الجفاف يغذي الغضب في إيران – مصدر24

الجفاف يغذي الغضب في إيران

لا تزال هذه السنة تعصف بإيران من كل الاتجاهات، فقد عانت خلالها من فيضانات قاتلة وجفاف دمّر المحاصيل وعواصف ترابية وموجات حر أوصلت البلاد إلى 48 درجة مئوية. لكن العثور على المساعدة يعدّ صعبا بالنسبة إلى أولئك الذين تضرروا من التأثيرات المتصلة بتغير المناخ، علما أن إيران، إلى جانب اليمن وليبيا وإريتريا، لم توقع على اتفاقية باريس، ولم يكن ينقص أسباب اندلاع الاحتجاجات فيها سوى أن تتكامل معها الآلة القمعية لنظام الولي الفقيه.

طهران – تصعّب العزلة الدولية التي تعيشها إيران، وانعدام مشاركة حكومتها في التصدي للمخاطر البيئية في الداخل، جهود خفض التهديدات المناخية والتعامل مع الخسائر وحماية المواطنين الإيرانيين. ووفقا لتقرير لسنام محوزي نشرته مؤسسة تومسون رويترز، فقد قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه لا يمكنه تنشيط فرق إدارة الأمم المتحدة لمواجهة الكوارث، إلا بناء على طلب الدولة.

وأكد أحد أعضاء الفريق الاستشاري الإنساني التابع لمكتب الأمم في إيران أنه لم يكن هناك طلب رسمي خلال فيضانات إيران في يناير 2022. ولم يكن هذا هو الحال مع فيضانات العام 2019، عندما شارك مكتب الأمم المتحدة وأعد خطة للمواجهة ونداء للتمويل بالتنسيق مع السلطات.

الحكومة تطارد البيئيين

 

جفاف قاتل
جفاف قاتل

 

21 شخصا لقوا حتفهم بسبب فيضانات هذا العام التي دمّرت المنازل والمباني في جميع أنحاء إيران، وفقا لجمعية الهلال الأحمر وتقارير وسائل الإعلام الحكومية. ويقول مربي الأغنام خداداد البالغ من العمر 56 عاما في قرية أرغون جنوبي إيران، والتي اجتاحتها الفيضانات في يوليو، إن مناشداته الحصول على مساعدة الحكومة بعد نفوق 170 من ماشيته البالغ عددها 200 رُفضت، مضيفا أن أحد ممثلي وزارة الزراعة أخبره أنه لا جدوى من محاولة المطالبة بتعويض بسبب عدم وجود تأمين على حيواناته، التي تشكل مصدر رزقه الوحيد كما يقول.

ويقول علماء البيئة والأكاديميون الإيرانيون إنهم حاولوا التدخل لممارسة الضغط على الحكومة، التي فشلت في الاستعداد لمواجهة التهديدات المتعلقة بتغير المناخ.

النائب السابق لرئيس وزارة البيئة الإيرانية كافيه مدني يقول إن القضايا الخضراء أصبحت مسيّسة، ويتعرض المدافعون عن البيئة إلى القمع الذي تمارسه الدولة.

مدني الذي يعمل الآن باحثا في كلية مدينة نيويورك، يقول إن للبيئة القدرة على توحيد الناس بغض النظر عن العرق أو الأيديولوجيا أو الخلفية، وهذا يخيف الدول غير المستقرة. وكان الرجل قد عُين في منصبه الحكومي في سبتمبر 2017، في ظل إدارة الرئيس السابق حسن روحاني. انتقل مدني للإقامة في تورونتو، بعد أن استقال في أبريل 2018 إثر اعتقاله واستجوابه عدة مرات للاشتباه في أنه جاسوس غربي.

ويواجه الإيرانيون من المهتمين بالبيئة حملات قمع واعتقال متواصلة، فقد سجلت منظمة العفو الدولية اعتقال أكثر من 63 ناشطا وباحثا بيئيا في إيران سنة 2018، حُكم على سبعة منهم على الأقل، ممن عملوا في مؤسسة التراث الفارسي للحياة البرية في الجهود المبذولة لحماية الفهد الآسيوي المهدّد بالانقراض، بالسجن لمدة تتراوح بين أربع وعشر سنوات بتهمة التآمر مع دولة أجنبية أو التجسس، كما قال المحامون الذين يمثلون النشطاء في تصريحات.

إفلاس مائي

 

ندرة المياه تثير قلقا متزايدا في البلاد
ندرة المياه تثير قلقا متزايدا في البلاد

 

وتتذرع الحكومة الإيرانية بأن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي تعيق جهودها للتصدي لتغير المناخ. وتعتبر ندرة المياه من المجالات الرئيسية التي تثير قلقا متزايدا في البلاد.

وشهد العام الماضي موجة جفاف لم تعرفها إيران منذ خمسة عقود، واندلعت احتجاجات كبيرة في عدة مدن واضطرابات في مقاطعات مثل خوزستان وأصفهان في السنوات الأخيرة بسبب نقص المياه، حيث ألقى منتقدون باللوم على سوء إدارة الحكومة.

المياه في العديد من المدن والقرى نفدت في بعض الأحيان بسبب الجفاف المتزايد، وبفعل إطلاق السلطات لمشاريع غير مستدامة، وكذلك بسبب عدم كبح جماح الاستخدام الجائر، بما يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية والمياه السطحية. ويقول مدني، الذي عُيّن الشهر الماضي مديرا جديدا لمعهد الأمم المتحدة للمياه والبيئة والصحة، “بكلمات بسيطة، إن إيران مفلسة على مستوى المياه”.

ويبرز نقص المياه في جفاف بحيرة أرومية في شمال غرب إيران، وهي مشكلة تلقي الحكومة باللوم فيها على تغير المناخ، لكن مدني يرى أنها نتيجة لسوء إدارة مستجمعات المياه التي تغذي البحيرة. ويضيف “كلنا نغضب عندما تجف بحيرة محبوبة وكنز وطني. لم يكن من الضروري أن نصل إلى هذه المرحلة”.

الأكاديميون الإيرانيون يقولون إنهم حاولوا التدخل بعد أن فشلت الحكومة في مواجهة التهديدات المناخية

وزارة البيئة الإيرانية أشارت في تقرير سنة 2017 المقدم إلى هيئة تغير المناخ التابعة للأمم المتحدة إلى أن “الزيادة في درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار والموارد المائية المتاحة هي الواقع الحالي الذي تعيشه البلاد”.

ويبيّن علي ميرشي، مهندس الموارد المائية السابق في إيران والأستاذ المساعد في هندسة الموارد المائية في جامعة ولاية أوكلاهوما، إن النقص المتزايد يسبب إحباطا كبيرا.

ومع إلقاء إيران باللوم في الكثير من الأحيان على دول أجنبية في الاحتجاجات، قال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي العام الماضي إن الإيرانيين الذين يحتشدون بشأن نقص المياه في جنوب غرب البلاد يجب أن يكونوا حريصين على عدم منح الأعداء فرصة “للتآمر ضد مصالح النظام أو الدولة أو شعبها”. لكنه أضاف أيضا أنه لا ينبغي انتقاد المتظاهرين على تحركاتهم، و”يجب الاهتمام بقضاياهم”.

ومع انعقاد مؤتمري الأمم المتحدة القادمين حول التغيرات المناخية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مصر هذا العام ودبي في العام 2023، قد تنتقل مخاوف ندرة المياه في المنطقة إلى الساحة العالمية، حسب اديلتراود غونثير، مديرة معهد جامعة الأمم المتحدة للإدارة المتكاملة لتدفقات المواد والموارد.

لكن أمير أغاكوشاك، الأستاذ الإيراني – الأميركي للهندسة المدنية والبيئية في جامعة كاليفورنيا في إرفاين، الذي كتب عن ندرة المياه في البلاد، قال إنه غير متأكد من أن بروز المشكلة يعني إمكانية توقع عمل على الأرض في إيران، خاتما حديثه بالقول “لست لسوء الحظ متفائلا بشأن مستوى المشاركة الحكومية عندما يتعلق الأمر بإدارة المياه والبيئة”.

'