التعاملات المشبوهة ستقصي فئة الـ50 دينارا تونسيا – مصدر24

التعاملات المشبوهة ستقصي فئة الـ50 دينارا تونسيا

التعاملات المشبوهة ستقصي فئة الـ50 دينارا تونسيا

تقترب تونس من سحب أكبر ورقة نقدية من التداول في السوق، والتي يتهمها كثيرون بتسهيل نقل كميات ضخمة من المال وعمليات الفساد وتمويل الإرهاب وأنشطة أخرى غير مشروعة، بينما يوجد من يدافع عنها في الأوساط المالية والشعبية لأنها تسهل التعاملات في كثير من الأحيان.

تونس- تتباين آراء الخبراء حول فرص نجاح محاولات السلطات النقدية التونسية في محاصرة سوق العملة السوداء عبر سحب أكبر فئة من الأوراق النقدية من التداول في السوق.

وتريد السلطات النقدية معالجة الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، للحد من تداعيات محتملة لتدهور قيمة الدينار أمام سلة العملات الرئيسية على اقتصاد البلاد الهش.

ولن يشعر سوى قلّة من السكان باختفاء الورقة النقدية من فئة 50 دينارا، التي بدأ التعامل بها في العام 2009 باستثناء من يستخدمونها في التهرب الضريبي وأغراض أخرى غير مشروعة.

ومع ذلك يقول خبراء إنه في حال البدء بسحب تلك الفئة من التداول سيكون أكثر إيلاما لبعض السكان رغم أنه لن يتم إسقاط قيمتها بالنسبة إلى من سيواصلون الاحتفاظ بها.

وكشف محافظ البنك المركزي مروان العباسي الجمعة الماضي، خلال حوار مع أعضاء مجلس نواب الشعب في جلسة عامة، أن كل ورقة نقدية من فئة 50 دينارا تعود إلى البنك لا تقع إعادة ضخها في السوق من جديد للتداول وهو ما يفسر من وجهة نظره تقادم هذه الورقة واهترائها.

عزالدين سعيدان: هدف هذا التوجه مرتبط أساسا بالاقتصاد الموازي

ولم يفصح العباسي عن الموعد الرسمي للإعلان عن قرار إلغاء تداول هذه الورقة بشكل دقيق، لكنه أكد أنه سيتمّ الإعلان رسميا عن إلغاء هذه الورقة من السّوق في الوقت المناسب.

ولفت إلى أن سحبها نهائيا يقتضي طباعة أوراق نقدية جديدة بديلة لتعويض الفارق، مبرزا أن هذه العملية تتطلب مدّة زمنية بسنة على الأقل.

وتم طرح هذه الورقة بالتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس البنك المركزي، وكانت لها عدة غايات منها بينها المساعدة في تقليص حجم النقود في الفترات التي يتم فيها اعتماد الأوراق النقدية بشكل كبير.

وكانت هناك فئة نقدية من 30 دينارا تم التخلص منها خلال السنوات الأولى بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي. وتأتي تحركات السلطات النقدية نحو إصلاح النظام المالي في هذا المجال متأخرة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب للبلاد.

وتعليقا على خطوة المركزي، قال الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان إن “الهدف من هذا التوجه مرتبط أساسا بالاقتصاد الموازي الذي يشتغل أساسا بالسيولة المالية من دون التعامل لا بالبطاقات البنكية أو الصكوك”.

ونسبت وكالة الأنباء الرسمية لسعيدان تأكيده أن المتعاملين في القطاع الموازي يحبذون استخدام أكبر ورقة نقدية، وهو ما يفسر فقدانها من السوق علاوة على أن البنوك تجد صعوبة في تزويد الموزعات الآلية بهذه الفئة النقدية.

وأوضح سعيدان أن هذا الإجراء يعد إجراء معزولا في طريق خطط مكافحة القطاع الموازي في تونس.

وتطالب النقابات المحلية وجهات مالية دولية منذ سنوات، تونس بإرساء نظام مالي لمحاصرة السيولة المتداولة في السوق الموازية باعتبارها الحلقة الأولى في تمويل الإرهاب.

ويعتقد المسؤولون والمختصون في القطاع المالي أن من أبرز أسباب انتشار ظاهرة غسيل الأموال بالبلاد هو حالات الفوضى السياسية الاقتصادية والإدارية، التي أعقبت الإطاحة بزين العابدين بن علي في يناير 2011.

وطيلة السنوات الماضية، اتسع قلق الأوساط المالية التونسية من يأس السلطات النقدية لعدم قدرتها على حماية قيمة الدينار، الذي تراجع لمستويات قياسية أمام العملات الأجنبية.

في حال البدء بسحب فئة الـ50 دينارا من التداول سيكون أكثر إيلاما لبعض السكان رغم أنه لن يتم إسقاط قيمتها بالنسبة إلى من سيواصلون الاحتفاظ بها

ويقول كثيرون إن النظام المالي التونسي يشكو من ثغرات كثيرة مردها البطء الشديد في تنفيذ الإصلاحات، وهو ما جعل السوق الموازية لتداول العملة تزدهر بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وتتحدى كل إجراءات المركزي.

واعتبر الخبير الاقتصادي عبدالجليل البدوي أنّه مهما كان حجم هذه الأموال في السوق السوداء، فإن من شأنها أن تخلق شحّا في السيولة لدى البنوك.

وللتصدي للسوق السوداء، خصوصا في المجال النقدي، اقترح البدوي تغيير العملة لكشف حجم الثروات الموازية، وبالتالي يقع إخضاعها للضرائب. وقال إن “شحّ السيولة سيساهم في تزايد لجوء القطاع البنكي إلى إعادة التمويل من البنك المركزي”.

ويرى البدوي أن أول تأثير للسوق السوداء على الاقتصاد هو التضخم باعتبار أن زيادة السيولة ستساهم في زيادة الطلب ما سيزيد تكاليف الاقتراض للعائلات والمؤسسات، خاصة وأن هذه السوق تتعامل نقدا ليتهرب المتعاملون فيها من الضرائب والمراقبة.

'