعبي وانتقادات أوساط الخبراء في لبنان التي تحذر من تداعيات عكسية على اقتصاد البلد المنهك أصلا جراء الموازنة التقشفية التي تريد الحكومة اعتمادها.

ويتابع المراقبون الجدل المتواصل في الأروقة السياسية لإقرار موازنة 2022 رغم التغيرات الكبيرة التي حدثت في هيكل الاقتصاد في العامين الماضيين.

واشتملت الموازنة التي تتضمن عجزا بنحو 20.8 في المئة على إيرادات متوقعة قيمتها نحو 39 تريليون ليرة (25.9 مليار دولار) وإنفاق متوقع بقيمة 49.4 تريليون ليرة (32.8 مليار دولار).

ويقول الخبراء إن الطريقة التي بنيت على أساساها لم تعد صالحة لإدارة الاقتصاد حاليا، وأن البلد بات في حاجة ماسة إلى بنود تستجيب وتعالج الأزمات المتراكمة التي لم تكن موجودة قبل 2019 على الأقل.

وعمقت موازنة 2022 خيبات آمال اللبنانيين نظرا إلى عدم تضمنها لمؤشرات متفائلة في ظل الأزمة المالية الحادة، كونها تزيد من أعباء ارتفاع النفقات الملقاة على كاهل المواطنين المنهكين بسبب اضطرار الحكومة إلى توخي سياسة تقشف قاسية في محاولة لمعالجة الخراب الاقتصادي.

وانضمت الجبهة السيادية من أجل لبنان الأربعاء إلى قائمة الرافضين للموازنة الجديدة التي تقول إن الناس سيدفعون ثمنها بسبب تراكم أخطاء السياسيين لسنوات طويلة.

20.8 في المئة نسبة عجز الموازنة الجديدة البالغة نحو 32.8 مليار دولار وفق الوثيقة الرسمية

واعتبرت الجبهة في بيان إثر اجتماع لها أن “السلطة تطرح موازنة قائمة فقط على زيادة الضرائب والرسوم على المواطن الذي فقد كل مقومات العيش الكريم بعد أن خسر عمله وهُدر ماله”.

وأشارت إلى أن مشكلة الموازنة ليست في الأرقام وفي ميزان المدفوعات والعائدات ولا في نقص المهارات عند اللبنانيين من أصحاب الاختصاصات، بل في طريقة وأسلوب تقليص الإنفاق في دولة تحكمها “طبقة عاثت فيها فسادا ونخرت خزينتها”.

وفي وقت سابق هذا الشهر أقرت الحكومة مشروع الموازنة التي أضحت مثار سجال منذ الإعلان عنها، وهو لدى البرلمان لمناقشته والتصويت عليه بالقبول أم بالتعديل.

وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكد “عدم وجود ضرائب مباشرة على المواطنين، بل رسوم بدل خدمات”، لكن خبراء اقتصاد توقعوا أن تزيد هذه الموازنة من معاناة المواطنين المعيشية.

ويمر البلد بانكماش اقتصادي حاد بلغ 90 في المئة، على إثر أزمة مالية خانقة تعصف به منذ أواخر 2019 حيث أدت الى انهيار مالي وفقدان سلع أساسية كالوقود والأدوية وتراجع الخدمات العامة.

ويرجح خبراء ونقابيون أن تزيد الموازنة في حال صادق البرلمان عليها من معاناة المواطنين المعيشية لأن نحو 75 في المئة من تعداد سكان البلاد البالغ نحو ستة ملايين نسمة باتوا حسب الأمم المتحدة تحت خط الفقر.

وساقت الجبهة العديد من المطالب في مقترحات تضمنت أكثر من 12 نقطة شملت إرجاع الأموال المنهوبة، والكف عن العبث بقوت الشعب اللبناني، وملاحقة السياسيين ورجال الأعمال الفاسدين وتعقب شبكة التهريب على الحدود وتقليص حجم المباني التي تستأجرها الحكومة وغيرها.

وهذا القلق نابع من فرض ضرائب “شمولية” تطال كافة المواطنين، إضافة الى رفع سعر صرف الدولار الجمركي بنحو 14 ضعفا، وهو الدولار الذي على أساسه تحتسب الرسوم على السلع المستوردة.

وحتى اليوم ما تزال الحكومة تحتسب الدولار في المعاملات الرسمية، ومن بينها الجمركية، وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 1510 ليرات للدولار الواحد، في حين يبلغ سعر صرف العملة الأميركية في السوق الموازية نحو 21 ألف ليرة.

Thumbnail

وتشير دراسة رسمية صادرة عن وزارة المالية إلى أن أسعار السلع في ظل زيادة الدولار الجمركي لن تتجاوز في أقصى تقدير خمسة في المئة.

وبحسب مسودة الموازنة، ستُفرض ضرائب إضافية على السلع المستوردة، وكذلك على السفر بقيمة تتراوح ما بين 35 و100 دولار، إضافة إلى رسوم جديدة على الخدمات والمعاملات الرسمية.

وكان الرئيس ميشال عون قد انتقد مشروع الموازنة قائلا إنه “لا يطرح أية توجهات إصلاحية في ما يخص النظام الضريبي ويكتفي برفع الإيرادات بطريقة تقليدية”.

وسبق أن شهدت أسعار السلع الأساسية في لبنان كالوقود والأدوية والغذاء ارتفاعا كبيرا في الأسعار خلال العام الماضي على إثر قرار الحكومة تخفيض الدعم الذي كان يؤمنه مصرف لبنان المركزي لاستيراد تلك السلع من الخارج.

ويقول موظفو القطاع العام إن رواتبهم فقدت أكثر من 90 في المئة من قيمتها ويطالبون بتحسينها بما يتناسب مع غلاء المعيشة.

وشرعت الحكومة الشهر الماضي في محادثات مع صندوق النقد الدولي ضمن جهود لتأمين خطة إنقاذ يُنظر إليها على أنها ضرورية للبدء في رسم مسار للخروج من الأزمة.

وقدّرت الحكومة حجم الخسائر المالية بحوالي 69 مليار دولار. ولم يعلن رسميا بعد عن كيفية توزيع الخسائر بين الدولة والمركزي والمصارف، وسط خشية المودعين من الاقتطاع من ودائعهم.

'