الحرس القديم في النهضة يتحرك لعزل الغنوشي – مصدر24

الحرس القديم في النهضة يتحرك لعزل الغنوشي

الحرس القديم في النهضة يتحرك لعزل الغنوشي

تونس – باتت أيام راشد الغنوشي على رأس حركة النهضة معدودة في ظل رفض أعداد كبيرة من القيادات التاريخية، أو ما يعرفون بالحرس القديم، بقاءه لدورة جديدة في قيادة الحركة لكونه أنهى المدتين النيابيتين اللتين وفرهما له المؤتمر التاسع ولم يعد له الحق قانونيا في الترشح، خاصة أنه ظل في منصبه لمدة تقارب نصف قرن.

وقالت مصادر مقربة من حركة النهضة إن قيادات تاريخية تعارض فكرة تعديل القانون الداخلي للتمديد له قبل مؤتمر الحركة الحادي عشر المزمع عقده العام الجاري، بالرغم من تحركات لمحيطين به في شكل وعود بتسوية وضعية بعض المغضوب عليهم داخل الحركة وإعادة تمكينهم من المزايا المالية والإدارية التي فقدوها خلال السنوات الأخيرة بسبب معارضة انفراد الغنوشي بالقرار وعدم الأخذ بقرارات مجلس الشورى بصفته السلطة الأعلى من حيث الصلاحيات.

عبدالفتاح مورو: التداول السلمي على القيادة سنة في الحزب بعيدا عن الخلافات.

وكشفت المصادر عن بروز مجموعتين داخل مجلس الشورى واحدة تدفع للضغط على الغنوشي وفريقه التنفيذي لتحديد موقف واضح من المؤتمر وتاريخه قبل نهاية العام الحالي، ومجموعة ثانية تعتقد أن الوضع الداخلي للحركة، وخاصة وضعها المتراجع في البلاد، لا يسمح بأيّ تغييرات على رأس الحركة، وأنه يمكن تأجيل المؤتمر إلى العام المقبل حين تكون الظروف ملائمة.

وطال الانقسام مختلف المستويات داخل الحركة ذات الخلفية الإخوان مع أفضلية للتيار الغاضب الذي يضع عزل الغنوشي من رئاسة النهضة أولوية. وتحمّل قيادات تاريخية الغنوشي مسؤولية تراجع شعبية الحركة في البلاد، وحالة الاستقطاب السياسي التي عزلت الحركة بشكل واضح خاصة بعد التصويت الأخير في البرلمان على لائحة العلاقات الخارجية الذي ترك النهضة وحيدة مع ائتلاف الكرامة، فيما اختارت أغلبية المعارضة دعم عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر رغم الخلافات معها.

ويقول متابعون للجدل داخل النهضة إن صورة الغنوشي كقائد ملهم تراجعت بشكل كبير داخل الحركة، وإن قائمة المجترئين على سلطته تتوسع مع مرور الوقت، وهو ما تعبّر عنه القيادات المستقيلة، وآخرها عبدالفتاح مورو الشخصية الثانية تاريخيا في الحركة منذ فترة الجماعة الإسلامية مرورا بالاتجاه الإسلامي وصولا إلى الوضع الحالي.

ويتمركز الخلاف حول القيادة وليس حول أيّ ملف آخر، بسبب رفض الغنوشي ترك مركزه، وخاصة احتكار القرار والتعامل مع الحركة كملك خاص يديره بحرية تامة مع أفراد من عائلته أو من قيادات جديدة براغماتية.

وأكد مورو، الذي عرف بهدوئه ودبلوماسيته في تصريح خاص لـ”العرب” أن “التداول السلمي على القيادة سنة في الحزب بعيدا عن الخلافات ودون ترك شرخ بين مختلف أطرافه”، في دعوة واضحة للغنوشي لترك المنصب وفتح الباب أمام التداول على القيادة.

وأشار مورو إلى “التعاقب على المسؤولية وضرورة التخلي التلقائي من القيادات القديمة للقيادات الشبابية الجديدة بهدف الإبداع والتواصل بينها وحفاظا على استمرارية الحزب وأفكاره.”

التداول القيادي الغائب داخل النهضة
التداول القيادي الغائب داخل النهضة

وكان عبدالفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة ومرشحها للانتخابات الرئاسية العام الماضي، أعلن اعتزاله العمل السياسي وتحرره من كل نشاط حزبي، وهي خطوة قال مراقبون إنها ردة فعل على التهميش الذي بات يلقاه داخل الحركة، وخاصة من الغنوشي الذي هو رفيق دربه خلال سنوات طويلة.

من ناحيتها أكدت محرزية العبيدي، القيادية بالنهضة، في تصريح خاص لـ”العرب” أن كل السيناريوهات واردة بين مواصلة الغنوشي وفسح المجال أمام وجوه جديدة، نافية أن يكون موعد المؤتمر قد تم تحديده، لكن كشفت عن أن “اللجان ستنطلق في التحضير المادي وكذلك مضامين المؤتمر”، وهو ما يعني أن الأمر ما يزال غامضا بشأن مصير المؤتمر.

محرزية العبيدي: الحزب في حاجة إلى الغنوشي لكن التغيير وارد

واستدركت العبيدي بالقول إن “الحزب في حاجة إلى قائد وزعيم بحجم الغنوشي”، وأن “هناك من يرى أن الوقت قد حان للتغيير وهي أمور تحسم خلال المؤتمر الذي هو سيد نفسه”.

ويرى متابعون أنّ معارضي الغنوشي أمام فرصة تاريخية لاستبعاده وفتح المجال لصعود قيادات جديدة، وذلك بمواصلة الضغوط وإحراج كل طرف داخلها يحاول الالتفاف على مبادئ التداول على السلطة التي ينص عليها النظام الداخلي.

وسبق أن تقدّمت قيادات تاريخية داخل الحركة بمبادرة تحثّ على عقد مؤتمر الحركة قبل نهاية العام وانتخاب قيادة جديدة في تناقض مع ما يخطّط له الغنوشي بتأجيل المؤتمر.

وتداولت صفحات مقرّبة من حركة النهضة مبادرة لعدد من القيادات حملت عنوان “مجموعة الوحدة والتجديد” قدّمت خارطة طريق من سبع نقاط بشأن دور رئيس الحركة وموعد المؤتمر الذي تعطّل عقده في موعده بسبب عدم تحمّس الغنوشي لعقده قبل ضمان تعديلات تُقدَّم في المؤتمر وتتيح له الاستمرار كرجل رقم واحد في الحركة.

وضمت “مجموعة الوحدة والتجديد” التي تبنّت المبادرة، كلاّ من رئيس مجلس الشورى عبدالكريم الهاروني ومسؤول مكتب العلاقات الخارجية رفيق عبدالسلام (صهر الغنوشي) ومسؤول المكتب السياسي نورالدين العرباوي، ومسؤول مكتب الانتخابات محسن النويشي، ونائب رئيس مجلس الشورى مختار اللموشي ومسؤول مكتب المهجر فخرالدين شليق، ونائب رئيس مكتب العلاقات الخارجية سهيل الشابي، ومسؤول المكتب النقابي محمد القلوي وآخرين.

ودعت المبادرة إلى “ضمان التداول القيادي في الحركة بما يسمح بتجديد نخبها”، وذلك وفق “مقتضيات نظامها الأساسي والأعراف الديمقراطية وسلطة المؤسسات” في إطار تجديد عميق للحركة استجابة لمتطلّبات الواقع وحاجيات البلاد، فضلا عن التوافق على إنجاز إصلاح هيكلي عميق للحركة بما يضمن وحدتها.

'