استفتاء مثير للجدل يمدّد عهد بوتين إلى 2036 – مصدر24

استفتاء مثير للجدل يمدّد عهد بوتين إلى 2036

استفتاء مثير للجدل يمدّد عهد بوتين إلى 2036

موسكو- فتح الروس الباب أمام الرئيس فلاديمير بوتين ليبقى في السلطة حتى عام 2036 بتصويتهم بأغلبية ساحقة لصالح حزمة تعديلات دستورية تسمح له بترشيح نفسه للرئاسة فترتين جديدتين غير أن معارضين قالوا إن النتائج شهدت تزويرا على نطاق واسع.

وأظهرت النتائج الرسمية التي نشرت الخميس أن بوتين، ضابط الاستخبارات السوفيتية السابق الذي يحكم روسيا منذ أكثر من 20 عاما كرئيس أو رئيس للوزراء، فاز بسهولة بالحق في الترشح مرتين أخريين للرئاسة بعد انتهاء ولايته الحالية في 2024.

وتعني هذه النتائج أن بوسع بوتين (67 عاما) أن يبقى رئيسا لروسيا لمدة 16 سنة أخرى.

وتمكن بوتين من البقاء في السلطة لفترة أطول من أي زعيم روسي أو سوفيتي آخر منذ جوزيف ستالين، الذي تولى الحكم في سنة 1924 وبقي في منصبه حتى وفاته في 1953.

وقالت لجنة الانتخابات المركزية إن 77.9 في المئة من الأصوات التي تم فرزها في أنحاء أكبر دولة في العالم من حيث المساحة جاءت مؤيدة لتغيير الدستور، فيما صوت برفض التعديلات الدستورية ما يزيد قليلا على 21 في المئة من الأصوات.

وقالت إيلا بامفيلوفا رئيسة اللجنة إن التصويت اتسم بالشفافية وإن المسؤولين بذلوا كل ما في وسعهم لضمان نزاهته، غير أن السياسي المعارض أليكسي نافالني وصف التصويت بأنه استعراض لا شرعية له وغير قانوني هدفه إضفاء الصبغة القانونية على تولي بوتين الرئاسة مدى الحياة.

وأضاف نافالني أن المعارضة لن تنظم احتجاجات الآن بسبب جائحة فايروس كورونا، لكنها ستخرج للاحتجاج بأعداد كبيرة في الخريف إذا منعت السلطات مرشحيها من المشاركة في انتخابات إقليمية أو تعرضت نتائج هذه الانتخابات للتزوير.

وشكا جينادي زيوجانوف زعيم الحزب الشيوعي المعارض من حدوث تجاوزات، مؤكدا على أن “الناخبين في حاجة لتقييم عواقب التمسك بسياسات القائد الروسي” التي قال إنها أفشلت الاقتصاد.

وقالت منظمة جولوس المستقلة الروسية لمراقبة عمليات التصويت إن الاستفتاء شهد عمليات تزوير.

وأشارت المنظمة في تقييمها إلى أن الاستفتاء شهد عمليات “تصويت متعددة وتزوير أوراق التصويت وانتهاك لخصوصية الناخبين”.

وقالت “إن عشرات الملايين من الناخبين لم يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في أماكن محايدة” مضيفة “تم جمع نسبة كبيرة من الأصوات من خلال التصويت مباشرة في شركات ومؤسسات، تخضع فعليا لسيطرة قياداتهم”.

ولم تدع الحكومة الروسية المنظمات المستقلة التي تعمل تحت مظلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمراقبة عمليات التصويت.

ودعا الاتحاد الأوروبي روسيا إلى التحقيق في شبهات بمخالفات خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية.

وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو “أخذنا علما بتقارير

واتهامات عن حصول مخالفات خلال التصويت، ومنها إكراه ناخبين والتصويت مرتين وانتهاك سرية التصويت واتهامات باستخدام الشرطة العنف ضد صحافي كان متواجدا”. وأضاف في مؤتمر صحافي في بروكسل “نتوقع أن يتم التحقيق في تلك التقارير كما ينبغي، لأنها اتهامات خطيرة”.

واعتبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الخميس، إقرار التعديلات الدستورية “انتصارا للثقة بالرئيس بوتين”.

واكتسب بوتين سمعة كضامن لاستقرار الدولة، بخلاف فترة الاضطراب السياسي لما بعد الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي والتي سبقت وصوله إلى السلطة. واعتُبر ذلك عاملا حاسما في الموافقة على الاستفتاء.

ورغم تمكن بوتين من تحقيق انتصارات خارجية أعادت لروسيا زخمها في رسم السياسات الدولية، إلا أنه فشل في ردم هوة الإخفاق الداخلي.

وتعاني روسيا من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة عملية ركود واسعة في البلاد، فيما ينزلق المزيد من المواطنين نحو هاوية الفقر ليبلغ عددهم في 2018 عشرين مليون شخص أي 13 في المئة من السكان وبزيادة ثلاثة ملايين ونصف المليون مقارنة مع عام 2014، إلى جانب تراجع كبير بمعدل عشر سنوات بالنسبة لتحسن مستوى معيشة السكان بعد تقدم كبير سجل في مطلع سنوات الألفين.

ويستبعد محللون اقتصاديون أن يحقق بوتين شيئا يذكر خلال الأعوام المقبلة في ما يتعلق بتحسين مستوى معيشة المواطنين.

ويحذر هؤلاء من أن الرئيس الروسي سيواجه أوقاتا عصيبة، في حالة عدم انعكاس الارتفاع البسيط الذي تشهده قيمة الروبل على زيادة في الدخول الحقيقية للمواطنين الروس.

وتراجعت شعبية بوتين بنسبة نحو 20 في المئة مقارنة بالمعدل المرتفع الذي تمتع به، خلال فترة الفورة والحماس القومي في أعقاب ضم روسيا لإقليم القرم الذي كان تابعا لدولة أوكرانيا المجاورة، على الرغم من استمرار معدلات شعبيته فوق مؤشر 60 في المئة.

ويقول الخبير في الشؤون الإقليمية الروسية ديار أوتال “على الصعيد الداخلي يواجه الكرملين اقتصادا يعاني من الركود بشكل مزمن، ويرجع السبب في عدم القدرة على تحقيق النمو إلى مسائل متعلقة بالجوانب المؤسسية”، حيث تقلص دخل الفرد وفقا للقيمة الحقيقية للعملة خلال معظم فترات السنوات الست الماضية.

وأوضح أوتال الحاصل على درجة علمية من مركز ديفيس للدراسات الروسية والأوراسية التابع لجامعة هارفارد، أن “بوتين لم يحقق إنجازات خلال عام 2019، ومن غير المرجح أن يحقق شيئا خلال الأعوام المقبلة في ما يتعلق بتوقعات المواطنين الأساسية بتحسين مستويات معيشتهم”.

وأشار استطلاع أجراه أكبر مركز مستقل لاستطلاع الرأي العام في روسيا إلى أن معظم الشباب الروسي حتى سن 24 عاما يريدون أن يهاجروا إلى الخارج بشكل دائم، وكانت هذه هي النسبة الأعلى في هذا الصدد منذ عقد من الزمان.

ويعتقد أكثر من ثلثي الروس أن حكومتهم لا تعمل لصالح شعبها، وذلك وفقا لاستطلاع آخر للرأي العام أجراه مركز “ليفادا” المستقل الذي يتمتع بالاحترام.

ويقول إيفان كوريلا الخبير السياسي الروسي إن “بوتين لم تكن لديه أهداف محددة واضحة على الصعيد الداخلي عام 2019، وتمت إعادة انتخاب بوتين بصورة آمنة عام 2018، ولا تزال الفترة الباقية حتى إجراء انتخابات رئاسية جديدة طويلة حيث سيتم تنظيمها عام 2024، وليست هناك مؤشرات قوية تدل على أن قوة ونفوذ بوتين معرضان للخطر”.

'