الأردن يفشل في معركة تخفيف الأعباء عن مواطنيه – مصدر24

الأردن يفشل في معركة تخفيف الأعباء عن مواطنيه

مع قدوم فصل الشتاء وتزايد الطلب على الطاقة يتجه الأردن إلى مواصلة زيادة أسعار الغاز والديزل، وهو ما يمثل عبئا إضافيا على الأردنيين الذين يعانون أصلا من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، الأمر الذي يضع حكومة بشر الخصاونة الجديدة أمام المزيد من الضغوط التي قد تدفع إلى الإطاحة بها في نهاية المطاف.

عمان – انتقد عضو لجنة الطاقة في البرلمان الأردني النائب ضرار الحراسيس رفع أسعار الغاز والديزل مع حلول فصل الشتاء، ما سيؤثر بشكل مباشر على الأسر الأردنية وقدرتها على تأمين وسائل تدفئة لأطفالها.

وترجح أوساط اقتصادية أردنية أن يكون فصل الشتاء هذا العام باردا على شريحة كبيرة من المواطنين الذين شهدوا طيلة هذا العام موجات صعود في أسعار الوقود والطاقة المستخدمة للتدفئة.

وسيضيف الشتاء، الذي سيبدأ بعد أسابيع، نفقات أخرى إلى العائلات في الأردن لتأمين مصروف التدفئة، في ظل ارتفاع أسعار الوقود والطاقة إلى مستويات تفوق مداخيل هذه العائلات، حيث تعتمد نسبة كبيرة من الأسر على الوقود السائل والغاز المنزلي للتدفئة في منازلها.

وقال الحراسيس في تصريحات صحفية السبت إن الحكومة الحالية تتخبط في قراراتها وآخر همها المواطن الأردني، وتتجاهل توصيات مجلس النواب وغير معنية بالتجاوب معها، واضعة أذنا من طين وأذنا من عجين.

 

ضرار الحراسيس: الحكومة تتخبط في قراراتها وآخر همها المواطن
ضرار الحراسيس: الحكومة تتخبط في قراراتها وآخر همها المواطن

 

وأضاف الحراسيس أن هذه الحكومة، مثل غيرها من الحكومات المتعاقبة، تستسهل الجباية من جيوب المواطنين لتأمين الأموال دون مراعاة أوضاع المواطنين، لافتا إلى أن لجنة الطاقة ستناقش هذا الملف قبل بدء الدورة العادية المقبلة مع وزير الطاقة ووزير الصناعة والتجارة.

وقال “التعديل الأخير الذي أجراه الرئيس على حكومته يدل على أنه لا يريد أي وزير يعمل ولم يتعظ من استطلاع الرأي الأخير الذي كان دليلا واضحا على عدم رضى الشعب الأردني عنه”.

وفرض غلاء أسعار السلع الاستهلاكية نفسه على الأسواق الأردنية في الأشهر الأخيرة، حيث سُجلت زيادات حادة في أسعار سلع رئيسية أرجعها وكلاء إلى الغلاء الذي تشهده مختلف مناطق العالم.

وتجد الحكومة الأردنية نفسها أمام معادلة صعبة للتوفيق بين ارتفاع الأسعار عالميا ومراعاة القدرة الشرائية لمواطنيها التي تراجعت بشكل ينذر بتجدد احتجاجات 2018 التي أطاحت برئيس الوزراء السابق عمر الرزاز.

ورصدت الحكومة الأردنية مخصّصات لزيادة شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع قاعدة المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية، حيث تم رصد مخصصات زيادة لصندوق المعونة الوطنية بنسبة 38 في المئة بهدف التخفيف من آلام الأردنيين الاقتصادية، إلا أن هذه الخطوات تظل ترقيعية وغير قادرة على بلوغ أهدافها.

ويقول الخبير الاقتصادي قاسم الحموري إن فصل الشتاء عادة ما يؤدي إلى تدهور الأوضاع المادية للعديد من الأسر التي تعاني بالأساس من تداعيات ارتفاع أسعار السلع والخدمات.

وأوضح أن التدفئة أمر لا مفر منه في البلاد، ولا يمكن الاستغناء عنها، في وقت تبقى فيه أسعار المحروقات بالأردن ضمن أعلى المستويات عربيا.

وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الشهر الفائت، أن 33 في المئة من الأردنيين يثقون بحكومة بشر الخصاونة بعد مرور عامين على تشكيلها، مقارنة بـ52 في المئة كانوا يثقون بها في استطلاع التشكيل خلال أكتوبر 2020، مسجلة انخفاضاً مقداره 19 نقطة.

 

الاحتجاجات ضد الغلاء تتسع
الاحتجاجات ضد الغلاء تتسع

 

ووفق الاستطلاع يعتقد 33 في المئة من الأردنيين أن الحكومة كانت قادرة على تحمل مسؤوليات في المرحلة الماضية، مقارنة بـ53 في المئة كانوا يعتقدون في ذلك عند التشكيل، مسجلة انخفاضاً مقداره 20 نقطة.

كما أن 33 في المئة من الأردنيين يعتقدون أن رئيس الوزراء كان قادراً على تحمل مسؤولياته بعد مرور عامين، مقارنة بـ56 في المئة كانوا يعتقدون في قدرته خلال استطلاع التشكيل في أكتوبر 2020، مسجلاً انخفاضاً مقداره 23 نقطة.

ولم تنجح الحكومة في تنفيذ تسعة عشر بندا من أصل اثنين وعشرين تم تكليف الحكومة بالعمل عليها في كتاب التكليف.

وتراجع تفاؤل الأردنيين بالحكومة من 55 في المئة عند التشكيل إلى 29 في المئة فقط بعد عامين على التشكيل، و71 في المئة من الأردنيين غير متفائلين بالحكومة، ما دفع إلى تعديل وزاري يقول مراقبون إنه لن يحل المشاكل الهيكلية العالقة.

غلاء أسعار السلع الاستهلاكية فرض نفسه على الأسواق الأردنية حيث سُجلت زيادات حادة في أسعار سلع رئيسية أرجعها وكلاء إلى الغلاء الذي تشهده مختلف مناطق العالم

وتسعى الحكومة الجديدة إلى إتاحة مجال أوسع لمعالجة المشكلات التي فشلت الحكومات السابقة في معالجتها، في ظل الانتقادات الشعبية التي تطول أداءها وعدم التيقن من قدرتها على إدارة الملف الاقتصادي ووقف تدهور مستويات معيشة المواطنين، وضعف القدرة على جذب الاستثمارات وتخفيض نسبتي الفقر والبطالة.

وتواجه الحكومة مهمة شاقة لإنعاش النمو في اقتصاد عانى العام الماضي من أعمق انكماش منذ عقود، مع ارتفاع نسب البطالة والفقر جراء جائحة كورونا. لكن الحكومة وصندوق النقد الدولي توقعا حدوث انتعاش هذا العام بنحو 2 في المئة.

وتجنبت الحكومة الأردنية فرض رسوم وضرائب جديدة في موازنة عام 2022، في مقابل ذلك ركزت على محاربة التهرب الضريبي والجمركي، في خطوة تعكس تخوفا من ردود فعل الشارع المتحفز.

ويقول متابعون إن المواطن الأردني لم يعد قادرا على تحمل تراجع قدرته الشرائية، وغياب الخطط الحكومية الفعالة لدعمه، فضلا عن اقتناعه بأن الإجراءات الاجتماعية لدعمه يطغى عليها الطابع الارتجالي ولم تحقق أي نتائج إيجابية، بل على العكس أسهمت في احتداد أزماته.

ويعاني الأردن -وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات- من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات، أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، مما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بوصفها عماد الاقتصاد.

وأظهر تقرير الأمن الغذائي العالمي أن الأردن يعاني من تحديات جدية في سعيه لتحقيق أهداف القضاء التام على الجوع وتوفير التعليم الجيد والرفاه والصحة الجيدة والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.

'