الإخوان يحضّون الجيش المصري على رفع الغطاء عن السيسي – مصدر24

الإخوان يحضّون الجيش المصري على رفع الغطاء عن السيسي

القاهرة – تيقنت جماعة الإخوان من أن التظاهرات التي دعت إليها في الحادي عشر من نوفمبر الجاري ضد النظام المصري تحتاج إلى دعم كبير من المؤسسة العسكرية كي يتشجع المواطنون على التجاوب معها، وأن خطاب الجماعة الذي يدغدغ المشاعر ويلعب على وتر تنامي الأزمة الاقتصادية لن تكون له جدوى إذا لم يصحبه تأييد من الجيش.

وتعمّدت وسائل إعلام الجماعة (مواقع على شبكة الإنترنت وفضائيات ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي…)، خلال الأيام الماضية نشر مجموعة من الأخبار وتضخيمها كي توحي بأن المؤسسة العسكرية في مصر تعصف بها الخلافات ولم تعد داعمة للرئيس عبدالفتاح السيسي.

وجرى بشكل واسع ترويج بيان منسوب إلى جنرالات مصريين مجهولين، يقولون فيه إنهم يدعمون التظاهر ويحضون الشعب المصري على الخروج إلى الشوارع والميادين احتجاجا على الأوضاع الحالية، وتبعه بيان آخر في السياق نفسه نسب إلى رئيس الأركان المصري الأسبق الفريق سامي عنان، المعروف بأنه على خلاف مع السيسي، ووضع تحت الإقامة الجبرية في منزله بالقاهرة منذ فترة.

الشائعات التي راجت في إعلام الإخوان تتسرب داخل مصر وتنتشر بين المواطنين في غياب بيانات رسمية تدحضها

وأشار إعلام الإخوان أيضا إلى أن هناك ستة من كبار ضباط جهاز المخابرات العامة في مصر تقدموا باستقالاتهم مؤخرا احتجاجا على الأداء العام للنظام وما يمكن أن يؤدي إليه من مشاكل، وذلك استنادا إلى تقرير نشرته مؤخرا مجلة “أفريكا أنتلجنس”.

وتم توظيف تقارير نشرتها بعض وسائل الإعلام الغربية لتأكيد توجهات جماعة الإخوان بشأن ما يسمى “إمبراطورية الجيش” الاقتصادية ووجود خلاف بين كبار القادة والرئيس المصري حول عملية طرح بعض الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية في البورصة وخصخصتها، واستُغِلّ تقرير نشرته الاثنين صحيفة فاينانشيال تايمز في هذا السياق للتأكيد على أن الوضع الاقتصادي في مصر أصبح كارثيا.

وبدأت المعلومات والشائعات التي راجت في إعلام الإخوان تتسرب داخل مصر وتنتشر بين المواطنين في ظل عدم وجود بيانات مضادة تدحضها أو ترد عليها بطريقة منهجية، وتُركت باعتبارها نوعا من المزاعم لتفتيت وحدة المصريين الذين لم يتجاوب الكثير منهم علنا مع دعوات تظاهر يزيد الحشد لها كلما اقترب موعدها.

ويقول مراقبون إن بعض المصادر المصرية المطلعة على تفاصيل الأمور تخشى الرد على ما يروّجه الإخوان تحسبا لوضعهم في كفة واحدة يفهم منها أن أجهزة الدولة مهزوزة أو مرتبكة، وتخشى أن يفضي التجاهل وعدم الرد إلى جعل الشائعات حقائق في تصوّر المواطنين.

ويضيف هؤلاء المراقبون أن إعلام الإخوان وظّف أجواء التعتيم داخل مصر في خلط المعلومات الصحيحة بالكاذبة، لأنه على يقين من أن النظام المصري لن يجاريه في تفنيدها، وكل ما يستطيع فعله هو الهجوم على بعض الشخصيات الإخوانية والتشكيك في المنابر التي تطل منها من خلال عبارات عامة لا تصب في صالح القاهرة غالبا.

 

يحترفون بث الاكاذيب والإشاعات
يحترفون بث الاكاذيب والإشاعات

 

وجرت إعادة إذاعة مشاهد لتظاهرات سابقة حدثت في مصر وترويج فيديوهات في مناسبات مختلفة وكأنها حدثت الآن، وهو ما يسهم في رفع منسوب اللغط في الشارع، وزاد عدد فيديوهات الأسماء المجهولة، ومعظمها من خارج مصر وجميعها تحضّ على الثورة وتغازل الجيش، محاولةً إظهاره كما لو أنه رفع الغطاء عن السيسي.

ويعلم الداعون إلى التظاهر والذين يحضّون على الثورة أن العلاقة بين المؤسسة العسكرية والسيسي وثيقة وتقوم على تراتبية متينة، لذلك يحاولون إضعاف هذه العلاقة عبر استعادة شعارات جذابة تم ترديدها سابقا من قبيل شعار “الشعب والجيش إيد (يد) واحدة” الذي تردد في ميادين مصرية عديدة عقب اندلاع ثورة يناير 2011.

وتمكن السيسي، عندما كان رئيسا لجهاز المخابرات الحربية في ثورة يناير ثم وزيرا للدفاع خلال ثورة يونيو 2013، من معرفة التفاصيل الدقيقة لعمل جميع الأجهزة الأمنية في مصر والإشراف عليها، وهو ما صرح به مباشرة في أحد اللقاءات التي عقدها مؤخرا، ما يعني أنه يمسك بمفاتيح الأمور جيدا، مردفا الإشادة بدور الجيش المصري ومثمنا دوره الوطني خلال السنوات الماضية.

ويسود الاعتقاد في أن أي رئيس مصري لا يستطيع الصمود إذا رفع عنه الجيش يده، وقد سقط نظام حسني مبارك ثم نظام الرئيس الإخواني محمد مرسي عندما رفعت المؤسسة العسكرية الغطاء عن كليهما، وهو ما يدعو الإخوان إلى محاولة تحييدها على الأقل إن لم يكن استقطابها، رغبة في إعادة إنتاج سيناريو التضحية بمبارك.

وتعرف جماعة الإخوان والمتحالفون معها التركيبة التي يقوم عليها الجيش المصري، والتي تنحاز دوما إلى الدستور والشرعية السياسية التي يتمتع بها الرئيس ويقسم ضباطها كبارا وصغارا على الولاء له، ولذلك لا تراهن الجماعة على انحياز المؤسسة العسكرية إليها انحيازا تامّا، لكنها تريد إحداث بلبلة يصل صداها إلى المواطنين، وهو ما يوحي بأن الجيش لم يعد يمثل صمام أمان للسيسي ومطلوب من هؤلاء المواطنين أن ينتشروا في الشوارع والميادين فهم في أمان ولن تتعرض لهم أجهزة الأمن، حسب مخطط الإخوان.

وما تريده حملة الترويج المتعلقة بوجود خلافات هو تحفيز الناس على كسر “تابو” أو ممانعة عدم التظاهر في الشوارع، وإذا انطلقت الشرارة الأولى سيكون من السهل استكمال المسيرة بحلقات أخرى في المستقبل، لأن الجيش ينحاز في النهاية إلى الشعب مهما كان ولاؤه للرئيس ولن يجازف باستخدام العنف في الشارع.

 

العلاقة وثيقة بين الرئيس والمؤسسة العسكرية
العلاقة وثيقة بين الرئيس والمؤسسة العسكرية

 

'