استمرار الضغط الشعبي يهدد تحالف عون وحزب الله – مصدر24

استمرار الضغط الشعبي يهدد تحالف عون وحزب الله

التصريحات التي عدت استفزازية للرئيس ميشال عون لا تزال تلقي بظلالها على المشهد اللبناني، خاصة وأن توقيتها تزامن مع مساعي حليفه حزب الله لخلخلة الأزمة بهدوء، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان هناك اختلاف في مقاربة الأمور بين الطرفين.

بيروت – نقلت مصادر سياسية عن مقربين من حزب الله، أن المقابلة التلفزيونية التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون، الثلاثاء، وأدت إلى تأجيج الاحتجاجات تمت دون أي تنسيق مسبق حول مضامينها مع الحزب، على الرغم من أن قناة “الميادين” وصحيفة “الأخبار”، اللتين أجرتا المقابلة، معروفتان بقربهما من حزب الله.

وأضافت المصادر أن أوساط عون، لاسيما صهره وزير الخارجية جبران باسيل، هي التي رتبت لتلك المقابلة، وفي هذا التوقيت.

ووفق هؤلاء المقربين فإن حزب الله تفاجأ من لغة الاستفزاز التي استخدمها عون، وهي لغة لا تتسق مع اللهجة الهادئة التي عاد أمين عام الحزب حسن نصرالله لانتهاجها مؤخراً في مسعى جدي من قبل الحزب للاهتداء إلى مخارج من الأزمة. وذكّرت هذه المصادر بأن نصرالله في إطلالته الأخيرة رفض التطرق إلى مسألة الحكومة بسبب الاتصالات المتواصلة في هذا الشأن، ما أوحى بأن خواتيم الأمور تحتاج إلى قلة الكلام.

وأججت المقابلة التلفزيونية التي أجراها الرئيس عون الاحتجاجات في لبنان بسبب ردوده التي تضمنت تصريحات عدت استفزازية، خاصة حينما دعا الشباب المتظاهر إلى الهجرة.

الثنائي عون- باسيل كان يعوّل على تحرك أمني واسع النطاق يقوم به حزب الله للقضاء على الحراك، على منوال “غزوة 7 أيار”

وفي خطوة لامتصاص غضب الشارع الذي دعاه إلى الاستقالة، قال الرئيس عون في تصريحات نشرت على موقع الرئاسة اللبنانية الخميس إنّ “المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون من أول أهداف الحكومة العتيدة التي نعمل لتتشكل في القريب العاجل”.

ويتساءل المراقبون عما إذا كان هناك خلاف في مقاربة الأزمة الحالية بين قصر بعبدا وحارة حريك (معقل حزب الله)، وعما إذا كان حزب الله قد وافق بشكل نهائي على خروج باسيل من أية تركيبة حكومية قادمة.

وكانت معلومات تحدثت قبل أيام عن أن الحريري وجه سؤالا إلى حزب الله يستوضح فيه موقفه من مسألة استبعاد باسيل عن الحكومة المقبلة، خصوصا وأن نصرالله كان استقبل قبل أيام من انفجار الحراك الشعبي باسيل لمدة سبع ساعات.

واعتبر المراقبون حينها أن اجتماع نصر الله- باسيل هو بمثابة دعم مباشر من قبل الحزب لرئيس التيار الوطني الحر، في مسعاه للوصول إلى سدة الرئاسة في أي انتخابات مقبلة (مسبقة لسبب ما أو عادية).

وعلى الرغم من استقبال نصرالله لاحقا لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو حليف للحزب ومقرب من دمشق وأحد المرشحين لرئاسة الحكومة، في ما اعتبر مراعاة من قبل أمين عام الحزب لحساسيات فرنجية وطموحاته الرئاسية، إلا أن الانطباع العام جاء يؤكد أن خيار الحزب ذاهب إلى “التمديد” لعهد عون من خلال باسيل رئيساً.

واقع مربك لكل الأطياف السياسية
واقع مربك لكل الأطياف السياسية 

وقالت المعلومات إن رد الحزب على سؤال الحريري جاء وفق صيغة “لا تحرجنا”، مع نصيحة بالتفاهم مع رئيس الجمهورية. ورأى محللون أن باسيل كان استنتج من خلال اجتماعاته مع الحريري كما من خلال ما وصله من أجواء مداولات الحزب، أن الأخير بدا جاهزاً لسحب الغطاء عنه، وهو ما يفسر التسريبات التي صدرت عن أوساط قريبة من باسيل عن استعداد الأخير لعدم المشاركة شخصياً في الحكومة المقبلة مقابل شروط.

وترى أوساط برلمانية لبنانية أن فحوى ما أراد عون قوله في مقابلة الثلاثاء التلفزيونية لم يكن موجهاً بالضرورة ضد الحريري وخطته لترؤّس حكومة تكنوقراط، بل كان يهدف إلى تعطيل خارطة الطريق التي يناقشها حزب الله مع أقطاب سياسيين والتي قد تأتي على حساب باسيل.

وأضافت هذه الأوساط أن الثنائي عون- باسيل كان يعوّل على تحرك أمني واسع النطاق يقوم به حزب الله للقضاء على الحراك، على منوال “غزوة 7 أيار” التي قام بها الحزب عام 2008، وأن موقف نصرالله في إطلالاته الأولى التي هدد خلالها الحراك وقال إنه مخترق وتابع لأجندات خارجية، معطوفاً على الموقف الذي صدر عن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والذي ذهب في هذا الاتجاه خلال وصف الحراك في العراق ولبنان، عزز لدى العونية السياسية إمكانات لجوء الحزب إلى الحل الأمني.

وتؤكد مصادر لبنانية مطلعة في بيروت أن مقابلة عون كان هدفها، من خلال أسلوب الرجل المعروف، استفزاز الحراك وبالتالي استدراج الشارع إلى ردود فعل صاخبة هدفها استدراج حزب الله إلى الرد على تصاعد عمليات إقفال الطرقات، لاسيما تلك التي تطال طريق بيروت الجنوب.

وتضيف المصادر أن حادثة منطقة خلدة التي أودت بحياة أحد المنتمين إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، كما قيام أحد مناصري التيار الوطني الحر باستخدام السلاح في منطقة جل الديب ضد متظاهرين كانوا يقفلون الطريق، ما هما إلا حادثتان متناسلتان من الأجواء التي خرجت بها مقابلة عون.

ولفت مراقبون إلى أن صحيفة “الأخبار” القريبة من حزب الله نشرت مقالاً، الأربعاء، اعتبرت فيه أن مواقف عون استفزازية تعاكس أجواء التهدئة التي يسعى إليها الحزب. ورأى هؤلاء أن التسريبات التي صدرت عن قصر بعبدا والتي تحدثت عن اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة المقبلة (نفى مكتب الحريري الأمر معللا النفي بأنه لم يكلف حتى يعتذر)، تكشف عن خطط لعون وباسيل للضغط على حزب الله من أجل التخلي عن الحريري لرئاسة الحكومة. ويلحظ هؤلاء أن العونية السياسية تبدو مستعدة لإبلاغ الحزب بأن موقع باسيل في الحكومة هو أهم من “ورقة التفاهم” التي أسست منذ عام 2006 للتحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر.

'