الأحزاب المساندة لقيس سعيد لم تتجاوز صدمة استبعادها من الحوار – مصدر24

الأحزاب المساندة لقيس سعيد لم تتجاوز صدمة استبعادها من الحوار

تونس – لم تنجح الأحزاب السياسية في تونس المساندة للرئيس قيس سعيّد بعدُ في تجاوز الصدمة التي خلفها قراره القاضي باستبعادها من المشاركة في الحوار الوطني المرتقب، بعد أن كانت تأمل في لعب دور في هذه المرحلة.

وأثار إبداء عدة أحزاب استياءها من قرار استبعادها تساؤلات بشأن الموقع الذي ستختاره تلك الأحزاب، خاصة وأن الرئيس سعيّد يبدو مصمما على المضي قدما في خياراته رغم الضغوط.

وكان الرئيس التونسي قد أصدر مرسوما ينص على تشكيل الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، ولجنتين استشاريتين وأخرى للحوار الوطني. واستبعد من عضوية هذه اللجان والهيئة الأحزاب السياسية، ما أثار استياء من الأحزاب المساندة لمسار الخامس والعشرين من يوليو، حيث وجدت تلك الأحزاب نفسها في وضع لا تحسد عليه: فإما الالتحاق بجبهة المعارضين الضعيفة أصلا بسبب غياب القدرة على التعبئة في الشارع وغيرها، وإما مواصلة مساندة الرئيس سعيّد دون الحصول على شيء، حيث يسعى سعيّد لإنهاء ثقافة المحاصصة التي كُرست في البلاد.

وعكست تصريحات عدد من قيادات تلك الأحزاب هذا الاستياء من قرار الاستبعاد، وطالبت بمراجعة المرسوم الرئاسي وتدارك الموقف ودعوتها للمشاركة في الحوار.

وقال القيادي في حركة الشعب سالم لبيض “إنه من المفارقات أن الرئيس سعيّد قرّر، وهو في كامل وعيه، أن يقصي من الحوار الوطني والإصلاحات السياسية المرتقبة، أحزاب الموالاة الداعمة لواقعة الخامس والعشرين من يوليو 2021 ومسارها، قبل إقصاء الأحزاب المعارضة لمشروعه، فهي منذ البداية لم تكن معنية بخياراته”.

وأضاف لبيض في تدوينة على صفحته بفيسبوك أن “أحزاب الموالاة هي اليوم أمام محنة حقيقية، فإما أن تعلن رفضها للإقصاء ومعارضة سياسات سعيّد بكل وضوح ودون مواربة وتلون… لأنها أعمدة العملية السياسية والديمقراطية كما هو متعارف عليه في كل الدول الديمقراطية، وإما أن تغلق مقرّاتها ودكاكينها إن هي قبلت بأن ممارسة السياسة والتفكير في قضاياها هما من حق الخبراء وبعض منظمات المجتمع المدني دون سواهم، وأن ممارسة السلطة والحكم هي من حقّ الرئيس وحده”.

وفي خطوة مماثلة، حذّر أمين عام حركة “تونس إلى الأمام” عبيد البريكي من “خطورة الخطوة التي أعلنها رئيس الدولة من خلال مرسوم الحوار”، موضّحا أنّ “من شأنها أن تقلّص جبهة الأصدقاء وجبهة داعمي مسار الخامس والعشرين من يوليو، وأن تدعم قوة الجبهة الأخرى المناهضة لرئيس الدولة وتقوي تموقعها، وهو أمر خطير على آليات بناء تونس الجديدة”.

ودعا البريكي الرئيس سعيّد إلى “إعادة النظر وتنقيح المرسوم، بهدف تعبيد الطريق أمام المسار التشاركي لبناء تونس الجديدة في ضوء جبهة تحصن مسار الخامس والعشرين من يوليو، من حيث المنطلقات والأهداف”.

ومساء الأحد استقبل الرئيس سعيّد البريكي في لقاء تمحور حول الشأن السياسي العام وما تمر به تونس، على ما ذكر الناشط السياسي على صفحته.

وقال أمين عام حزب “التحالف من أجل تونس” (مساند لسعيّد) سرحان الناصري إنه “كان يعتقد أنّ الأحزاب السياسية الداعمة لمسار الخامس والعشرين من يوليو، ستكون معنية بالمشاركة في الحوار الوطني وصياغة الدستور الجديد”.

وأكّد الناصري في تصريح صحافي أن “رئيس الجمهورية وفق اختياراته، قد أقصى الأحزاب”.

ويرى مراقبون أن الرئيس سعيّد لن يغيّر موقفه الرافض لمنظومة الأحزاب والذي كثيرا ما عبر عنه في تصريحات سابقة، وهو ما قد يدفع من ساندوه في قرارات الخامس والعشرين من يوليو إلى تغيير موقفهم بعد قرار استبعادهم من المشاركة في الحوار.

وقال المحلل السياسي المنذر ثابت إن “الرئيس سعيّد يعتبر أن الأحزاب لا يمكن أن تشكّل إلا أقليات، وهو ما يستدعي البحث عن بدائل أخرى، وقرار سعيّد فيه إشارة إلى موقف أيديولوجي من الأحزاب يتجاوز الإطار السياسي”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “من الطبيعي أن مواقف الأحزاب ستتغيّر، لأن الاستبعاد يحتم تغيير الموقف وليس رفض المشروع، وتمشي الحوار مبدئيا بين أطراف تتباين في المواقف”.

وتابع ثابت “قد يكون الرئيس سعيّد مكرها في الظرف الراهن على قبول وجود بعض التنظيمات، لكن استراتيجيا هناك رفض لمنظومة الأحزاب برمّتها”.

وستتولى الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، تقديم اقتراح يتعلق بإعداد مشروع دستور لجمهورية جديدة، ويقدم هذا المشروع إلى رئيس الجمهورية.

وبحسب المرسوم الرئاسي “تحترم الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة عند إعداد المشروع المذكور المبادئ والأهداف المنصوص عليها بالفصل 22 من الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في الثاني والعشرين من سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية ونتائج الاستشارة الوطنية”.

Thumbnail

وأضاف المرسوم “يمكن للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، وبطلب من رئيس الجمهورية، القيام بدراسات وتقديم مقترحات في المجالين السياسي والقانوني، إلى جانب المجالين الاقتصادي والاجتماعي”.

وتتكون لجنة الحوار الوطني من أعضاء اللجنتين الاستشاريتين: لجنة الشؤون الاقتصادية واللجنة الاستشارية القانونية والاجتماعية.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمد ذويب أن “الموقف لن يكون موحدا، فلكل حزب تصوره وموقفه، كان على الرئيس سعيّد الانطلاق في الحوار منذ مدة وإشراك أكثر عدد من الأحزاب، خاصة تلك غير المسؤولة عما لحق بتونس خلال العشرية الماضية، بما فيها حتى التي تختلف مع الرئيس في بعض الإجراءات، وهذا التمشي كان سيخدم الرئيس أكثر بمنطق توسيع دائرة الأصدقاء وتضييق دائرة الخصوم، مما يعني تخفيف الضغط على سعيّد، فضلا عن إشراك أوسع طيف ممكن في الحوار الوطني، مما يعني المزيد من الانفتاح والآراء والكفاءات وبالتالي تعزيز فرص النجاح”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “النقاشات ما زالت متواصلة عموما، ونتمنى أن تسفر اللقاءات عن إشراك أكثر ما يمكن من الأحزاب والكفاءات الوطنية في الحوار، مما يعطي حظوظا أكثر لنجاحه”.

وأوضح ذويب أن “حوارا بعيدا عن منطق المحاصصات والغنيمة ستكون مخرجاته، رغم غياب بعض الأطراف، أفضل من سابقاته، والأهم من الحوار هو الشروع في تطبيق مخرجاته والإسراع بإجراء الإصلاحات اللازمة”.

'