التفاف طالبان على اتفاق السلام يثير الشكوك حول الوساطة القطرية – مصدر24

التفاف طالبان على اتفاق السلام يثير الشكوك حول الوساطة القطرية

التفاف طالبان على اتفاق السلام يثير الشكوك حول الوساطة القطرية

تواصل حركة طالبان الأفغانية انتهاك بنود اتفاق السلام الموقع مع الولايات المتحدة في العاصمة القطرية الدوحة، ما يبدّد الآمال الأميركية بإنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ تسعة عشر عاما ويحرج الوسيط القطري الذي قدّم نفسه كشريك استراتيجي يمكن لواشنطن التعويل عليه في فض نزاعاتها.

واشنطن – كشف تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن تنظيم “قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية” يقيم علاقات وثيقة مع حركة طالبان الأفغانية، ولديه “نية دائمة” لمهاجمة قوات أميركية وأجنبية، ما يشكك في نزاهة الوساطة القطرية.

وجاء التقييم الأمني لوزارة الدفاع الأميركية والذي سلّم البنتاغون تقريرا بشأنه للكونغرس الأميركي أن تنظيم “قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية يقدم دعما روتينيا ويعمل مع مسؤولين غير بارزين في طالبان في إطار سعيه لتقويض سلطة الحكومة الأفغانية، ولديه نية دائمة لمهاجمة قوات أميركية وأهداف غربية في المنطقة”.

ويضيف التقرير أنه “على الرغم من التقدّم الذي تم إحرازه مؤخرا في عملية السلام، لا تزال قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية تقيم علاقات وثيقة مع طالبان في أفغانستان”، مرجّحا أن يكون هذا التعاون هدفه الحماية والتدريب.

ويعتبر مراقبون أفغان أن مقاربة واشنطن للاتفاق مع طالبان ساذجة إن اعتقد الأميركيون أن الحركة ستفي بتعهّداتها بمنع القاعدة من استخدام أراضي أفغانستان منطلقا لهجماتها.

ويشير التقرير إلى أن تركيز “نواة” عناصر القاعدة الذين لا يزالون في أفغانستان يقتصر على البقاء أحياء، وقد فوّضوا قيادتهم الإقليمية إلى قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية. وتابع البنتاغون أن “نية قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية مهاجمة قوات أميركية وأهداف غربية أخرى لا تزال قائمة، لكن الضغط المستمر الذي يمارسه تحالف (مكافحة الإرهاب) قلّص قدرة هذا التنظيم على تنفيذ عمليات في أفغانستان دون دعم طالبان”.

واعتبر التقرير أن التنظيمين “ما زالا مقربين بحكم الصداقة والتاريخ النضالي المشترك والتقارب الأيديولوجي والمصاهرة”.

وبموجب اتفاق وقّعته الإدارة الأميركية مع طالبان في العاصمة القطرية الدوحة في فبراير، وافق المتمردون على منع تنظيم القاعدة من استخدام أراضي أفغانستان كقاعدة انطلاق لشن هجمات.

ويعتبر التزام المتمردين بعدم استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات على المصالح الأميركية إلى جانب إطلاق سراح السجناء الحاليين لدى كابول وطالبان تمهيدا لبدء مفاوضات سلام داخلية، أبرز بنود “اتفاق الدوحة”، فيما يعكس نقض طالبان لتعهداتها عدم جديتها في إحلال السلام، ما يخيّب الآمال الأميركية في تسوية قريبة لملف السلام المتعثر.

الأمم المتحدة تقول إن 800 مدني قتلوا في الأشهر الستة الأولى من 2020 تتحمل طالبان مسؤولية نصف تلك الخسائر

وأعلنت الأمم المتحدة الخميس مقتل أو إصابة أكثر من 800 شخص في “هجمات متعمدة” استهدفت المدنيين في أفغانستان خلال النصف الأول من العام 2020، ما أثار مخاوف من أن العنف المتزايد يهدف إلى عرقلة محادثات السلام المرتقبة.

وفيما انخفض العنف في الفترة التي سبقت توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، وبعد وقف لإطلاق النار دام ثلاثة أيام في مايو، تزايدت الهجمات مذاك في جميع أنحاء البلاد.

وقالت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) في بيان “تشير الأرقام الأولية إلى مقتل وإصابة أكثر من 800 مدني في هجمات متعمدة ضد المدنيين خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2020”.

وقالت البعثة إن طالبان مسؤولة عن نصف تلك الخسائر البشرية الفادحة.

واشتبك المتمردون والقوات الأفغانية بانتظام عبر ولايات، لكن الهجمات استهدفت في الأسابيع الأخيرة مدعين وزعماء دينيين ومصلين وصحافيين وعاملين في مجال الرعاية الصحية وحقوق الإنسان في أرجاء البلاد.

وفي 29 فبراير، شهدت الدوحة توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان يُمهد الطريق، وفق جدول زمني، لانسحاب أميركي على نحو تدريجي من أفغانستان، لكن الأمر يتعرض لعراقيل قد تعيد الأمور إلى ما قبل الاتفاق.

وقدمت الدوحة، التي تربطها علاقات متينة بطالبان وتستضيف مكتبها السياسي على أراضيها، نفسها وسيطا يمكن للولايات المتحدة التعويل عليه لإنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ 19 عاما، إلا أن تقرير البنتاغون يشكك في جدية الوسيط القطري. وعملت قطر على اختراق المواقف المتشددة للمتمردين الأفغان للتقرب أكثر من واشنطن وطرح نفسها كشريك استراتيجي مهم للولايات المتحدة في المنطقة، غير أن خرق طالبان المتكرر لبنود اتفاق السلام بدّد آمالها.

وراهنت الدوحة على استثمار زخم توقيع اتفاق السلام بين واشنطن وطالبان خلال مراحله الأولى في فك العزلة التي فرضتها عليها دول المقاطعة (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) بعد أن اتهمتها برعاية الإرهاب في المنطقة، وهو ما يبدو جليا من خلال الدعم المالي السخي لزعماء الحركات الإرهابية التي تجد في الأراضي القطرية ملاذا آمنا إن افتضح أمرها.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية مطلعة إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سعى لربط ملف طالبان الذي يؤرق الإدارة الأميركية، بممارسة الأخيرة ضغوطا على دول المقاطعة التي بدأت في 5 يونيو 2017 ودخلت عامها الرابع، لفك عزلتها.

ويشير هؤلاء إلى أن التعويل القطري على الضغوط الأميركية لن يجدي نفعا، ما لم تتخل الدوحة عن دعمها للإرهاب واستضافة قياداته على أراضيها وتوظيف قناة الجزيرة في التحريض على زعزعة استقرار المنطقة خدمة لأجندات إيرانية تركية تتربص بدول الخليج العربي.

وكان دونالد ترامب قد أبدى في وقت سابق استعداده للتدخل والوساطة في النزاع وعبّر عن اعتقاده في إمكانية التوصل إلى اتفاق، قائلا “إذا تسنت لي المساعدة في التوسط بين قطر والإمارات والسعودية على الأخص فإنني سأكون مستعدا لفعل ذلك وأعتقد أنه سيكون لديكم اتفاق على نحو سريع للغاية”.

'