الجفاف يترك آثارا قاسية على الزراعة الجزائرية – مصدر24

الجفاف يترك آثارا قاسية على الزراعة الجزائرية

الجزائر – حذر خبراء من أن ندرة المياه ستصبح مشكلة استراتيجية للجزائر، في حال لم تتمكن السلطات من إيجاد حلول جذرية وعاجلة على المدى القريب لتطوير إمكانيات تخزين المياه، رغم وجود محاولات لتحلية مياه البحر.

ويشهد البلد النفطي منذ سنوات حالة جفاف مقلقة بسبب التغيرات المناخية، ألقت بظلال قاتمة على حياة السكان وخاصة قطاع الزراعة، وسط استراتيجية وضعتها الحكومة لمواجهة هذا التحدي الصعب.

وأكد مدير مخبر تحسين الإنتاج الزراعي بجامعة سكيكدة عمار فوفو أن البلد مر خلال العشرية الأخيرة بشح في الأمطار، مما أثر على انخفاض منسوب المياه الجوفية التي تعدّ مخزونا مهما بالنسبة إلى حياة السكان والاقتصاد الزراعي.

وقال لوكالة الأناضول إنه “لا توجد إرادة جادة حتى الآن لبناء السدود والأحواض المائية، للحفاظ على مياه الأمطار التي تذهب سدى في الأودية والبحر”.

عمار فوفو: لا توجد إرادة جادة لبناء السدود وإنقاذ المزارعين

واعتبر فوفو أنه كان بإمكان السلطات منذ سنوات وضع استراتيجية محكمة لبناء سدود وأحواض مائية، لإنقاذ القطاعين الزراعي والصناعي وتأمين مياه الشرب.

وتشكو العديد من المناطق من نقص كبير في الماء الصالح للشرب، وخاصة في فصل الصيف، جراء جفاف السدود التي كان البلد يعتمد عليها بشكل رئيسي لتغطية حاجة السكان في فترات احتباس الأمطار.

وكشفت الجزائر عن خطة لتنفيذ برنامج طموح، يتمثل في بناء محطات تحلية مياه البحر وتوسيع المحطات القديمة للابتعاد تدريجيا عن خط الفقر المائي، بعد أن صار مشكلة استراتيجية للدولة في ظل تواصل الجفاف الذي ضرب شمال أفريقيا في السنوات الأخيرة.

والأسبوع الماضي، قال وزير الموارد المائية كريم حسني إن “مناخ الجزائر الذي كان في السابق شبه جاف أصبح اليوم مناخا جافا، ما يجعل استراتيجية تسيير الموارد المالية توّسع نسبة الاعتماد على تحلية مياه البحر بصفة متزايدة على المدى المتوسط والبعيد”.

وبحسب الخطط، تعتزم الحكومة بلوغ 60 في المئة من المياه بواسطة عمليات التحلية بحلول 2030، مرورا بنحو 42 في المئة في عام 2024، فيما تبلغ النسبة الحالية 17 في المئة.

واعتبر حسني أن “تحلية مياه البحر” تعد الحل الأمثل، لأن المياه السطحية باتت شحيحة، إذ “تزخر الجزائر بكل الإمكانات اللازمة، منها شريط ساحلي يمتد لأكثر من 1200 كلم، وكذا الخبرة والموارد البشرية اللازمة في هذا المجال”.

وصنّفت الوزارة في بيان على حسابها في فيسبوك أصدرته مطلع يناير الماضي، الجزائر ضمن الدول الفقيرة من حيث المورد المائي، بسبب فترات جفاف طويلة ومتكررة، مع عجز في نسب تساقط الأمطار.

وتشير الأرقام إلى أن نسبة الأمطار تراوحت خلال السنوات الأخيرة بين 40 و50 في المئة، مقارنة بالمعدلات السنوية المعتادة، خاصة في الجهتين الوسطى والغربية للبلاد.

وأوضحت الوزارة أن شح الأمطار بفعل التغير المناخي أثر بشكل كبير على تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، وقد برزت آثاره جليا على عشرين ولاية (محافظة) لم تذكرها.

وتريد الحكومة إقامة محطات ضخمة لتحلية مياه البحر بقدرة إنتاج تبلغ 300 ألف متر مكعب يوميا على مرحلتين، الأولى تنتهي في 2024 والثانية بنهاية العقد الحالي.

وكان حسني قد قال إن “هذه الاستراتيجية تتضمن مسألة تأمين المياه عبر تحلية مياه البحر وترشيد الاستهلاك وتصفية المياه المستعملة وتوظيفها في الري الزراعي”.

الجزائر يكشف عن خطة لبناء محطات تحلية مياه البحر وتوسيع المحطات القديمة للابتعاد تدريجيا عن خط الفقر المائي

وتمتلك الجزائر حاليا 11 محطة تحلية، منها عشر محطات تنتج مليوني متر مكعب يوميا، لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من احتياجات السكان البالغ عددهم قرابة 40 مليون نسمة.

لكن السلطات تستهدف زيادة عدد محطات التحلية لتبلغ 20 محطة بحلول 2030، لتعويض مياه السدود التي ستتحول إلى الري الزراعي.

وتظهر تقديرات المؤسسات الدولية أن الجزائريين يستهلكون سنويا ما بين 3.6 ونحو 4 مليارات متر مكعب، 30 في المئة منها تأتي من السدود، فيما تأتي البقية من الآبار ومحطات تحلية مياه البحر.

واعتبر الشيخ فرحات، الخبير في شؤون المناخ والبيئة، أن حالة الجفاف التي تعرفها الجزائر، كما هو الحال في بقية دول شمال أفريقيا، تعد أمرا مقلقا للمزارعين لأن نمو المحاصيل يتطلب الوقت والماء.

وقال إن “الأشجار المثمرة حاليا تفتحت أزهارها قبل موعدها، وقد يتأثر نمو ثمارها بعوامل الصقيع والرياح التي قد يحملها شهر أبريل المقبل”.

وأشار فرحات إلى أن في ضوء ما يحدث فإن على الناشطين في القطاع اللجوء إلى استخدام التكنولوجيا لتأمين الموارد المائية والحفاظ عليها، بعيدا عن الطرق التقليدية للري.

ويرى البعض أن الخطط ليست كافية لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من معدلاته الحالية البالغة 12 في المئة

'