الجزائر تسابق الزمن لإنقاذ اتفاق السلام في مالي – مصدر24

الجزائر تسابق الزمن لإنقاذ اتفاق السلام في مالي

الجزائر – ترمي الجزائر بكل ثقلها للوصول باتفاق السلام بين الفصائل المتمردة والحكومة المالية إلى بر الأمان تفاديا لأي سيناريو يسحب البساط من تحت أرجلها، في ظل مؤشرات توحي بأن المجلس العسكري يبدي تحفظات على الدور الإقليمي في الأزمة المالية، ويتجه إلى بناء تحالفات جديدة بعيدا عن القوى التقليدية كالجزائر وفرنسا ومنظمة “إيكواس”.

ودعا وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، خلال ترأسه لأشغال لقاء لجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلام المبرم بالجزائر في العام 2015، إلى ضرورة المرور إلى أفعال ملموسة تجسد تنفيذ بنود اتفاق السلام، وهو تلميح مبطن إلى وجود قوى مالية تعيق مسار الجزائر، وتسعى إلى إبقاء البلاد في نفق أزمة مزمنة.

وصرح رمطان لعمامرة في كلمته الافتتاحية لأشغال الاجتماع السادس رفيع المستوى للجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة، بأنه “يجب علينا جميعا في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ دولة مالي أن نجدد، بشكل جماعي وفردي، التزامنا بمسار التنفيذ الشامل لاتفاق السلام والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، واتباع الأقوال بالأفعال عن طريق اتخاذ إجراءات حقيقية من أجل بلوغ أهداف المسار، وأن المسؤولية كبيرة، ولكن الأهداف النبيلة التي نسعى من أجلها جديرة بالعناء”.

وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة طالب بتنفيذ بنود اتفاق السلام، وهو تلميح إلى وجود قوى مالية تعيق مسار الجزائر

وأوضح المتحدث أن الاجتماع، يأتي في ظروف وصفها، بـ”المشجعة والواعدة”، وأن “هذا اللقاء ينعقد في الوقت الذي باشر فيه هذا البلد الشقيق والصديق إصلاحات مؤسساتية هامة تهدف إلى تحقيق إعادة هيكلة شاملة للدولة والمؤسسات الوطنية، بما يوفر فرصا جديدة للتكفل بجميع التطلعات المشروعة للشعوب من أجل مستقبل أفضل في كنف المصالحة والسلام والوحدة”.

وأضاف “هذا اللقاء سبقه، منذ ثلاثة أسابيع، عقد اجتماع رفيع المستوى أبرز الأهمية القصوى للتنفيذ السريع لكافة بنود الاتفاق، كضامن لنجاح المرحلة الانتقالية واستكمال الإصلاحات التي تمت مباشرتها في هذا الإطار، وأن هذا الاجتماع بعث برسالة قوية حول الإرادة الصارمة لجميع الأطراف الموقعة في تعجيل مسار تنفيذ الاتفاق وتوحيد جهودها لبلوغ هذا الهدف”.

ولفت في مداخلته إلى أن الرسالتين تكتسيان أهمية قصوى في تعزيز الديناميكية الإيجابية للسلام والمصالحة الوطنية في هذا البلد الكبير، ويتعلق الأمر برسائل مفهومة تماما ومرحب بها للغاية ومدعومة بصدق من قبل المجتمع الدولي الممثل في لجنة المتابعة”.

ورغم مرور سبع سنوات على توقيع اتفاق السلام في الجزائر بين الفصائل المسلحة والحكومة المالية، إلا أن البلاد لا زالت تتخبط في أزمة مركبة، فاقمها عدم الاستقرار السياسي الناجم عن الانقلابات العسكرية، مما أدخلها في عزلة إقليمية بعد العقوبات التي فرضتها دول منظمة “إيكواس”.

وفيما قررت فرنسا إنهاء عملية برخان العسكرية وسحب وحداتها العسكرية من مالي، تبقي الجزائر الباب مواربا أمام سلطة المجلس العسكري القائم، خشية سحب البساط منها تماما، حيث تواصل متابعة أشغال لجنة تنفيذ الاتفاق ومد جسور التواصل مع القادة العسكريين، رغم تحفظها على غموض أجندة المجلس المذكور فيما يتعلق بالعودة إلى المسار الديمقراطي.

وعبر الرئيس عبدالمجيد تبون، في أحد تصريحاته، عن انزعاج بلاده من خيارات السلطة العسكرية في مالي، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ بنود اتفاق السلام، وعدم التشاور فيما يتصل بموعد العودة إلى المسار الانتخابي، حيث فضل في تصريحه أن يكون في ظرف 18 شهرا، وليس أربع سنوات كما اقترح المجلس.

وحضر الملف المالي في اللقاء الذي جمع الرئيسين عبدالمجيد تبون، وإيمانويل ماكرون، خلال زيارته إلى الجزائر، وفيما لم يتسرب أي شيء عن محتوى المشاورات، إلا أن محللين يرون أن الخروج القسري لفرنسا من مالي وتنامي الموجة المناهضة لها في أفريقيا، ستحاول تعويضهما عبر آليات أخرى تبدأ بتطبيع علاقاتها مع حكومات المنطقة وعلى رأسها الجزائر.

الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يعرب عن انزعاج بلاده من خيارات السلطة العسكرية في مالي، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ بنود اتفاق السلام

ورفع المجلس العسكري الحاكم في مالي، في غضون الأسابيع الأخيرة، شكوى إلى مجلس الأمن ضد فرنسا، اتهمها فيها بـ “افتعال” الظاهرة الإرهابية في مالي واستغلال التنظيمات الجهادية في تمديد عمر الأزمة الأمنية السياسية والأمنية، وهو ما يعتبر تطورا غير مسبوق في تاريخ علاقة باريس بباماكو.

وعبر رمطان لعمامرة، عن أمل بلاده، في أن يسمح الاجتماع بفتح نقاش صادق مع كل الفاعلين الماليين، للخروج برؤية موحدة في سبيل تخطي العقبات التي تؤخر تنفيذ البنود الأساسية للاتفاق الذي لا يجب أن يشكل محل اهتمام فقط فيما يخص المسائل السياسية والمؤسساتية والدفاع أو الأمن، بل يجب أن يضمن تكفلا مناسبا بالمجالات الأخرى لاسيما التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمصالحة والعدالة والمسائل الإنسانية.

وحظي وزير الخارجية الجزائري، باستقبال من طرف الرئيس الانتقالي العقيد آسيمي غويتا، ورئيس المجلس الوطني الانتقالي مالك دياو، ورئيس الوزراء بالنيابة عبدالله مايغا، وذكر بيان الخارجية أن “الوزير لعمامرة نقل لرئيس دولة مالي رسالة من أخيه الرئيس عبد المجيد تبون حول العلاقات التاريخية لحسن الجوار والتعاون والتضامن بين البلدين الشقيقين”.

وأضاف “انتهز وزير الخارجية، هذه الفرصة لإطلاع الرئيس المالي على نتائج الدورة الـ18 للجنة الثنائية الإستراتيجية المنعقدة برئاسة رئيسي دبلوماسية البلدين والتي سمحت بالتطرق إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بهدف تعزيز التوافقات الإستراتيجية الجزائرية – المالية”.

'