الإمارات تكسر حواجز الخلافات السياسية مع إسرائيل في جهود مواجهة الوباء – مصدر24

الإمارات تكسر حواجز الخلافات السياسية مع إسرائيل في جهود مواجهة الوباء

الإمارات تكسر حواجز الخلافات السياسية مع إسرائيل في جهود مواجهة الوباء

الإعلان عن أول تعاون تكنولوجي وعلمي بين الإمارات وإسرائيل في التصدي لوباء كورونا، لا يتضمّن بالضرورة تغيّرا في المواقف المبدئية لدولة الإمارات من عملية السلام ومن الحقوق العربية التي يتوجّب التمسك بها وعدم التفريط فيها، بقدر ما هو تعبير عن شعور بالندية وقدرة على تجاوز الخلافات السياسية تحقيقا لمصلحة إنسانية عامة في مواجهة خطر يداهم البشرية قاطبة دون تفريق بين شعوبها وأممها.

أبوظبي – جاء الإعلان الرسمي عن أول تعاون إماراتي إسرائيلي في مجال الأبحاث المتعلّقة بمواجهة وباء كورونا ليعكس الزخم الذي أخذته الجهود العالمية للتصدّي للجائحة التي أصبحت تشكّل تهديدا للبشرية بمختلف انتماءاتها الجغرافية والعرقية والدينية.

وكانت دولة الإمارات قد انخرطت بقوة في جهود مكافحة الجائحة على صعيد عالمي، بعد أن اتّضحت معالم التحدّيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها على أغلب بلدان العالم. وتحوّلت الدولة إلى طرف أساسي في تلك الجهود بالشراكة مع الأمم المتّحدة ممثلة بمنظمة الصحّة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي.

وكشفت الإمارات منذ اشتراكها في مارس الماضي مع الأمم المتّحدة، في إرسال أدوية ومعدّات طبية إلى إيران باستخدام أسطول الشحن الجوي الإماراتي وانطلاقا من المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بدبي، عن مبدئها العام في مساعدة جميع الشعوب على مواجهة كورونا بعيدا عن أي اعتبارات سياسية أو دينية أو عرقية. وبذلك لم تمنع العلاقات المتوتّرة بين طهران ومعظم العواصم العربية والخليجية، الإماراتيين من مساعدة جيرانهم على الضفّة الأخرى من الخليج.

ولاحقا دشّنت الإمارات حملة مساعدات طبية طالت قرابة السبعين دولة في أنحاء متفرّقة من العالم، من أفريقيا إلى آسيا إلى أوروبا وأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، مع مراعاة عامل وحيد هو مدى حاجة الدول والشعوب إلى تلك المساعدات لمواجهة الوباء القاتل.

وينطبق المبدأ المتّبع من قبل دولة الإمارات في جهودها بمواجهة الجائحة، على اتّفاق أعلن عن توقيعه بين شركتين من القطاع الخاص الإماراتي، وشركتين إسرائيليتين لتطوير الأبحاث والتكنولوجيات الهادفة إلى مكافحة كورونا.

وأعلن عن الاتّفاق الجديد في منشور لوكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام)، جاء فيه “في ظل تفشي جائحة كورونا في العالم، وفي ظل الظروف التي تفرضها هذه الأزمة على كافة الدول والسعي إلى تضافر الجهود في مجال البحث والتطوير والتكنولوجيا وتكريسها لصالح مسيرة الإنسانية، أعلنت شركتان من القطاع الخاص الإماراتي وشركتان إسرائيليتان إطلاق عدة مشاريع مشتركة في المجال الطبي”.

وأضافت الوكالة “تأتي هذه الشراكة العلمية والطبية لتتجاوز التحديات السياسية التاريخية في المنطقة ضمن أولوية إنسانية وتعاون بناء يهدف إلى التصدي للجائحة، والتعاون لأجل صحة مواطني المنطقة. وفي ظل هذه الجائحة التي انتشرت في جميع دول العالم، فإنّه من الواجب وضع مصلحة الإنسان والبشرية وحمايتها في مقدمة الأولويات، للعمل معا من أجل التخلص من جائحة لم يشهد العالم مثيلا لها”.

المبادئ التي جعلت الإمارات تساعد إيران على مواجهة كورونا هي ذاتها التي تحكم التعاون مع إسرائيل ضد الوباء

ويتضمّن السماح بإبرام مثل هذا الاتفاق شعورا بالندية وثقة في القدرات تفتقر إليها عدّة بلدان عربية في تعاملها مع إسرائيل. كما ينطوي على فصل واضح بين المسائل الصحية والعلمية والإنسانية، والخلافات السياسية العميقة القائمة بين إسرائيل والبلدان العربية ومن ضمنها الإمارات.

وفي المقابل لا يشير التعاون العلمي والتكنولوجي المستجدّ بين الإمارات وإسرائيل إلى أي تغيّر في الموقف الإماراتي من عملية السلام ووجوب إيفاء الجانب الإسرائيلي بمتطلباتها الواضحة. وهو الموقف الذي اتضح مجدّدا لدى إعلان تل أبيب مؤخّرا عن عزمها على الشروع في تنفيذ مخططها لضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلّة وغور الأردن.

وعبّرت الإمارات بوضوح عن رفضها لتنفيذ ذلك المخطّط محذّرة تل أبيب من أن إقدامها على تلك الخطوة “يقوض فرص تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.

ولوضع إسرائيل أمام مسؤولياتها عمّا سيترتّب على مخطّطها المذكور، كتب السفير الإماراتي لدى الولايات المتّحدة يوسف العتيبة في مقال نشره في وقت سابق في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إنّ مخطط الضمّ “سيقوض بالتأكيد، وعلى الفور، التطلعات الإسرائيلية لتحسين العلاقات الأمنية والاقتصادية والثقافية مع العالم العربي والإمارات”، معتبرا أنّ “استمرار الحديث عن التطبيع سيكون مجرد أمل مغلوط في تحسين العلاقات مع الدول العربية”.

وأكد أنّ “خطة الضم الإسرائيلية تتحدى الإجماع العربي، وعمليا الدولي أيضا، في ما يتعلق بالحق الفلسطيني”.

كما كتب العتيبة في مقاله أن معظم العرب “يودون أن يصدقوا أن إسرائيل هي فرصة وليست عدوا”، موضحا “نحن نواجه الكثير من الأخطار المشتركة ونرى الإمكانات الكبيرة لعلاقات دافئة. وسيكون قرار إسرائيل بشأن الضم بمثابة إشارة لا لبس فيها حول ما إذا كانت هي ترى الأمور بنفس الطريقة”.

وفي تأكيد للموقف الإماراتي المبدئي من قضية الضمّ، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إنّ بلاده اختارت “أن تتحرك بكل السبل الدبلوماسية المتاحة لمواجهة هذه الخطوة بكل ما تحمله من مخاطر على مسار السلام واستقرار المنطقة”. وتابع في تغريدات على تويتر “قرار القيادة بتفعيل التحرك السياسي وطني وعربي بامتياز”.

'