البرلمان أمام اختبار تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المصريين – مصدر24

البرلمان أمام اختبار تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المصريين

القاهرة – ينوي البرلمان المصري إدخال تعديلات على أدواره التي قام بها الفترة الماضية، وظهر فيها كأداة تمرر الحكومة من خلالها قرارات الإصلاح الاقتصادي التي تضمنت رفع الدعم عن الكثير من السلع والخدمات، ومع انطلاق الدورة الثالثة لانعقاده السبت، ظهرت معالم تفيد المساهمة في تخفيف حدة الأزمات عبر مناقشة وإقرار قوانين تصب في صالح زيادة حد الإعفاءات الضريبية والرواتب والمعاشات.

 

وقال وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان النائب ياسر عمر إن التشريعات الاقتصادية ستكون في مقدمة الأجندة التشريعية، وتقتضي الأزمات الحياتية إقرار قوانين متوقع إرسالها إلى البرلمان، منها تقديم حوافز إضافية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية وغير المخاطبين بالقانون وزيادة الرواتب والمعاشات، وإدخال تعديلات على قانون ضريبة الدخل لرفع حد الإعفاء وتعديل قانون البورصة.

 

وعكست تصريحات النائب المصري لوسائل الإعلام توجها يسعى لتخفيف آثار المشكلات الاقتصادية وتطويع مؤسسات الدولة، للمساعدة في ذلك عبر اتخاذ إجراءات تقضي بالتراجع عن قرارات ترتبت عليها زيادات كبيرة مقابل خدمات يحصل عليها المواطنون، وهو ما قامت به وزارة الداخلية أخيرا، حيث خفضت قيمة خدمات تجديد رخص السيارات في قطاع المرور بها.

 

مصطفى بكري: تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين توجه رئاسي

 

ويبرهن دفع البرلمان نحو تصدير هذا التوجه مع بداية الدورة الجديدة

لانعقاده (الثالثة للمجلس الحالي) على أن هناك رغبة في تحسين صورته في أذهان المواطنين، بعد أن واجه الكثير من النواب انتقادات لاذعة وصلت حد منع دخول بعضهم إلى دوائرهم جراء اتخاذ قرارات لم تكن في صالح شريحة كبيرة من الناس، حيث ضاعفت من الأعباء الملقاة على عاتقهم، وأفرزت زيادة الاحتقان لدى فئة رأت أن البرلمان يعمل لصالح الحكومة.

وأوضح عضو مجلس النواب مصطفى بكري أن تخفيف الأعباء عن المواطنين “توجه رئاسي تعمل المؤسسات المختلفة على تنفيذه، وترتب عليه اتخاذ إجراءات حماية اجتماعية جديدة عبر توسيع قاعدة رواتب مبادرة ‘تكافل وكرامة’ المقدمة للطبقات الفقيرة والمعدمة، وزيادة حصة دعم تموين للسلع الأساسية للملايين من المواطنين، ورفع حد الإعفاءات الضريبية لصغار الموظفين”.

وأضاف في تصريح خاص لـ”العرب” أن المجلس بصفته التشريعية سيكون شريكا في هذا التوجه، عبر إقرار المزيد من القوانين والقرارات الاقتصادية التي يمكن أن تلبي احتياجات الكثير من المواطنين، وإعادة فتح النقاش حول قوانين قديمة جرى إقرارها وأدت إلى حدوث غضب في الشارع، كما هو الحال بالنسبة لقانون”التصالح في مخالفات البناء” الذي حرّك المياه الراكدة في قطاع المقاولات المرتبط بمهن عدة.

وأشار بكري إلى وجود تفاؤل بأن تصبح الدورة الثالثة لانعقاد البرلمان الحالي بداية مهمة لتخفيف الأعباء عن الناس وليس تكبيلهم، لأن هناك دورا مهما يضطلع به البرلمان، يتعلق بتحويل توصيات وقرارات الحوار الوطني ذات الارتباط المباشر بالحياة السياسية والأوضاع الاقتصادية إلى قوانين وتشريعات قابلة للتنفيذ على الأرض.

ويذهب متابعون إلى التأكيد أن الدفع بعدد من نواب البرلمان ضمن لجان الحوار الوطني المختلفة مقدمة للتعامل بإيجابية مع مخرجاته. ويشير هؤلاء المتابعون إلى أن تحسين الأوضاع الاجتماعية بحاجة إلى خطة اقتصادية متكاملة، وأن البرلمان لم يقدم على مدار دوراته السابق حلولا يمكن البناء عليها كخطة معبرة عن طبيعة الحياة المعيشية للمواطنين، والاكتفاء بتمرير ما تقدمه الحكومة لا يساعد على بناء الثقة وتحسين صورته تماما.

وافتتح مجلس النواب دورته السنوية الثالثة بالتصديق على تمديد العمل بالطوارئ في بعض مناطق شبه جزيرة سيناء تحت عنوان حفظ الأمن وحماية المنشآت لمدة ستة أشهر أخرى، وتضمنت جلسته الأولى حديثا مستفيضا من جانب رئيسه المستشار حنفي الجبالي حول أهمية الملفات الاقتصادية والاجتماعية الحاضرة على طاولة المجلس، للنظر فيها خلال الدورة الجديدة.

وسحبت الحكومة المصرية السبت مشروع قانون ينظم السفر عبر السكك الحديدية، كان يقضي بتشديد عقوبات انتشار الباعة الجائلين في محطات القطار وداخلها، وزيادة العقوبة المالية المفروضة على المخالفين من 50 جنيها ( نحو 2.5 دولار) إلى خمسة آلاف جنيه (250 دولارا)، وكان من المتوقع أن يقضي بمضاعفة رسوم الغرامات التي يدفعها المواطنون في حال ركوبهم القطارات دون حجز تذاكر مسبقة.

 

 تحسين الأوضاع الاجتماعية بحاجة إلى خطة اقتصادية متكاملة والبرلمان لم يقدم على مدار دوراته السابق حلولا يمكن البناء عليها

ويصعب الاعتماد على البرلمان كأداة لإطفاء الحرائق المشتعلة لأنه ينحاز في غالبية مواقفه إلى الحكومة، وإخراجه من هذا السياق ليس ممكنا في ظل الاعتماد على الوجوه والأشخاص السابقة، ما يفسر عدم الدفع بمشروعات قوانين صادرة مباشرة من النواب والاكتفاء بتمرير ما تقدمه الحكومة من تشريعات، وسيجد نفسه في مأزق إذا استجابت الحكومة لشروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد.

وذكر المحلل السياسي جمال أسعد لـ”العرب” أن ما ذكرته لجنة الخطة والموازنة بشأن تخفيف الأعباء، يعبّر عن خطة سابقة جرى اعتمادها من البرلمان ذاته مع إقرار الميزانية الحالية، وتعد مسألة رفع المرتبات والأجور وإقرار العلاوات الدورية أمرا معتادا، وإذا كان البرلمان جادا في تخفيف الأزمات عن كاهل المواطنين، عليه الإجابة على سؤال هل يستطيع إقرار زيادات في الدخول تضاهي نسب تصاعد التضخم وتتماشى مع الأزمة الاقتصادية التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية؟

وأكد أن البرلمان الحالي لم يشعر به الكثير من المواطنين على مدار دورتين سابقتين، لأنه لا يعبّر عن قوى وأحزاب فاعلة في الشارع ويفتقر نوابه إلى برامج جرى انتخابهم على أساسها، وليست هناك أحزاب قوية أو رؤى سياسية تشهد نقاشات تحت قبة البرلمان، لأن البرلمان جاء بطريقة انتخابية شكك مراقبون فيها، ما يقوض تحركاته اللاحقة إذا كانت هناك رغبة في أن يلعب دورا حقيقيا في تخفيف الأعباء عن المواطنين.

وأوضح أن النواب الذين لديهم رؤى سياسية واقتصادية مقنعة توارى الكثير منهم، ولا يوجد تقريبا ارتباط بين نبض الشارع وما يتم النقاش حوله داخل البرلمان، وسقطت العلاقة القوية بين النائب والمواطنين، بدليل أن النظام الحاكم عندما أراد مخاطبة الشارع لجأ إلى إطلاق حوار وطني شامل وعقد مؤتمر اقتصادي قبل نهاية الشهر الجاري، وهي مهام في صميم اختصاصات البرلمان الرئيسية.

'