التوطين في السعودية خارج إستراتيجية الذكاء الاصطناعي – مصدر24

التوطين في السعودية خارج إستراتيجية الذكاء الاصطناعي

الرياض – أشّر إعلان السعودية عن إستراتيجية للذكاء الاصطناعي، وما أعقبه من توقيع الرياض على مذكرات تفاهم مع كبرى المؤسسات التقنية العالمية، على أن الكثير من القطاعات ستكون بعيدة عن سياسة المملكة المعلنة في قضية التوطين.

وأعلنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، الخميس، توقيع ثلاث اتفاقيات إستراتيجية مع شركات إي بي أم (الأميركية)، وعلي بابا وهواوي (الصينيتين) خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي تنظمها المملكة.

وأرسلت الرياض بهذه الاتفاقيات رسالة سياسية واضحة تفيد بأنها لا تقف في صف الصين أو الولايات المتحدة في خلافهما بشأن الاتصالات، وخاصة ما تعلق بالعقوبات الأميركية على هواوي، وأن ما يقودها هو مصالحها، وهو أمر بات متوقعا في السعودية التي تدافع عن بناء شراكات متنوعة ومتوازنة دوليا.

وقالت الهيئة، في بيان لها، إن “اليوم الثاني سيشهد الإعلان عن التعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات، بالإضافة إلى الإعلان عن الفائزين في أرتاثون الذكاء الاصطناعي للفن، والفائزين بتحدي نيوم”.

وتأتي الاتفاقيات الجديدة لتظهر صعوبة تنفيذ خطط التوطين في المملكة، خاصة في القطاعات الجديدة التي لا تقبل انتظار أي وقت للتدريب والتأهيل، كما لا تسمح بأي مفردات أو حسابات سياسية.

وكانت السعودية أطلقت، الأربعاء، ما أسمته إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي تهدف إلى جعلها رائدا عالميا في هذا المجال، وذلك ضمن خطط إصلاحية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان تقوم على فكرة تنويع اقتصاد المملكة المعتمد على النفط.

20 مليار دولار كلفة الإنفاق السعودي على الذكاء الاصطناعي إلى حدود 2030

ويقول متابعون لمسار الإصلاح في السعودية إن خيار التوطين خيار سياسي بالدرجة الأولى يقوم على طمأنة المواطنين بأن الدولة ستوفر لهم الوظائف الكافية، لكن ميدان الذكاء الاقتصادي لا يمكن أن يكون معنيا بالخيار السياسي لأن المملكة بذلك ستفوت على نفسها فرص امتلاك تقنيات جديدة تحتاج إليها في مشاريعها الكبرى في مسار فرض نفسها كقوة إقليمية اقتصاديا وتكنولوجيا وعسكريا.

وقال بيان للإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي (نُسدي) إنها ستسعى لجذب استثمارات أجنبية ومحلية بقيمة 20 مليار دولار بحلول 2030.

وقال عبدالله بن شرف الغامدي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، في افتتاح القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، إن بلاده “ستنفذ خطة متعددة المراحل والأوجه تشتمل على المهارات والسياسة والتنظيم والاستثمار والبحث والإبداع وتطوير النظام البيئي”.

وأعلن الغامدي أن المملكة تسعى إلى تدريب ألفي متخصص سعودي في البيانات والذكاء الاصطناعي خلال السنوات العشر المقبلة.

Thumbnail

وأيا كانت خطط التوطين والتدريب على استيعاب تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن هذا المجال سيظل دائما في حاجة إلى كفاءات هندسية وعلمية غير متوفرة لدى المملكة؛ وحتى لو تم تدريب الكوادر في الجامعات فإن هذا التدريب سيستغرق وقتا، وإثر ذلك يكون قطار الذكاء الاصطناعي قد تحرك ووصل إلى محطات جديدة.

ويحتاج توطين الوظائف في مجالات الذكاء الاصطناعي إلى تعليم متطور قادر على تخريج كفاءات متعددة الاختصاصات، وهو أمر لا يتوفر بالعدد الكافي، ما يجعل المملكة تلجأ إلى الاستثناءات في التوطين، ما يهدد بإفراغه من قيمته وجدواه، خاصة أنه قد ينتهي إلى توطين السعوديين فقط في المهام اليدوية البسيطة والبيع في المحلات.

وفي المحصلة، ستتوسع قائمة الاستثناءات يوما بعد آخر لتمس المجالات الحيوية مثل الصناعة النفطية والمصارف وصناعة الأسلحة، ما قد يحول مشروع توطين الوظائف إلى شعار سياسي بدل تحقيق مراميه الإستراتيجية.

وأصدرت السلطات السعودية على مراحل قرارات خاصة بتوطين المزيد من الوظائف والمهن الجديدة لتنضم إلى قائمة تحوي عشرات الوظائف والمهن التي بات العمل فيها مقتصرا على السعوديين فقط.

وفيما يرى بعض الخبراء السعوديين أن تنفيذ خطة التوطين يحتاج إلى مدة زمنية أطول، تحظى قرارات من هذا النوع عادة بشعبية واسعة في صفوف المواطنين السعوديين الذين يقرّون بأن هذه القرارات الحكومية تأخرت كثيرا، في ظل ما يعتبرونه سيطرة الوافدين على قطاعات مهمة وحيوية.

وتعالت انتقادات السعوديين الناتجة عن حصول الوافدين على وظائف برواتب عالية، في حين تؤدي سياسة التوطين إلى حصولهم على وظائف تكميلية بسيطة المهام وبرواتب متواضعة.

'