الانتخابات بوابة قطر لفرض نفسها رقما صعبا في المعادلة الفلسطينية – مصدر24
الانتخابات بوابة قطر لفرض نفسها رقما صعبا في المعادلة الفلسطينية

الانتخابات بوابة قطر لفرض نفسها رقما صعبا في المعادلة الفلسطينية

رام الله – أنهى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الخميس، زيارة استمرت ثلاثة أيام للدوحة، التقى خلالها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وشهدت نقاشا موسعا حول ترتيبات إجراء الانتخابات العامة في الأراضي الفلسطينية. من ثمار هذا النقاش تسليم حركة حماس موافقتها الخطية على المشاركة في الاستحقاق، مساء الثلاثاء، بعد ساعات من إعلان إرجاء خطوتها.

طارق فهمي: القاهرة ترفض تصوير هذا التقارب على أنه مكيدة سياسية ضدها

وعلمت “العرب”، أنه تم الاتفاق خلال الزيارة على منح قطر السلطة الفلسطينية 25 مليون دولار تحت بند تمويل الهيئة العليا للانتخابات. ويعول عباس على هذا الدعم الذي يضمن إجراء الاستحقاقين التشريعي والرئاسي من دون معوقات مالية، كما أنه يفتح الطريق أمام دخول الدوحة كوسيط بينه وبين حماس للمزيد من التفاهمات السياسية لما بعد الانتخابات، ما يؤدي إلى مزاحمة الدور التقليدي للقاهرة على الساحة الفلسطينية، خاصة مع ظهور فتور في العلاقة بين مصر وعباس الذي خفّت زياراته إليها.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، في وقت سابق، إن الرئيس محمود عباس سيحدد موعد إجراء الانتخابات، بعد عودته من زيارة قطر، لافتا إلى أن معظم الفصائل سلمت ردودها، وعلى ضوء مضمون تلك الردود سيقع تحديد موعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

وشهدت علاقة عباس بقطر تحولا ملحوظا في الأشهر الأخيرة، واستبدلت القيادات القريبة من محمود عباس خطاب الإدانة والشجب لتصرفات الدوحة في قطاع غزة، تحديدا في أعقاب إقدام قطر على إدخال مساعدات إلى القطاع بالتنسيق مع إسرائيل دون التشاور معها، بشكر وثناء ظهر خلال الزيارة الأولى في مايو الماضي وتكرر أثناء الزيارة الأخيرة.

وجاء تحول موقف عباس (أبومازن) بعد أن ألمحت قطر إلى إمكانية تقديم مساعدات إلى السلطة الفلسطينية أسوة بقطاع غزة، وقيام السفير القطري، المشرف على إعمار غزة، محمد العمادي بجولات عدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل، وبدا أنه يقود تفاهمات على مستوى أوسع لترتيب البيت الفلسطيني مستقبلا، خاصة وأن عملية إجراء الانتخابات لم تلق معارضة إسرائيلية وبدت أقرب للموافقة الضمنية.

ويذهب البعض للتأكيد على أن جزءا من علاقة التقارب الحالية ترتبط بأهداف قطرية تركية ترفض بأن يأتي القيادي الإصلاحي محمد دحلان على رأس السلطة الفلسطينية، وبالتالي فهي تدعم التيار المقابل له في حركة فتح وتسعى إلى تقويته بالتحالف مع حماس.

وتدرك الدوحة أن وجود دحلان في موقع القيادة الفلسطينية لن يسمح لها بالتدخل في الشأن الفلسطيني، كما هو الحال حاليا، وظهر ذلك من خلال الحملات الإعلامية التي تشنها أذرع قطر وتركيا ضد القيادي الفلسطيني منذ فترة طويلة وتشتد حاليا.

ولا تلقى استدارة أبومازن صوب قطر ارتياحا لدى باقي هياكل السلطة الفلسطينية وحركة فتح، بل إن هناك قطاعا يعارضها، ويعتبر الأمر ذا بعد شخصي له علاقة بأبناء رئيس السلطة الفلسطينية الذين يحملون الجنسية القطرية ولديهم استثمارات واسعة في الدوحة، وكذلك فإن شركة المحمول الثانية في فلسطين المحتلة تمتلكها قطر بالمناصفة مع أبنائه.

وقالت مصادر فلسطينية -رفضت ذكر اسمها- لـ”العرب” إن موقف أبومازن القريب من قطر ظهر في أثناء اندلاع الأزمة القطرية العربية في العام 2017، -وإن تخللته اهتزازات- ففي حينه تمسك رئيس السلطة بموقفه الرافض لاتخاذ موقف تجاه الدوحة، بالرغم من أنها قد كرست للانقسام الفلسطيني منذ العام 2005 بعد أن ضغطت لمشاركة حماس في الانتخابات من دون أن تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية.

دور قطري مشبوه
دور قطري مشبوه

وأضافت المصادر ذاتها، أن الدور القطري في القضية الفلسطينية تصاعد في الفترة الأخيرة، وهو ما يرجع للعلاقات القوية التي تربط الدوحة بحماس وإسرائيل، غير أن هذا الدور لا يلقى صدى شعبيا في الداخل، بالرغم من المساعدات التي تقدمها قطر والتي ينظر إليها على أنها تندرج في سياق أجندة مشبوهة.

وانعكس الموقف القطري الذي يركز على التهدئة بين حماس والسلطة وإسرائيل على تأجيل مسيرات العودة للأسبوع الثالث على التوالي، في ظل دور قطري يحاول أن يركز بشكل أكبر على الانتخابات وتوابعها، وهو ما يواجه رفضا شعبيا من قبل المشاركين بتلك المسيرات، حيث يعتبرونها محاولة للانقضاض على رمزية احتجاجاتهم ضد ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي.

الرئيس محمود عباس يرى ضرورة أن يمسك بجميع الخيوط

وأكد سفير فلسطين السابق لدى مصر، بركات الفرا، أن العلاقات الفلسطينية مع قطر بشكل عام لم تتغير، ولكن أبومازن يرى ضرورة أن يمسك بجميع الخيوط بعد أن وجد نفسه غير قادر على إدارة السلطة حتى أن مسألة الانتخابات كان من الممكن أن تفشل من دون الضغط القطري على حركة حماس، وفي الوقت ذاته فإنه يبحث عمن يحل له المشكلات الاقتصادية التي يواجهها.

وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أن السلطة الفلسطينية ما زالت تتحفظ على الدعم القطري لحركة حماس البعيدة عن سيطرتها، وترى أن مكاسبها وراء تمكينها من إجراء الانتخابات وضمان تجديد الشرعيات للهيئات التي يدرك أبومازن أنها انتهت، تجعله أكثر قربا من قطر التي يمكنها تغيير مواقف حماس، تحديدا في ما يتعلق بالوضعية المستقبلية لقطاع غزة بما يضمن تواجدا حكوميا فلسطينيا قد ينهي الوضع القائم المعقد.

ومع أن اتفاق البعض من المراقبين، على أن الدور القطري له تأثيراته السلبية على علاقة عباس بالقاهرة، وبالتالي على دور وثيق الارتباط بالقضية الفلسطينية، فإن دوائر حكومية مصرية عدة شددت على أن طبيعة الجغرافيا السياسية على حدود قطاع غزة لا تسمح بتمرير مشروعات قطرية وتركية تهدد الأمن القومي العربي وتكرس للانقسام.

وقال الخبير المصري في الشأن الفلسطيني، طارق فهمي، إن القاهرة ترفض تصوير هذا التقارب على أنه مكيدة سياسية ضدها، وتدرك أنه لا بديل عنه لحل الصراع الحالي، وأن دورها هذا يأتي انطلاقا من تفويض الجامعة العربية لها، بعيدا عن التوجهات السياسية للرئيس الفلسطيني الذي يعمل بشكل براغماتي من أجل تحصين موقعه.

ولم تستبعد بعض المصادر أن يقوم أبومازن بزيارة القاهرة قريبا، لافتة إلى أن مصر تتفهم الحاجة الفلسطينية للتعامل مع الأزمات الداخلية، غير أنها لن تقبل بمبادرات قطرية مشبوهة تقود إلى خلط الأوراق، وتسمح لبعض القوى الإقليمية بممارسة دور يضاعف من التعقيدات الراهنة، وتخلق أزمات جديدة.

وكشفت المصادر لـ”العرب” أن الحالة الفلسطينية معرضة لأن تدخل مرحلة دقيقة من الالتباس، لن تكون مفيدة للانتخابات، في ظل الاستقطابات الداخلية والإقليمية.

'