التزام أوبك في ظل اقتصاد منهك يطرح جدلا في العراق – مصدر24

التزام أوبك في ظل اقتصاد منهك يطرح جدلا في العراق

بغداد – احتدت وتيرة الجدل في العراق بفعل صعوبة المواءمة ما بين التزامات البلد مع منظمة أوبك والحاجة الماسة لتصدير النفط في ظل وضع اقتصادي منهار ما جعل بغداد غير قادرة على مواكبة خفض الإنتاج.

وأخفق العراق، ثاني أكبر منتج في أوبك، في السابق في الالتزام الكامل بتخفيضات إنتاج نفط أوبك+، إذ يضخ أكثر من الأهداف المحددة لإنتاجه منذ توقيع الاتفاق للمرة الأولى في 2016 بين أوبك وحلفائها بقيادة روسيا.

وقال مصدر في أوبك “يعتقد العراق أنه لم يُعامل بالشكل اللائق في ديسمبر 2016 حين لم يتم استثناؤه. وفي ظل استمرار معاناة الاقتصاد بسبب انخفاض الأسعار فإن هذه القضية تظل تعاود الظهور”.

والاقتصاد وقطاع النفط في العراق منهكان بفعل سنوات من الحروب والعقوبات ومواجهات مع متشددين إسلاميين بعد الغزو الأميركي. وتشكو بغداد من أنها تكافح لإحياء صناعة النفط التي تعاني من ركود، في الوقت الذي يستفيد فيه بقية أعضاء أوبك ويعززون حصصهم السوقية.

ويعوّل العراق على النفط لتمويل 97 في المئة من ميزانيته الحكومية. وأبلغ وزير المالية علي علاوي البرلمان الأربعاء أن إصلاح الاقتصاد العراقي سيستغرق خمس سنوات من العمل وأن الدين الحكومي بلغ ما يتراوح بين 80 و90 في المئة من الناتج القومي، بينما يبلغ الدين الخارجي 133 مليار دولار.

علي علاوي: إصلاح الاقتصاد العراقي سيستغرق خمس سنوات
علي علاوي: إصلاح الاقتصاد العراقي سيستغرق خمس سنوات

واعتبارا من أول مايو، نفذت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها، فيما يعرف باسم مجموعة أوبك+، خفضا قياسيا بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا أو ما يعادل عشرة في المئة من الإنتاج العالمي، بعد أن سحق فايروس كورونا ثلث الطلب العالمي. واعتبارا من أول أغسطس، جرى تخفيف الخفض إلى 7.7 مليون برميل يوميا حتى ديسمبر.

وينتقد سياسيون عراقيون الاتفاق الذي وقعته حكومة تصريف الأعمال السابقة والذي بموجبه تلتزم بغداد بخفض كبير لإنتاجها.

ومع تداول أسعار النفط حاليا عند نحو 40 دولارا للبرميل، تقول مصادر في العراق وأوبك لرويترز إن المعارضة لتخفيضات النفط تزيد خلف الأبواب المغلقة وإن أحاديث عن إحياء دعوات قديمة للنظر في حجم التخفيضات عادت إلى الظهور.

وقال مسؤول عراقي كبير مطلع على المحادثات إن هناك خلافا في وجهات النظر بين وزارة النفط ومكتب رئيس الوزراء بشأن الامتثال الكامل للتخفيضات أو طلب إعفاء في العام المقبل.

وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر هويته إن وزارة النفط تريد طلب إعفاء، بينما يصر مسؤولون في مكتب رئيس الوزراء على الامتثال. وأضاف المسؤول أن الخلاف يدور حول المشكلات المالية للعراق حاليا.

وفي مايو ويونيو، وافق العراق على خفض إنتاجه من الخام بأكثر قليلا من مليون برميل يوميا، مع تخفيف ذلك الخفض إلى 849 ألف برميل يوميا اعتبارا من يوليو وحتى نهاية العام.

واستمر العراق عضوا في الاتفاق لكنه أنتج ما يزيد عن حصته. ولكن العراق يرغب الآن في الالتزام الكامل بأهداف الإنتاج المتفق عليها وحتى التعويض عن إنتاجه الزائد سابقا في الفترة بين مايو ويوليو عبر خفض أكبر في الأشهر اللاحقة.

وقال المصدر في أوبك “هناك معارضة قوية لمشاركتهم العراق المستمرة في تخفيضات الإمدادات”، مضيفا أنه كانت هناك محادثات غير رسمية بشأن حاجة بغداد لطلب إعفاء من تخفيضات النفط في 2021 لكن لم يتضح ما إذا كان العراق سيتخذ تلك الخطوة فعليا أم لا.

وفي أغسطس، بلغ العراق أعلى معدل امتثال في السنوات القليلة الماضية لكنه قال إنه ربما يحتاج لتمديد فترة التعويض شهرين.

وتولى رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي منصبه في مايو، ليصبح ثالث رئيس لحكومة عراقية في فترة عشرة أسابيع اتسمت بالفوضى وأعقبت احتجاجات دامية استمرت لأشهر في البلاد، التي أجهدتها عقود من العقوبات والحرب والفساد والتحديات الاقتصادية.

وقال متحدث باسم وزارة النفط العراقية الأسبوع الماضي إن بغداد تظل ملتزمة بالكامل باتفاق خفض إمدادات نفط أوبك+، نافيا تقارير إعلامية ذكرت أنها تسعى إلى الحصول على إعفاء من اتفاق الخفض خلال الربع الأول من 2021.

وفي يونيو، قال العراق إنه طلب من أوبك أن تأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي للأعضاء عند تقاسم عبء تخفيضات إنتاج النفط في المستقبل.

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن اقتصاد العراق سينكمش 9.7 في المئة في 2020 في ضوء انخفاض أسعار النفط وفايروس كورونا، مقارنة مع نمو 4.4 في المئة في 2019.

خلافات في وجهات النظر حول الامتثال الكامل للتخفيضات أو طلب إعفاء في العام المقبل

ويرى خبراء أن التزامات العراق مع منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) بخفض الإنتاج غذّت الاختلالات داخل التوازنات المالية نظرا للاعتماد المفرط على عوائد الطاقة لتعبئة الموازنة، فضلا عن الاحتجاجات الاجتماعية المتواصلة والمطالبة بالإصلاحات.

وكشف انحسار الصادرات عمق الأزمة، حيث تراجعت صادرات النفط العراقية بنحو 8 في المئة بما يعادل 300 ألف برميل يوميا منذ بداية يونيو، وفقا لبيانات الشحن ومصادر في القطاع، مما يشير إلى أن ثاني أكبر منتج في أوبك يقترب من الوفاء بتعهده في اتفاق خفض الإمدادات بقيادة أوبك.

وكانت منظمة أوبك وحلفاؤها، في ما يعرف باسم أوبك+، قد بدأوا في صفقة لخفض غير مسبوق في الإمدادات في مايو لدعم أسعار النفط التي تعصف بها أزمة فايروس كورونا. ويخفض العراق الإنتاج بمعدل 1.06 مليون برميل يوميا بموجب الاتفاق. وتشير الأرقام إلى أنه بينما يحرز تقدما، فإنه لم يف بعد بتعهده كاملا.

وكان العراق مترددا في الانضمام إلى الجهود السابقة لخفض الإمدادات بقيادة أوبك والتي بدأت في 2017، وكان في بعض الأحيان أقل أعضاء أوبك امتثالا للاتفاق.

وتعرضت التوازنات العامة للبلد خلال حرب الأسعار الأخيرة لضربات متتالية بفعل انهيار أسعار النفط في الأسواق في وقت تشهد فيه موارد البلد تقلصا ملحوظا، الأمر الذي يجعله أقل قدرة على تحمل الصدمات.

وتعاني بغداد من فوضى سياسية واقتصادية وأمنية في ظل حرب واسعة ضد الإرهاب وانتشار الفساد في مفاصل الدولة وشلل النشاط الاقتصادي، ما أدى إلى اختلالات وعجز قياسي في الموازنة العامة. ومنذ عام 2014، واجهت بغداد أزمات عديدة بدأت بالحرب على تنظيم داعش، وصدمة أسعار النفط بالتزامن مع الأزمة الصحية العالمية.

'