التغطية الإعلامية للمظاهرات في أربيل تعني توجيه تهمة محاولة إسقاط الحكومة – مصدر24

التغطية الإعلامية للمظاهرات في أربيل تعني توجيه تهمة محاولة إسقاط الحكومة

كثفت حكومة إقليم كردستان من استهدافها للصحافيين وناشطي المجتمع المدني بسبب الاحتجاجات المتزايدة ضدها بشكل يقوّض حرية الصحافة والحريات العامة، ويبدو أنها مستمرة في هذا النهج عبر إصدار أحكام سجن مشددة ضد صحافيين وناشطين بتهم سياسية.

أربيل (العراق) – قضت محكمة في كردستان العراق الثلاثاء بحبس خمسة صحافيين ونشطاء لمدّة ستّ سنوات بسبب مشاركتهم في تظاهرات ضدّ الحكومة في العام 2020، ما شكل صدمة للكثيرين داخل العراق وخارجه الذين اعتبروا الحكم بمثابة عودة إلى العصور المظلمة وسياسة كم الأفواه في الإقليم الذي كان حتى وقت قريب متنفسا للصحافيين العراقيين.

وقالت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق إن الحكم على الصحافيين شيروان شيرواني وكوهدار زيباري فضلا عن الناشطين شفان سعيد واياز كرم وهريوان عيسى كان على وفق المواد 47 و48 من قانون العقوبات العراقي بتهمة محاولة إسقاط الحكومة.

وكان إقليم كردستان العراق المتمّتع بحكم ذاتي قد شهد في العام 2020 تظاهرات ضدّ الحكومة الإقليمية والأحزاب الرئيسية نظّمت في محافظة السليمانية احتجاجاً على عدم دفع رواتب موظفي القطاع العام أو تأخّرها.

وصرّح وكيل الدفاع عن المحكومين الخمسة المحامي آسو هاشم أنّ موكليه أوقفوا في أكتوبر على أثر التظاهرات.

وقال إنهم اتّهموا بـ”محاولة زعزعة أمن واستقرار الإقليم”.

وأوضح أنّ محكمة أربيل قضت بحبسهم ست سنوات، مؤكّداً أنه يعتزم الطعن بالحكم.

واعتقل الصحافيان شيرواني وزيباري قبل نحو ثلاثة أشهر على خلفية الاحتجاجات الشعبية ضد الأحوال المعيشية في مناطق عديدة من إقليم كردستان.

كاروان أنور: هل سنعود إلى العصور المظلمة التي تحاكم على كلمة

ويحقق شيرواني وهو صحافي مستقل بشكل رئيسي في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان والظلم الاجتماعي في كردستان وكذلك الفساد السياسي داخل المؤسسات الحكومية الإقليمية.

واعتقل في 7 أكتوبر 2020 من قبل رجال بلباس مدني ووجوههم مغطاة في منزله بمدينة أربيل. ومذكرة التوقيف التي عُرضت عليه لم تشر إلى سبب اعتقاله واختفى قسراً لمدة 19 يوماً بعد اعتقاله دون أن تعرف عائلته شيئا عنه.

وفي 11 أكتوبر 2020 اتهم منسق التوصيات الدولية في حكومة الإقليم على تويتر شيرواني بتلقي “تمويل أجنبي بهدف زعزعة استقرار البلاد”، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن المؤبد “وتعريض حياة القضاة للخطر وتشجيع العنف أثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة”.

ولاحقاً كشف محامي شيرواني أنه احتُجز في الحبس الانفرادي وتعرض للتعذيب من قبل المحققين بهدف إجباره على الاعتراف بهذه الاتهامات.

من جهته تحدث الصحافي كوهدار زيباري قبل اعتقاله عن سوء أوضاع الصحافة في الإقليم، وقال في حديث مع لجنة حماية الصحافيين إنه خلال السنوات الماضية كان يحاول ممارسة هذه المهنة في جنوب كردستان. وأكد أنه تم اعتقاله عدة مرات وتعرضت معداته للكسر كما تعرضت عائلته وأصدقاؤه للضغوط المستمرة للانسحاب من الصحافة.

وأشار زيباري إلى أن الحوادث التي يتعرض لها تجعله يفكر بمغادرة بلده.

وأفاد أن الصحافيين العاملين في المنطقة ليس لهم حقوق وأنه لا توجد طريقة في جنوب كردستان لإعداد خبر عن عدوانية الحزب الحاكم، مؤكداً أن حرية الصحافة على وشك الانهيار.

واعتقل زيباري في أكتوبر الماضي دون أن تعرف عائلته مكانه، حيث توجهت في ديسمبر الماضي بمطالب إلى البرلمان للتحرك من أجل معرفة مصيره وإنهاء معاناته.

وصرح الأمين العام لنقابة صحافيي كردستان كاروان أنور “الآن نحن عند في مفترق طرق، لأول مرة تصدر محكمة حكماً بالحبس ست سنوات على أحدهم لمجرّد تعبيره عن رأيه”.

وتساءل “هل سيعود الإقليم واحة خضراء (…) أم سنعود إلى العصور المظلمة التي تحاكم على كلمة وتسجن على الكلمة”.

وأكدت النقابة في بيان الأربعاء على ضرورة مراعاة حرية التعبير والنشاطات المدنية والحفاظ على سيادة القانون وما تضمنه من بنود، إضافة الحفاظ على مجال العمل الصحافي والنشاطات المدنية.

وأعربت عن دعمها الكامل للفصل بين السلطات في إقليم كردستان وأن يتم إبعاد مسار المحاكمة عن الصراعات السياسية وعن انتهاك سيادة القانون.

Thumbnail

ولطالما اعتُبر إقليم كردستان العراق ملاذاً آمناً للصحافيين والنشطاء الذين يتعرّضون في أنحاء أخرى من العراق للتهديد وسوء المعاملة. لكن مع تصاعد الاحتجاجات ضد ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة وفساد الأحزاب السياسية الكردية وسوء المعيشة تغيرت أوضاع الصحافيين وباتوا مستهدفين.

وأصبحت تغطية المظاهرات المناهضة لحكومة كردستان العراق أكثر صعوبة من أي وقت مضى. فقد تم اعتقال العديد من الصحافيين بينما كانوا يغطون الاحتجاجات السلمية كما تم حظر بث قناة “إن.آر.تي”.

وفي ديسمبر اتّهمت منظمات حقوقية محلية ودولية حكومة الإقليم بأنّها “تستهدف نشطاء المجتمع المدني من خلال توقيفهم بسبب أنشطتهم وتقوّض الحريات العامة بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التجمّع السلمي”، وهو ما تنفيه السلطات.

وفي مؤتمر صحافي عقده الأسبوع الماضي اتّهم رئيس حكومة كردستان العراق مسرور بارزاني الصحافيين والنشطاء الذين أوقفوا في العام 2020 بأنهم “جواسيس”.

والثلاثاء قال ممثل لجنة حماية الصحافيين الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إغناتيو ميغيل ديلغادو إنّ هذه الإدانة “بالإضافة إلى أنها مجحفة وغير متناسبة تثبت أن حكومة كردستان وضعت حدّاً لادعائها أنّها تحترم حرية الصحافة”.

وبسبب توالي الإدانات ضد الحكم والتشكيك بنزاهة القضاء، أعلن مجلس القضاء الأعلى في إقليم كردستان في بيان الأربعاء أن محاكمة خمسة ناشطين بالاحتجاجات التي شهدتها محافظة دهوك العام الماضي، جرت الثلاثاء “بشكل علني وشفاف وبحضور عدد من البرلمانيين وممثلي القنصليات الأجنبية ومحامي الملف وممثلي منظمات حقوق الإنسان والصحافيين والمؤسسات الإعلامية”، و”العملية كانت وفق أسس قضائية رصينة” بحسب البيان.

وأضاف بيان المجلس أن القاضي الذي كان من المفترض أن يدير المحاكمة أُصيب بوعكة صحية وناب عنه قاضٍ آخر حسب الإجراءات القانونية وجرت المحاكمة في محكمة أربيل الثانية ولم ترسل إلى محكمة أخرى.

وأعرب البيان عن أسفه قائلا “منذ يوم أمس نسمع بعض المؤسسات الرسمية والقانونية وبعض الأطراف السياسية تدلي بتصريحات مختلفة حول عملية المحاكمة، وأن هذا يدخل ضمن إطار التدخل في شؤون القضاء لأن المحاكم تمثل السلطة القضائية وسلطة القضاء تؤمن بفصل السلطات، ولهذا لم يكن صحيحا أن تخرق المؤسسات الرسمية القانون”.

كما أشار البيان إلى أن الملف حاليا في محكمة التمييز وبإمكان محاميي الدفاع تقديم تمييز للحكم.

'