الإعلام التركي يمهد لتراجع أردوغان عن نظرية خفض الفائدة – مصدر24

الإعلام التركي يمهد لتراجع أردوغان عن نظرية خفض الفائدة

أنقرة – بدأت وكالة الأناضول الرسمية التركية فجأة بامتداح النتائج الإيجابية لقرار رفع الفائدة بعد أن كانت الدعاية الحكومية التركية كلها تشيد بتخفيض أسعار الفائدة، في خطوة سيكون الهدف منها مساعدة الرئيس رجب طيب أردوغان على تغيير نظريته التي قادت إلى انهيار الليرة التركية وزادت من متاعب الاقتصادي التركي.

ويأتي هذا في وقت يضغط فيه رجال الأعمال والدوائر المالية التركية على أردوغان من أجل تغيير رؤيته التي تتعارض مع منطق السوق.

وأوردت وكالة الأناضول تقريرا قصيرا تساءلت فيه عن سرّ تمسّك مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي بزيادة سعر الفائدة لمواجهة التضخم. وقالت إن المجلس قرر زيادة جرعة رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، علها تكون بداية لوقف صعود التضخم، والبدء برحلة هبوط خلال الربع الثالث من 2022.

وتساءلت “كيف يتسبب رفع سعر الفائدة في كبح التضخم؟ قائلة “قد تكون هذه الأداة النقدية الأبرز لدى كافة البنوك المركزية لكبح جماح التضخم، لكنها غالبا ما تصيب، ونادرا ما تخيب”.

علي باباجان: افعلوا ما يلزم لإدارة الاقتصاد والتمويل على أساس العقل والعلم

وقالت في التقرير، الذي حمل عنوان “بلغة سهلة.. كيف يتسبب رفع سعر الفائدة في كبح التضخم؟”، إن الهدف من قرار رفع أسعار الفائدة هو تخفيف السيولة النقدية داخل السوق لإبطاء الاستهلاك، وهو أول الطرق لخفض التضخم في أيّ اقتصاد.

وأضافت أن “رفع الفائدة كذلك سيدفع باتجاه انتقال السيولة إلى البنوك على شكل ودائع، يحصل أصحابها مقابلها على فوائد مرتفعة من البنوك كأداة استثمار، وهنا ينجح البنك المركزي في سحب السيولة من الأسواق”.

وخلصت إلى أن “هذا بالضبط ما يقوم به الفيدرالي الأميركي وبنك إنجلترا وقريبا البنك المركزي الأوروبي، كأبرز أدوات كبح جماح التضخم الذي أصاب الاقتصاد العالمي”.

وقال خبراء إن هناك مقاربة مسكوتا عنها بين الحالة الأميركية التي نجحت عن طريق رفع الفائدة في تحقيق خفض التضخم، وبين الحالة التركية التي تمسكت بخفض الفائدة وراكمت خسائر الليرة وزادت من ارتفاع التضخم.

وقفز التضخم في تركيا إلى 73.5 في المئة، وهو الأسرع في الأسواق الناشئة والاقتصادات المتقدمة، بعد أن أمر أردوغان البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة على الرغم من تسارع زيادات الأسعار.

وأثار التدخل السياسي أواخر العام الماضي أزمة عملة وخسرت الليرة 44 في المئة من قيمتها في 2021 وانخفضت بأكثر من 20 في المئة هذا العام.

ويعتقد الخبراء أن المديح الذي كالته الوكالة الرسمية لزيادة أسعار الفائدة لم يكن اعتباطيا، متوقعين أن يكون مقدمة لمراجعة رسمية للمسار الخاطئ الذي اعتمده أردوغان، والذي يقيس موضوع زيادة أسعار الفائدة بالحلال والحرام وليس بتقاليد السوق.

وسبق أن أطلق الرئيس التركي تصريحات يشدد فيها على أنه لن يتراجع عن فكرته، حيث قال “تحدث أردوغان عن خفض معدلات الفائدة أمس، ويتحدث عن خفض معدلات الفائدة اليوم، وسيتحدث عن خفض معدلات الفائدة غدا”.

وتابع بأن تركيا قد ألغت جانبا الوصفات التي قدمتها “المؤسسات المالية الإمبريالية” التي “تجعل الأغنياء أكثر ثراء والفقراء أكثر فقرا من خلال زيادة أسعار الفائدة”.

وقال “بإذن الله سنحقق استقرار أسعار الصرف خلال فترة وجيزة”، لكن ذلك لم يحصل بالرغم من تمسك أردوغان بنظرته المحافظة منذ سنوات.

وكان الرئيس التركي يلجأ وفي كل مرة في معالجة مشكلة الفائدة إلى تغيير محافظي البنك المركزي، وكذلك عزل أعضاء في لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي وتعيين آخرين، وهو ما خلق أجواء من عدم الثقة لدى المتدخلين الماليين والاقتصاديين الأتراك والأجانب.

التضخم يخرج عن السيطرة
التضخم يخرج عن السيطرة

ومن الواضح أن الرئيس التركي بات مقتنعا بأن أسلوبه في إدارة الأزمة كان خاطئا، وهو يسعى حاليا للبحث عن سلّم للنزول من برجه العاجي ليحدث تعديلا على موقفه، ولكن ليس بأسلوب من يعتذر عن أخطائه ويسلّم الملف إلى الخبراء.

ويضغط رجال الأعمال والمال على الرئيس التركي لأجل الاستماع إلى الخبراء لإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح بعد تصاعد التضخم وهبوط الليرة.

ودعا علي باباجان، وزير الاقتصاد الأسبق الذي يحسب له الوقوف وراء القفزة الاقتصادية لتركيا، أردوغان إلى تغيير الاقتصاد والإدارة المالية للبلاد على الفور.

وأضاف باباجان، الذي انشق عن الحزب الحاكم وكوّن حزبا جديدا، “افعلوا ما يلزم لإدارة الاقتصاد والتمويل على أساس العقل والعلم”، و”عيّنوا كوادر مؤهلة لدى البنك المركزي ومعهد الإحصاء التركي فوراً ولا تتدخلوا في هاتين المؤسستين المستقلتين”.

وقال رجل الأعمال البارز تونكاي أوزيلهان، رئيس مجموعة الأناضول ورئيس المجلس الاستشاري الأعلى، “من أجل وضع الاقتصاد على مسار مستقر ومستدام من الضروري الاستماع إلى آراء الخبراء والفنيين والأكاديميين”.

وأضاف أن التضخم يخرج عن السيطرة ويجب أن تكون الأولوية الآن لمنعه وخفضه. وقال “معدل الزيادة في التضخم عند مستوى لم نشهده من قبل”، و”سيؤدي هذا إلى زيادة عدم المساواة في الدخل”.

'