الجزائر تسرع الخطى لاستعادة دورها في الملف الليبي – مصدر24

الجزائر تسرع الخطى لاستعادة دورها في الملف الليبي

تشكل زيارة وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم إلى ليبيا ولقاؤه مسؤولين من حكومة الوفاق، إضافة إلى إعلان الجزائر عن إعادة فتح سفارتها في طرابلس في الأيام القادمة، محاولة لاستعادة الدبلوماسية الجزائرية دورها في الملف الليبي، فيما يشير متابعون إلى أن التقارب المسجل بين تركيا والجزائر يجعل من الصعب إقناع الليبيين بمصداقية الوساطة الجزائرية.

الجزائر– أنهى وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم زيارة قادته إلى ليبيا، التقى خلالها مسؤولين في حكومة الوفاق، في خطوة تستهدف حسب متابعين تدارك الدور الدبلوماسي المنكمش للجزائر خلال الأشهر الأخيرة، وإرساء موقع ثابت في مخرجات جهود حل الأزمة الليبية.

وعُدّت زيارة بوقادوم إلى ليبيا، الأربعاء، بمثابة عودة جزائرية إلى المشهد الليبي، لتأكيد موقف بلاده الداعم لمسار الحل السياسي لحلحلة الأزمة، رغم أن وصف الوسيط المحايد الذي تروج له الجزائر لم يعد مقنعا لبعض الأطراف في ليبيا، بسبب التقارب المسجل بين الجزائر وتركيا خلال السنوات الأخيرة.

ولاحظ مراقبون أن السلطات الجزائرية ترسل إشارات متناقضة بشأن الوضع في ليبيا، فهي لا تخفي انزعاجها من تسليح المجموعات الإرهابية، وهي مهمة تشارك فيها تركيا التي تدعم حكومة الوفاق بالسلاح والميليشيات، فيما تحتفظ الجزائر بعلاقات متينة مع أنقرة، وتفتح بابا لتواصل شبه دائم بين الرئيس عبدالمجيد تبون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.

وعرف الدور الجزائري تواريا عن الأنظار، بسبب الوعكة الصحية التي ألمّت بالرئيس تبون، الذي لا يزال متواجدا بألمانيا في رحلة علاج ثانية، واضطراب الأوراق الداخلية مما حدا بالسلطات العليا في البلاد إلى تسمية قائد جديد لجهاز الأمن الخارجي، في خطوة تبحث عن التنسيق والتكامل بين الجهاز والآلة الدبلوماسية.

واستُقبل صبري بوقادوم في طرابلس من طرف رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس النواب الليبي في طرابلس حمودة سيالة ومجموعة من النواب الأعضاء في المجلس.

دور الوسيط المحايد الذي تروج له الجزائر لم يعد مقنعا لبعض الأطراف الليبية، بسبب تقاربها مع تركيا مؤخرا

وذكر بيان للخارجية الجزائرية أن “لقاء مطولا جمع بوقادوم مع نظيره الليبي، حيث تناول الطرفان آخر تطورات الأوضاع في ليبيا وآفاق مسارات التسوية السياسية التي تقودها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا”.

وأضاف البيان “ذكَّر بوقادوم بموقف الجزائر الثابت والمتضامن مع الشعب الليبي منذ بداية الأزمة، والداعي إلى ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية عبر حوار ليبي- ليبي يفضي إلى إقامة مؤسسات شرعية وموحدة عبر انتخابات نزيهة وشفافة، بما يضمن وحدة الشعب الليبي وسيادته على كامل أراضيه”.

في المقابل عبر المسؤولون الليبيون عن “عميق امتنانهم لموقف الجزائر المتضامن والرافض لجميع أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية الليبية، وكذا دعمها المتواصل للجهود السلمية الرامية لإحلال السلم والاستقرار في ليبيا”.

ولفت سيالة إلى أنه “ليس هناك إشكالية حقيقية بالنسبة إلى المسار الدستوري، ومن الممكن اعتماد قاعدة دستورية يتم على أساسها إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية”.

وشدد على ضرورة ” إنهاء المراحل الانتقالية التي تسببت في تراكم السلطات واستبعاد إرادة الشعب من المشاركة في الحل وإنهاء الصراع، وأن إجراء الاستحقاق الانتخابي، وإعادة القرار للشعب الليبي، وتحقيق التوافق، بات أكثر من ضرورة من أجل جسر الهوة بين جميع الأطراف”.

لكن في المقابل لم يقع الإفصاح عن مضمون المحادثات التي أجراها صبري بوقادوم مع بعض النواب المتحفظين على بعض تفاصيل المسار السياسي المنتهج للخروج من الأزمة، ولا عن موقف الجزائر من المسألة أو السعي لتقريب وجهات النظر.

زيارة بوقادوم إلى ليبيا تزامنت مع صدور قرار جزائري، يقضي بإعادة فتح السفارة الجزائرية المغلقة منذ نحو سبع سنوات في العاصمة طرابلس

وسبق أن أعربت الجزائر عن عدم ادخارها أي جهد من أجل مساعدة الأطراف الليبية على الجلوس إلى طاولة الحوار السياسي، سواء على أراضيها أو في أماكن أخرى، كما لبت بشكل سريع طلب الحكومة الليبية خلال الأشهر الماضية، من أجل مساعدة مصالحها على استعادة شبكة الكهرباء في البلاد.

وتزامنت زيارة بوقادوم إلى ليبيا مع صدور قرار جزائري، يقضي بإعادة فتح السفارة الجزائرية المغلقة منذ نحو سبع سنوات في العاصمة طرابلس، بسبب الظروف الأمنية، والعودة الوشيكة للطاقم الدبلوماسي إلى العمل في طرابلس.

وذكر بيان الخارجية الجزائرية أن “الوزير قام بزيارة تفقدية لمقر سفارة بلاده في طرابلس تحسبا لاستئناف نشاطها الدبلوماسي في الأيام المقبلة”، الأمر الذي يترجم رغبة الجزائر في العودة السريعة إلى دورها في البلد الذي تتقاسم معه نحو ألف كلم من الحدود البرية، كما يمهد لدبلوماسية جزائرية أوسع.

وكانت الجزائر قد قررت إغلاق سفارتها في طرابلس وإجلاء الطاقم العام بها في شهر مايو عام 2014، بعد ورود معلومات إليها حول “محاولة جماعات إرهابية اقتحامها”.

'