الانتخابات المحلية الجزائرية بلا مقاطعة – مصدر24

الانتخابات المحلية الجزائرية بلا مقاطعة

الجزائر – تتجه أحزاب المعارضة الراديكالية الجزائرية إلى المشاركة في الانتخابات المحلية المسبقة المقررة نهاية شهر نوفمبر القادم، حفاظا على خطوط التواصل مع قواعدها الشعبية، وتفادي المزيد من العزلة القاعدية التي تكرست طيلة مسار مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، الأمر الذي سيضعها أمام اختبار حقيقي لقياس شعبيتها وإثبات ثقلها أمام السلطة.

وألمح القيادي في جبهة القوى الاشتراكية المعارضة حكيم بلحسل إلى استعداد حزبه للمشاركة في الانتخابات المحلية (البلدية والولائية) بالبلاد، المقررة نهاية شهر نوفمبر القادم، لينضم بذلك إلى خط حزب العمال اليساري، الباحث هو الآخر عن دخول الاستحقاق المذكور.

وبرّر المسؤول في جبهة القوى الاشتراكية موقف حزبه بالعمل على أداء دوره في التفاعل مع انشغالات الشارع وتطلعاته، لاسيما في ظل ما أسماه بـ”غياب الدولة وفشلها الفادح والذريع في إدارة شؤون الشعب الجزائري”، وطرحه كبديل لا ينبغي أن يغيب مجددا، لأنه “حزب سياسي يتمتع بمصداقية لا تشوبها شائبة ورصيد سياسي من ذهب”.

حكيم بلحسل: الانتخابات ستكون فرصة لنيل مجال أوسع على السلطة المحلية

ورافع بلحسل بقوة لصالح خيار المشاركة في الانتخابات المحلية خلال جلسة المجلس الوطني للحزب، والتي تبحث مسألة المشاركة من عدمها، وذلك بالقول “لو كنا محقين في رفض الانتخابات التشريعية والاستفتاء الدستوري لأنهما شككا في التطلعات المشروعة للثورة الشعبية في الثاني والعشرين من فبراير سنة 2019، فمن المفترض أن تكون الانتخابات المحلية المقبلة بالنسبة إلينا فرصة لنيل مجال أوسع على السلطة المحلية في المجالس البلدية والولائية، من أجل منع عملاء السلطة ورجال الأعمال المتلاعبين بالأموال العامة، والمغامرين بنسف الفضاء الديمقراطي الوحيد المتاح لدى الأوساط الشعبية، على الرغم من محدوديتها والعقبات الكثيرة التي تعتريها”.

وينتظر أن تكون الانتخابات المحلية القادمة أول استحقاق يجري دون مقاطعة منذ آخر انتخابات جرت العام 2017، حيث تعكف قوى المعارضة الراديكالية على دخول المعركة الانتخابية من أجل الإبقاء على خطوط تواصلها مع القواعد الشعبية، وإذ باتت مشاركة جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال في حكم المؤكد، فإن نفس الموقف ينتظر صدوره عن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية رغم تردده لحد الآن.

وإذ ظل التيار المقاطع يبرر موقفه بموجة العزوف التي خيمت على الاستحقاقات السابقة، محاولا الاستفادة السياسية من القطيعة بين النظام السياسي والشارع، فإن الانتخابات القادمة ستكون اختبارا حقيقيا له، فهو إلى جانب حاجته لانكسار جدار العزوف الشعبي، سيكون مجبرا على إثبات قوته للسلطة وجدارة مواقفه السابقة.

لكن مع ذلك سيحقق المقاطعون للاستحقاق الانتخابي أول انتصار لهم، يتمثل في كون دخول الأحزاب ذات الحضور القوي في منطقة القبائل يسمح للمنطقة بالانخراط في المسار الانتخابي بعد سنوات من المقاطعة للاستحقاقات الأخرى، الأمر الذي سيؤكد وزنها الشعبي حتى ولو كان جهويا، وعلى قدرتها في تعبئة الشارع، بعد القطيعة التي جعلت المنطقة خارج المؤسسات المنتخبة الأخرى وشكل صداعا حقيقيا للسلطة.

وأكد في هذا الشأن، القيادي في جبهة القوى الاشتراكية، أن “حزبه يطمح إلى جعل عهدته الانتخابية وسياساتها وبرامجها الإدارية نماذج للحكم الرشيد والكفاءة والمصداقية والنزاهة الأخلاقية والفكرية”.

الانتخابات المحلية القادمة أول استحقاق يجري دون مقاطعة، حيث تعكف قوى المعارضة الراديكالية على دخول المعركة الانتخابية من أجل الإبقاء على خطوط تواصلها مع القواعد الشعبية

وأحالت اللجنة المركزية لحزب العمال النقاش حول مشاركة الحزب في الانتخابات المحلية المقبلة على قواعد الحزب ومع المواطنين والمواطنات، وقد تم تكليف المكتب السياسي بمهمة تأطير النقاش والسهر على تحقيق الأهداف المسطرة والمنتظرة في نهاية الأشغال في المجالات السياسية والتنظيمية.

واعتبر بيان صادر عن الحزب المذكور أن “النقاش حول الانتخابات المحلية يكتسي طابعا سياسيا حصريا، وعلى علاقة بالضرورة الملحة في إفراز السبل والوسائل السياسية الكفيلة بمساعدة الأغلبية على فتح مخرج للأمة بواسطة التعبئة المستقلة، وذلك بعد الانهيار الشامل لشروط معيشة أغلبية الشعب الجزائري الذي يواجه كل أشكال الفقر والحرمان”. 

وعدّد الحزب المظاهر المذكورة في “نقص غير مسبوق للماء الصالح للشرب وتفشّ مهول لنسبة البطالة وارتفاع جنوني وإجرامي ومتواصل لأسعار المنتوجات بما فيها المحلية، فضلا عن الندرة المنظمة للخبز العادي وأكياس الحليب المدعمين من طرف الخزينة العمومية، وهو الدعم المبرمج للإلغاء في إطار نهاية دعم الدولة، الذي تحضر له الحكومة، لتكون بذلك ضربة قاضية للدولة الاجتماعية الموروثة عن الاستقلال الوطني”.

'