الجزائر تنهي آمال فتح سوق السيارات أمام الاستيراد – مصدر24

الجزائر تنهي آمال فتح سوق السيارات أمام الاستيراد

صُدم متعاملو سوق السيارات ومعهم الزبائن بقرار الحكومة الجزائرية القاضي بالإبقاء على حظر الاستيراد بدعوى عدم استجابة عروض التجار للاشتراطات التي أعلنت عنها، ما اعتبرته أوساط القطاع سيؤدي إلى ارتباك في نشاط هذه الصناعة الناشئة بالبلاد.

الجزائر – تسعى الجزائر إلى إرساء صناعة محلية لقطاع السيارات انطلاقا من تركة شركات خاصة قامت الدولة بتأميمها استنادا على أحكام قضائية صدرت في حق مالكيها.

وتأتي الخطوة التي ترتكز في جانب رئيسي منها على مواصلة منع وكلاء السيارات من الاستيراد رغم انعكاساتها الكبيرة على القطاع وعلى نشاط المتعاملين وعائدات الخزينة العامة من جباية وجمركة ورسوم.

ويبدو أن الزبون الجزائري الذي كان يتطلع إلى امتلاك مركبة جديدة سيضطر إلى الانتظار مجددا، بسبب الغموض الذي يكتنف السوق في ظل إصرار الحكومة على الاستمرار في حظر الاستيراد الذي دخل عامه الخامس.

أحمد زغدار: لدينا كافة الإمكانيات لخلق صناعة محلية للسيارات

وهذا الأمر انعكس على نوعية العلامات التجارية التي يتم تسويقها ويدفع وكلاء إلى إشهار إفلاسهم، خاصة وأن بعضهم بادر منذ مدة بغلق ورشاته وسرح العمال.

وأكد وزير الصناعة أحمد زغدار أن بلاده لديها كافة الإمكانيات لخلق صناعة محلية للسيارات، في تلميح لتبرير الاستمرار في خيار حظر الاستيراد، وتعليق الشماعة على عدم استجابة عروض المتعاملين لدفتر الشروط الذي طرحته وراجعته الحكومة عدة مرات.

وأوضح في تصريح صحافي على هامش جلسة عامة بالبرلمان الأسبوع الماضي أن “القانون الجديد للاستثمار سيسمح عمليا بتعزيز الاستثمارات في مختلف المجالات الصناعية بما في ذلك السيارات التي تمتلك فيها الجزائر جميع القدرات الضرورية”.

وتبدو الحكومة مُصرّة على تطوير القطاع مهما كان الثمن، خاصة وأن التوقعات تشير الى أن البلاد ستشهد حركية اقتصادية كبيرة في جميع القطاعات بفضل قانون الاستثمار الجديد.

وسعى زغدار إلى الترويج خلال الجلسة التي خصصت للتصويت على نص القانون بأن بلده بات “يشكل قبلة للكثير من المستثمرين”.

وتقول الحكومة إنها تلقت اتصالات كثيرة من طرف مستثمرين محليين وأجانب لمعرفة إمكانيات إطلاق مشاريع في مختلف المجالات.

وتقع على عاتق الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار مهمة الترويج للقانون بالتنسيق مع السفارات والقنصليات الجزائرية، فضلا عن الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في هذا المجال.

وأثارت وضعية سوق السيارات جدلا خلال السنوات الأخيرة، بسبب تعمد الحكومة عدم الاستيراد للحفاظ على احتياطي النقد الأجنبي خاصة بعدما نزل إلى حدود الأربعين مليار دولار.

وولدت صناعة السيارات بالجزائر قبل ثماني سنوات وشهدت إنتاج أول مركبة تحمل شعار “صنع في الجزائر” من نوع رينو.

وتصدر القطاع سلم أولويات السلطات في ذلك الوقت لتقليص الواردات وإلزام كل المستوردين بإنشاء مصانع بالبلاد بعد انهيار أسعار النفط منتصف 2014 الذي يوفر نحو 95 في المئة من مداخيل العملات الأجنبية.

وكان تجمع وكلاء السيارات، وهي جمعية مهنية للناشطين بالقطاع، قد تقدمت بمقترحات جديدة للحكومة، تستهدف “إنهاء أزمة القطاع التي تشهدها السوق الجزائرية منذ أربع سنوات”.

ويقترح التجمع أن تقوم الحكومة بالتوازن بين الاستيراد والتصنيع من خلال منح رخص الاستيراد للوكلاء المودعين لملفات كاملة منذ أكثر من عام، مقابل توقيع هؤلاء على تعهد مفاده التحول إلى التصنيع في ظرف ثلاث سنوات كأقصى حد.

غموض يكتنف سوق السيرات في الجزائر
غموض يكتنف سوق السيرات في الجزائر

وذكرت رسالة توجهت بها الجمعية إلى الرئيس عبدالمجيد تبون أن المتعاملين الناشطين في القطاع وعددهم 75، يتعهدون بإطلاق صناعة للسيارات وكل ما يرتبط بها عبر تحويل تكنولوجي حقيقي، “في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات اعتبارا من تاريخ تسليم الاعتمادات”.

ودعت إلى “فتح استيراد السيارات الجديدة بغرض البيع، ولكن بطريقة مدروسة تضمن الاستغلال الأمثل للعملة الصعبة، استنادا على نقطتين هما الاحتياجات الحالية للسوق المحلية والنظرة المستقبلية للقطاع”.

واقترح المتعاملون أن يكون تسليم الاعتمادات مشروطا بتعهد كتابي بالاستثمار بالقطاع في مدة أقصاها ثلاث سنوات من طرف الوكيل المستفيد.

ويفترض أن تتضمّن المرحلة الثانية انطلاقة حقيقية في المجال عبر التنسيق بين مختلف المستثمرين، بغية إنشاء أرضية صلبة لصناعة السيارات بصفة خاصة والصناعة الميكانيكية بصفة عامة.

ويؤكد الوكلاء أنهم سيعملون على توفير كافة المعلومات لوزارة الصناعة المتعلقة بمراحل التنفيذ وبصفة دورية حتى يتسنى لها متابعة المشروع، كما أن هذا التنسيق يسمح أيضا بدمج الصناعات المتوفرة حاليا.

وشرحت مراسلة الجمعية للرجل الأول في الدولة، ما وصفته بـ”الوضعية المتدهورة التي يعيشها الوكلاء” بالقول “لا نزال كمؤسسات طالبة للاعتماد نعاني خسائر مالية فادحة بسبب ما يترتب علينا من أعباء في انتظار الاعتمادات”.

75

شركة محلية تتعهد بالتحول إلى التصنيع في غضون 3 سنوات اعتبارا من تاريخ تسليم الاعتمادات

وأضافت “يتمثل هذا أساسا في كل ما يخص الإيجار، الرواتب وتجهيز البنية التحتية المفروضة في دفتر الشروط الصادر عن الوزارة المعنية”.

وانتقدت ما أسمته “التحايل على القانون” عبر رواج الاستيراد بغرض البيع بطريقة غير قانونية ومن دون اعتمادات مؤخرا في السوق الموازية، التي لا توفر أدنى حماية للمستهلك.

وتشكل حماية المشترين الجزء الأهم من الشروط للقيام بهذه العمليات التجارية كونها الضامن للعلاقة بين الطرفين كما أنها تتضمن خدمات ما بعد البيع والشبكة التجارية.

ويتخوف التجار من أن إبقاء الحكومة على قراراتها دون مراجعة سيفتح الباب أمام المضاربة في السوق بسبب تغول التجارة الموازية.

وتشير التقديرات شبه الرسمية إلى أن سعر المركبة بلغ في السوق الموازية بالبلاد نحو مليون دينار (6.8 ألف دولار).

وإلى جانب المضاربة، يعتقد تجار السيارات أن الوضع القائم سيوسع من تمويل السوق السوداء بمبالغ ضخمة، ويهدد بصفة مباشرة القدرة الشرائية للجزائريين.

ويقول التجار إن تقلص عمليات القطاع سيؤدي إلى تراجع حجم المبادلات التجارية الداخلية بمقدار تريليون دينار (680 مليون دولار) سنويا مع كل ما ينجر عنه من مداخيل ضريبية.

كما أنه سيؤدي إلى فقدان القطاع قرابة 100 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خاصة “في مناطق الظل التي تقل فيها عروض العمل”.

'