التونسيون يواجهون محنة تنامي فجوة فقدان السلع من الأسواق – مصدر24

التونسيون يواجهون محنة تنامي فجوة فقدان السلع من الأسواق

يتنامى قلق الأوساط الشعبية في تونس كل يوم من اتساع فجوة فقدان السلع من الأسواق التجارية، الأمر الذي يهدد أمنهم الغذائي وسط اتساع تذمر الناس من عجز الحكومة عن معالجة هذه المشكلة بينما تزداد قدرتهم الشرائية صعوبة في ظل غلاء الأسعار.

تونس – يرى خبراء أن اختفاء مجموعة من المواد الأساسية من السوق التونسية مرده اضطرابات سلاسل الإمدادات العالمية، إلا أن المواطنين يلقون باللوم على الأزمة المالية التي تمر بها البلاد مما يجعل المسؤولين في حيرة في كيفية تغطية الطلب المحلي.

وطيلة الأشهر الماضية، ألقت أزمة الغذاء العالمية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا بجانب الأزمة المالية في تونس بظلالها على الأسواق المحلية ما انعكس في تراجع حجم المواد المخزنة.

وأدى ذلك إلى بروز اضطرابات متكررة في الإمدادات وهو ما تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل كبير انعكس بوضوح على نسبة التضخم لتصل في يوليو الماضي إلى 8.2 في المئة والتي يرى اقتصاديون أنها أعلى من ذلك.

فضيلة الرابحي: ستصل شحنات من مادتي السكر والبن الأسبوع المقبل

 

وشهدت المخازن والمحلات التجارية خلال الأسابيع القليلة الأخيرة نقصا ملحوظا في العديد من المواد الاستهلاكية مثل مشتقات الألبان والسكر وغيرها.

ولمعالجة المشكلة، أعلنت وزيرة التجارة فضيلة الرابحي الخميس الماضي عن استيراد أكثر من سبعين ألف طن من مادة السكر من أجل تغطية النقص في السوق المحلية.

وتسبب نقص مادة السكر في تعطل التصنيع لبعض المواد الاستهلاكية مثل المشروبات الغازية والبسكويت، وهو ما جعلها تختفي عن أرفف المحلات التجارية.

وقالت وزيرة التجارة الرابحي للتلفزيون الحكومي إن “دفعات مستوردة من السكر من بين إجمالي 76 ألف طن ستصل تونس تدريجيا بدءا من الاثنين المقبل، بما يسد الحاجيات الاستهلاكية حتى نهاية العام الجاري”.

وتعمل الحكومة أيضا على تفادي أزمة مماثلة في أنشطة المقاهي المشغلة للآلاف من العمال، بسبب النقص في مادة البن منذ نحو أسبوعين.

وقالت الرابحي إن “حاويات من البن وصلت الموانئ وسيجري تزويد مصانع التكرير بالسوق المحلية بشكل منتظم بدءا من الأحد المقبل”.

ولمجاراة الوضع تقوم بعض المتاجر بتقنين السلع، بما في ذلك زيت الطهي والسكر والزبدة، فيما ظهرت في الأسبوع الماضي طوابير طويلة أمام المحطات في ظل نقص الوقود مع مواجهة الحكومة أزمة تلوح في الأفق في المالية العامة للبلاد.

وفرضت بعض متاجر البقالة قيودا على البيع وقلصته إلى عبوة واحدة من المواد التي بها نقص، وعطلت الطوابير أمام محطات الوقود حركة المرور في مناطق من العاصمة.

وتباع الكثير من السلع المستوردة في السوق التونسية بأسعار مدعومة، في الوقت الذي أدى فيه الضغط العالمي على السلع إلى ارتفاع الأسعار العالمية.

وحصلت الحكومة على دفعتين من المساعدات الدولية هذا الصيف، من البنك الدولي والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، بهدف تمويل مشتريات الحبوب، لكنها تسعى أيضا لخطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي لتمويل الميزانية ودفع الديون.

ندرة المواد الغذائية ترهق التونسيين
ندرة المواد الغذائية ترهق التونسيين

ويتذمر الكثير من التونسيين من فقدان المواد الغذائية لدرجة أنهم يبدون مخاوف من الأزمة قد تستمر، خاصة وأن القدرة الشرائية باتت أكثر ضعفا مما كانت عليه قبل الوباء.

وقال عزوز وهو صاحب متجر في منطقة التضامن للطبقة العاملة في تونس العاصمة لرويترز “لا يوجد زيت أو سكر أو زبدة، وهناك نقص كبير في البسكويت والوجبات الخفيفة”.

أما خديجة، وهي امرأة كانت تتسوق في نفس المنطقة، فأكدت أنها لم تجد أي زيت مدعوم للطهي، ولا يمكنها شراء أنواع أخرى. وأضافت “الوضع يزداد صعوبة يوما بعد يوم ولا نعرف ماذا سنفعل”.

وحتى الآن لم يعط الرئيس قيس سعيد إشارات تُذكر على تفضيلاته في ما يخص السياسة الاقتصادية منذ إجراءاته الإصلاحية التي شرع فيها في يوليو العام الماضي، باستثناء البيانات العامة التي تنتقد الفساد والمضاربين.

وفي أواخر الشهر الماضي حذر البنك المركزي التونسي من أن تراكم الصعوبات لعدة سنوات من شأنه أن يجعل التعافي الاقتصادي صعبا كما سيعمل ذلك على إضافة المزيد من الضغوط على التوازنات المالية.

8.2

في المئة معدل أسعار الاستهلاك في السوق المحلية بحسب آخر الأرقام الرسمية

وأقر البنك في تقريره السنوي للعام 2021، الذي نشرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية مقتطفات منه، بأن الاقتصاد التونسي لم يتمكن من تدارك وتجاوز انعكاسات الجائحة الصحية العالمية.

وبحسب التقرير، فإن “عدم قدرة الاقتصاد على التدارك على عكس أغلب بلدان العالم التي تمكنت خلال 2021 من تجاوز الانعكاسات الوخيمة للأزمة الصحية العالمية، يعود إلى ضعف هيكلي”.

وأكد أن بقاء مستوى العجز في مستوى عال “مُثير للقلق بالنظر إلى حجم النفقات، وفتور النمو بما من شأنه تهديد استدامة المداخيل، خاصة وأن تمويل مثل هذا العجز يطرح تحديات حقيقية، باعتبار أن حجم الدين العام ارتفع 10.5 مليار دينار (3.33 مليار دولار)”.

وتظهر بيانات حكومية أن العجز في الميزانية الحالية تراجع بنسبة 75 في المئة على أساس سنوي خلال النصف الأول من 2022 وسط ارتفاع في الإيرادات المالية للبلاد.

وبلغ العجز في الميزانية التي يبلغ حجمها 19.8 مليار دولار خلال الفترة بين يناير ويونيو الماضيين 470.8 مليون دينار (147.5 مليون دولار)، نزولا من 1.9 مليار دينار (593.3 مليون دولار)، على أساس سنوي.

وذكرت وزارة المالية في بيان أن تراجع العجز يعود إلى ارتفاع الإيرادات بنسبة 22 في المئة لتبلغ ستة مليارات دولار، في حين زادت النفقات التشغيلية بنسبة 7.7 في المئة إلى 5.9 مليار دولار.

وارتفعت نفقات الأجور بنسبة 5.3 في المئة لتتجاوز 3.28 مليار دولار مشكلة ما نسبته 55.2 في المئة من إجمالي الإنفاق العام.

وطالب صندوق النقد الدولي تونس مرارا بضبط فاتورة الأجور، والتي تشمل نسبة مرتفعة من إجمالي النفقات، لتحقيق الاستقرار في المالية العامة.

'