الأزمة المالية تشل المؤسسات العامة في لبنان – مصدر24

الأزمة المالية تشل المؤسسات العامة في لبنان

بيروت – أثقل استمرار الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بلبنان منذ العام 2019 كاهل اللبنانيين وعلى وجه الخصوص الموظفين في القطاع العام الذين باتوا عاجزين عن تسيير عمل المؤسسات بانتظام، ما أصابها بالشلل.

وكان لهذه الأزمة تداعياتها على مختلف القطاعات، حيث تفاقم تدهور الأوضاع المعيشية للبنانيين، وشهد التضخم ارتفاعاً قياسياً وسط الانهيار المستمر لقيمة العملة الوطنية.

وأدت هذه الأزمة إلى زيادة هائلة في معدلات الفقر والبطالة والهجرة وغياب الحماية الاجتماعية، وتسببت بركود عميق وارتفاع غير مسبوق في أسعار المحروقات. إلا أن القطاع العام وموظفيه كانوا أكثر المتضررين.

ويجاهد الموظفون في القطاع العام في لبنان لتسيير انتظام عمل المؤسسات، لكن استفحال الأزمة المالية والاقتصادية جعلهم عاجزين، بعد تآكل رواتبهم بفعل الانهيار الدراماتيكي في قيمة العملة الوطنية حيث يتراوح سعر صرف الدولار بين 28 ألفا و30 ألف ليرة لبنانية، والارتفاع غير المسبوق في أسعار المحروقات.

إبراهيم نحال: الحكومة اللبنانية مفلسة في إيجاد الحلول وتكتفي بالتفرج

 

وهذا الواقع المأزوم أعاق التحاق العديد من الموظفين في القطاع العام بمراكز عملهم لعدم قدرتهم على دفع تكاليف النقل، بعد أن بات الحدّ الأدنى للرواتب الذي يبلغ 675 ألف ليرة لبنانية (وكان يوازي 450 دولارا أميركيا عندما كان سعر صرف الدولار يوازي 1500 ليرة لبنانية قبل الأزمة المالية والاقتصادي) لا يكفي لشراء صفيحة واحدة من البنزين، حيث بلغ سعرها في السابع والعشرين من يونيو الماضي 677 ألف ليرة لبنانية.

وبلغت كلفة السلة الغذائية في الأسبوع الأول من يونيو الماضي 1.9 مليون ليرة لبنانية.

ودفع تدهور أوضاع القطاع العام رابطة موظفي الإدارة العامة للدعوة إلى إضراب مفتوح منذ الثالث عشر من يونيو الماضي.

ويبلغ متوسط رواتب موظفي الإدارة العامة مليوني ليرة لبنانية، ما يوازي حالياً حوالي 71 دولارا أميركيا. وتتراوح رواتبهم بين 990 ألفا و6 ملايين ليرة لبنانية.

وقال عضو الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة المهندس إبراهيم نحال “يطالب موظفو الإدارة العامة بتصحيح رواتبهم ومعاشات المتقاعدين من بينهم ليتمكنوا من العيش حياة كريمة ولائقة بالحد الأدنى. كما يطالبون بالحصول على 10 ليترات بنزين عن كل يوم عمل فعلي ليتمكن الموظف من الوصول إلى عمله. بالإضافة إلى تأمين الأموال اللازمة للصناديق الضامنة ليتمكن الموظف من الحصول على الطبابة والاستشفاء”.

وأضاف “يطالبون كذلك برفع قيمة التقديمات الاجتماعية وإعادة احتسابها بشكل يتناسب مع نسبة الضريبة التي يدفعها الموظفون، وخفض عدد ساعات العمل. ويطالبون أيضاً بدعم المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية والمستشفيات الحكومية”، معتبراً أن “رفع سقف المطالب هدفه بناء الدولة”.

بالرغم من انعدام ثقة اللبنانيين بالسلطات وقدرتها على ابتداع الحلول فإنهم يأملون في استعادة الحياة الكريمة في أسرع وقت

وشلّ الإضراب العديد من الإدارات والمؤسسات العامة في مختلف الوزارات، كالطاقة والصحة والمالية والاتصالات والزراعة والاقتصاد، بحسب المهندس نحال الذي وصف واقع القطاع العام في لبنان بأنه “في حالة انهيار تام وفي حالة مأساوية؛ فالمؤسسات العامة لا يوجد فيها حبر ولا كهرباء ولا مازوت ولا نستطيع تقديم الخدمة المطلوبة للمواطنين بشكل جيد”.

وأوضح أن “مداخيل موظفي القطاع العام تآكلت منذ حوالي عام وحتى الآن وكباقي المواطنين انهارت القدرة الشرائية لرواتبهم بحدود 97 في المئة ولم تعد لديهم الإمكانية للاستمرار في هذه المرحلة للوصول إلى عملهم حيث لا تزال رواتب هؤلاء تحتسب على سعر صرف الدولار 1500 ليرة”.

وقال نحال “بعد سلسلة الرتب والرواتب التي حصلنا عليها في العام 2017 كنا نعيش في الحد الأدنى من الحياة الكريمة، وبعد الانهيار المالي والاقتصادي الذي حصل شهدنا كباقي المواطنين أزمات البنزين والأدوية والموت على أبواب المستشفيات”.

ورأى أن الحكومة “مفلسة في إيجاد الحلول. وربما لا تريد أن تجد الحلول لأنها تريد انهيار القطاع العام”، مضيفاً أن “الدولة قادرة على تلبية مطالب الموظفين وهي ليست مفلسة بل أموالها منهوبة ومهربة إلى الخارج”.

وبالرغم من انعدام ثقة اللبنانيين بالسلطات وقدرتها على ابتداع الحلول وبناء استقرار في الاقتصاد والوصول إلى التعافي المالي، فإنهم يأملون في استعادة الحياة الكريمة في أسرع وقت.

'