الاعتناء بالطفل في سنواته الأولى يعزز تطوره المعرفي – مصدر24

الاعتناء بالطفل في سنواته الأولى يعزز تطوره المعرفي

لندن – أكدت جل الدراسات الاجتماعية أن الأطفال الذين يعيشون داخل أسر ذات دخل منخفض وتعاني من المصاعب في المراحل المبكرة يدخلون المدرسة بمستويات استعداد أقل من أقرانهم الذين يعيشون داخل أسر ذات دخل عال أو تلك التي مرت بمصاعب أقل. وتنتج عن هذه الأنماط فجوات ضخمة في أداء الأطفال وتحصيلهم الدراسي، ما يعني أن الاهتمام بالطفل في سنوات عمره الأولى يعزز تطوره المعرفي والسلوكي.

وركزت جل البحوث في السنوات الأخيرة على أهمية برامج الزيارات المنزلية للأمهات الحوامل التي تقوم بها السلطات الصحية والتي تندرج ضمن أطر الاستثمار في الطفولة المبكرة. وتبدأ تلك الزيارات أثناء فترة ما قبل الولادة وحتى رياض الأطفال عالية الجودة التي تسبق الالتحاق بحضانة الأطفال بعام أو عامين.

ويؤكد خبراء علم الاجتماع أن السنوات الأولى لحياة الطفل تضع الأساس لكل نموه اللاحق.

ووفق تقرير لليونيسف، في السنوات الأولى من العُمر، وخصوصا من فترة الحمل وحتى سنّ الثالثة، يحتاج الأطفال إلى التغذية والوقاية والتحفيز من أجل نموّ دماغي سليم.

وأشار التقرير إلى أن التطورات الحديثة في علوم الجهاز العصبي أظهرت أدلة جديدة حول نمو دماغ الأطفال الرُضّع خلال تلك الفترة حيث بينت أن أدمغة الأطفال تشكل في السنوات الأولى من حياتهم روابط جديدة بمعدل مذهل يبلغ، وفقا لمركز نمو الطفل التابع لجامعة هارفارد، أكثر من مليون رابطة في الثانية.

وبيّن تقرير اليونيسف أيضا أنه وخلال عملية بناء الدماغ، تتشكّل الوصلات العصبية بفعل الجينات والخبرات المعيشية، وهي تحديدا حُسن التغذية والوقاية والتحفيز من خلال الكلام واللّعِب والاهتمام المُتجاوب مِن طرف مَن يعتنون بالطفل. وأكد التقرير أنّ هذه التوليفة من الطبيعة والتغذية تضع حجر الأساس لمُستقبل الطفل.

لكنّ كثيرا من الأطفال لا تزال تفوتُهم توليفة التغذية واللعب والحُب التي تحتاج إليها أدمغتهم لكي تنمو.

 السنوات الأولى لحياة الطفل تضع الأساس لكل نموه اللاحق
 السنوات الأولى لحياة الطفل تضع الأساس لكل نموه اللاحق

وتحتاج الأدمغة سريعة النمو إلى سياسات وبيئات صديقة للأسرة لتدوم انطلاقتها.

وتشير الأبحاث إلى أن التدخلات الصائبة في الوقت المناسب قادرة على تعزيز النماء وعلى كسر حلقات الغُبن المتناقلة بين الأجيال، وعلى توفير بداية حياة منصفة لكل طفل.

وبالنسبة للرُضّع المولودين وسط أجواء الحرمان، يمكن للتدخل مبكّرا، حين يكون الدماغ منهمِكا في النمو المطّرِد، أن يعكس مسار الضرر وأن يُساعد في بناء القدرة على الصمود.

ويشير الخبراء إلى أن الأطفال يكتسبون المعطيات الخاصة بالسمات المميزة لبيئاتهم من خلال التفاعلات الأولى لَهُم مع البالغين في حياتهم، كما تُمثِّل طريقةُ استجابة البالغين للأطفال الرُّضع مؤشرا غاية في الأهمية لكيفية نمو الأطفال في السنوات المقبلة.

ووفق بحث حول تنشئة الأطفال في القرن الحادي والعشرين، يعتمد الأطفال الرُّضع على مقدِّمي الرعاية لتوفير بيئة تفاعلية تتضمَّن مستوياتِ تحفيز مناسِبة للنمو المعرفي؛ وأكد البحث أن مقدِّم الرعاية الذي يتضمَّن تركيزُهُ على التطور المثالي للطفل الرضيع عنصرَي التفاعل والتنشئة جنبا إلى جنب مع التحفيز المعرفي، يساعد بذلك في تعزيز الصحة النفسية بصفة عامة.

وقالت عالمة النفس المتخصِّصة في الإدراك المعرفي لدى الرُّضع إليزابيث إس سبيلكي إن الإدراك المعرفي لدى الرُّضع يتسم بالتعقيد، بصرف النظر عن الصعوبات المقترنة بإجراء الأبحاث على فكر الأطفال دون القدرة على الاستفادة من استخدامهم للُّغة الكلامية.

وبيّنت سبيلكي وباحثون آخرون أن الأطفال الرُّضع لديهم مفاهيم عن الأشياء ومفهوم أوَّلي عن السبب والنتيجة، كما يمكنهم التعرف على مَن يهتمون بشؤونهم، بل ويمكنهم تمييز شيء ما مِن بين العديد من الأشياء.

وتعد مرحلة الطفولة المبكرة التي تمتد بعد السنة الثانية إلى السنة الخامسة من العمر فترة مهمة لتطوير المهارات الحركية لدى الطفل وتنمية السلوك الحركي الإيجابي لديه، وخلال هذه المرحلة، يرتبط التطور الحركي للطفل ارتباطا وثيقا بكل من تطوره المعرفي والوجداني والاجتماعي.

'