التعاون العسكري بين واشنطن ونيقوسيا يغضب أنقرة – مصدر24

التعاون العسكري بين واشنطن ونيقوسيا يغضب أنقرة

التعاون العسكري بين واشنطن ونيقوسيا يغضب أنقرة

صنّف دبلوماسيون غربيون إعلان الولايات المتحدة لبرنامج تعاون عسكري مع قبرص الرومية ضمن سياقات تحجيم “العربدة” التركية في مياه شرق المتوسط، ما يعرقل أجندات أنقرة للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل نيقوسيا. وتأتي الخطوة الأميركية عقب خطوة فرنسية مماثلة، ما يضيق الخناق على التحركات التركية الاستفزازية.

 

أنقرة- سارعت وزارة الخارجية التركية الخميس إلى التنديد بقرار الولايات المتحدة إدراج الشطر الأوروبي من جزيرة قبرص ضمن برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي التابع لها، ما قد يعرقل أنشطة التنقيب عن النفط التي تقوم بها أنقرة قبالة سواحل نيقوسيا.

وتفتح الخطوة ملفا جديدا في سجل الخلافات المتصاعدة بين واشنطن وأنقرة، الحليفتين في حلف شمال الأطلسي، كما أنها تعزز قدرات نيقوسيا الدفاعية من أجل حماية مياهها الإقليمية التي تشهد انتهاكات متكررة من جانب تركيا الساعية إلى احتكار الثروات النفطية التي تزخر بها المنطقة.

ويقول منتقدو القرار إنه جاء بنتائج عكسية بإجبار قبرص، العضو حاليا في الاتحاد الأوروبي، على البحث عن شركاء آخرين، فيما أغضبت تركيا الولايات المتحدة بشرائها منظومة صواريخ دفاعية متقدمة من روسيا، رغم عضويتها في الحلف الأطلسي.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان “نريد أن نذكّر حليفنا الأميركي بأنّ معاملة شطري الجزيرة على قدم المساواة هو مبدأ من مبادئ الأمم المتحدة”، فيما لا يشمل مشروع التعاون الأميركي الشطر الشمالي من الجزيرة.

وشدّدت الوزارة في بيانها على أنّ هذا الأمر “لن يساعد في استعادة مناخ من الثقة في الجزيرة ولا في إعادة إرساء السلام والاستقرار في شرق البحر المتوسط”. وأعلنت الولايات المتحدة الأربعاء أنها تعتزم إجراء تدريبات عسكرية مع قبرص للمرة الأولى في تاريخها.

مايك بومبيو: التدريبات مع قبرص جزء من علاقتنا الأمنية الآخذة في التوسع
مايك بومبيو: التدريبات مع قبرص جزء من علاقتنا الأمنية الآخذة في التوسع

وكان الكونغرس الأميركي أنهى العام الماضي حظرا استمر عقودا لبيع الأسلحة للجزيرة المتوسطية التي تحتل تركيا ثلثها الشمالي. وكانت الولايات المتحدة فرضت حظر أسلحة على الجزيرة بأكملها عام 1987 بهدف منع حصول سباق تسلح فيها وتشجيع أطراف الجزيرة على التوصل إلى تسوية سلمية.

وقال وزير الخارجية مايك بومبيو إنّ وزارته ستقوم للمرة الأولى بتمويل تدريبات عسكرية لقبرص كجزء من “علاقتنا الأمنية الآخذة في التوسع”. وأضاف بومبيو “هذا جزء من جهودنا لتعزيز العلاقات مع الشركاء الإقليميين الرئيسيين لتعزيز الاستقرار في شرق البحر المتوسط”.

ويندرج هذا التعاون ضمن برنامج التعليم والتدريب العسكري الأميركي الدوليّ الذي يهدف إلى تدريب ضباط أجانب وتعزيز التعاون بين الدول الصديقة والقوات الأميركية. وحذّرت تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية من إنهاء الحظر، معتبرتين أن ذلك سيؤدي إلى احتكاك غير ضروري.

وفي العام 1974 احتلت تركيا الجزء الشمالي من قبرص ردا على انقلاب قام به قوميون قبارصة سعيا لضمّ الجزيرة إلى اليونان. وخيّمت أجواء سلمية بصورة عامة على الجزيرة في العقود التالية وقام قادة القبارصة اليونانيون والقبارصة الأتراك في السنوات الأخيرة ببناء علاقات بين شطري الجزيرة.

وتصاعد التوتر مؤخرا بسبب قيام تركيا بعمليات تنقيب عن الغاز قبالة سواحل الجزيرة، وصفها الاتحاد الأوروبي بأنها غير قانونية، فيما شجع المسؤولون الأميركيون في الوقت نفسه التقارب الحاصل بين قبرص واليونان مع إسرائيل، حليفة واشنطن الرئيسية في المنطقة.

وتصر أنقرة على زعزعة الاستقرار في منطقة شرق المتوسط عبر الاعتداء على الحقوق البحرية لعدد من دول المنطقة بالاستمرار في عمليات التنقيب عن الغاز رغم التنديد الدولي والأوروبي ورغم تعبير اليونان عن استعدادها لفض الخلافات.

ونقلت صحيفة زمان التركية عن نائب وزير الشؤون الخارجية اليوناني ميلتيادس فارفيتسيوتيس قوله “إذا كان الاختلاف الوحيد بيننا يتعلق بإعلان منطقة اقتصادية حصرية، فنحن مستعدون للتفاوض والجلوس على الطاولة مع تركيا ومناقشة القضية”.

واحتدم التوتر بين أثينا وأنقرة في الأشهر الأخيرة عقب إمضاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقا بحريا مع حكومة الوفاق الليبية في نوفمبر، ما أثار حفيظة اليونان واستدعى قلقا دوليا واسعا بشأن انتهاكات تركيا في البحر المتوسط خلافا للقانون الدولي.

وحذرت اليونان تركيا من تجاوز “الخطوط الحمراء” عقب الاتفاق الذي أبرمته مع الوفاق الليبية بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وأكدت أثينا أنها لن تسمح بأي نشاطات تركية يمكن أن تتعدى على الحقوق السيادية لليونان.

وتشعر أثينا بالقلق من الاتفاق الذي يمنح تركيا حقوقا في مناطق شاسعة من المتوسط تم مؤخرا اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز فيها. وتسعى تركيا لتوسيع حدودها البحرية نحو جزيرة قبرص المقسمة ومناطق أخرى تقول اليونان إنها تقع ضمن جرفها القاري بموجب القانون الدولي.

الكونغرس الأميركي أنهى العام الماضي حظرا استمر عقودا لبيع الأسلحة للجزيرة المتوسطية التي تحتل تركيا ثلثها الشمالي

وفي فبراير الماضي، أرسلت فرنسا حاملة طائرات إلى ميناء ليماسول القبرصي، في استعراض للقوة في النزاع بين قبرص وتركيا بشأن حقول الغاز. وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون القبرصية أن الحاملة “شارل ديغول” التابعة للبحرية الفرنسية وصلت بعد تدريب مع الجيش القبرصي.

ويرى مراقبون أن باريس بعثت برسالة لأنقرة من خلال هذا التحرك مفادها أن هناك انسجاما في المواقف الأوروبية الرافضة لاستفزازات تركيا في شرق المتوسط وتحركاتها المريبة.

وأشار هؤلاء إلى أن التحرك الفرنسي ليس بمعزل عن جملة تحركات أخرى يجريها كل من الاتحاد الأوروبي والأطراف المعنية بشرق المتوسط وأمنه على غرار إسرائيل ومصر واليونان
وغيرها. ولعل أبرز هذه التحركات التجمّع الذي استضافه البرلمان الأوروبي وضمّ خبراء ومسؤولين وسياسيين حذروا جميعهم من خطر الانتهاكات التركية في شرق المتوسط.

'