الحريري يحبط محاولة انقلاب من عون – مصدر24

الحريري يحبط محاولة انقلاب من عون

الوضع في لبنان بات مفتوحا على سيناريوهات مخيفة، بعد اللقاء العاصف بين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، والذي كرس حقيقة أن الأزمة تجاوزت بعدها الحكومي إلى أزمة حكم من خلال مسعى واضح للرئيس عون لوضع يده على صلاحيات رئاسة الوزراء.

بيروت – دخلت الأزمة السياسية في لبنان منعطفا جديدا، بعد فشل كان متوقعا لاجتماع قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، حول ملف التشكيل الحكومي، المتعثر منذ أغسطس الماضي.

واعتبرت أوساط سياسية مطلعة أن اللقاء الذي جرى بالأمس، وهو الثامن عشر بين الرئيسين، كان بمثابة استدراج للحريري لحشره في الزاوية وفرض أجندة انقلابية، لكن الأخير رفض الخضوع لسياسة فرض الأمر الواقع من قبل الرئيس عون وتحالفه السياسي.

ولفتت الأوساط إلى أن كل المؤشرات توحي منذ البداية بأن رئيس الجمهورية وحلفاءه، يريدون صياغة مشهد حكوميّ على مقاسهم، يكونون المتحكمين في كل خيوطه، وإلا فلا حكومة، وهناك منهم من بات يدرس إعادة تعويم حكومة حسان دياب، وسبق أن عبر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله صراحة عن ذلك.

نهاد المشنوق: الحريري بدأ مسيرة استعادة شرعية رئاسة الحكومة
نهاد المشنوق: الحريري بدأ مسيرة استعادة شرعية رئاسة الحكومة

وقال الحريري عقب اللقاء الذي وصفته الأوساط بـ”العاصف”، “في اجتماعي الأخير مع الرئيس عون، اتفقنا أن نلتقي مجددا الاثنين. لكن مع الأسف، أرسل لي قبل ذلك بيوم تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها إنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها. وتتضمن الورقة ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ18 وزيرا أو 20 أو 22 وزيرا. وطلب مني أن أقترح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو”.

وأضاف رئيس الوزراء المكلف متوجها للرأي العام اللبناني “بكل شفافية، سأقول لكم ما قلته له أولا: إنها غير مقبولة لأن الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة، وثانيا: لأنّ دستورنا يقول بوضوح أنّ الرئيس المكلف

يشكل الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش بتشكيلته مع فخامة الرئيس”، وأشار إلى أنّه “على هذا الأساس، أبلغتُ الرئيس عون، أني أعتبر رسالته

كأنها لم تكن، وقد أعدتها إليه، وأبلغته أيضا أني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ”.

وتابع “لقد أوضحت للرئيس عون أن تشكيلتي بين يديه منذ 100 يوم وأني جاهز الآن كما سبق وقلت علنا، لأي اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب، وحتى بإصراره على الداخلية سهلت له الحل. لكن مع الأسف جوابه الواضح: الثلث المعطل”.

وأكد الحريري أن هدفه واحد، وهو وضع حد للانهيار ومعاناة اللبنانيين، وأنه طلب من الرئيس عون أن يسمع أوجاع اللبنانيين، ويعطي البلد فرصته الوحيدة والأخيرة بحكومة اختصاصيين تنجز الإصلاحات وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبارات حزبية ضيقة.

ووزع الحريري على الصحافيين التشكيلة الكاملة بالأسماء والحقائب التي قدمها لعون في 9 ديسمبر 2020، في رد على تصريح الرئيس في خطابه الأخير بأن رئيس الوزراء المكلف لم يقدم له إلا خطوطا عريضة.

وشكلت تصريحات الحريري وتوزيعه للتشكيلة الحكومية إحراجا كبيرا لعون الذي سارع إلى الرد عبر بيان أصدرته رئاسة الجمهورية، قالت فيه “إنها فوجئت بكلام وأسلوب رئيس الحكومة المكلف، شكلا ومضمونا”.

وحاول البيان تبرير الورقة التي أرسلت للحريري قبل يوم من اللقاء بذكر “أن رئيس الجمهورية وانطلاقا من صلاحياته ومن حرصه على تسهيل وتسريع عملية التشكيل لاسيما في ضوء الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، أرسل إلى رئيس الحكومة المكلف ورقة تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة وتتضمن 4 أعمدة

يؤدي اتباعها إلى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”.

الحريري ينشر الأوراق على حاسبه بتويتر كما وصلت من رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة المكلف
الحريري ينشر الأوراق على حسابه بتويتر كما وصلت من رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة المكلف

ولفت إلى أن “الورقة المنهجية يعرفها الرئيس الحريري جيدا، وهو سبق أن شكّل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون”.

وقال بيان بعبدا إنه “من المؤسف أن يصدر عن دولة الرئيس المكلف، منفعلا، إعلان تشكيلة حكومية عرضها هو في 9 ديسمبر 2020، ولكنها أصلا لم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية”.

ويشهد لبنان انهيارا ماليا واقتصاديا هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية، وسط حالة من الشلل الحكومي بعد استقالة حكومة حسان دياب عقب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي.

وجرى تكليف الحريري بتشكيل حكومة في أكتوبر الماضي بعد اعتذار مصطفى أديب، جراء رفض الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي التعاون.

وكرس اللقاء الأخير وما سبقه حقيقة أن الأزمة في لبنان تجاوزت بعدها الحكومي إلى أزمة حكم، في ظل إصرار الرئيس عون وفريقه على وضع اليد على صلاحيات رئاسة الوزراء التي تتبع الطائفة السنية في البلد، وفق وثيقة الطائف.

وقال وزير الداخلية الأسبق نهاد مشنوق في تغريدة على تويتر الاثنين “اليوم بدأ الرئيس الحريري مسيرة استعادة شرعية رئاسة الحكومة.. بالصلابة والصمود والصبر”.

وغرد وزير العدل الأسبق أشرف ريفي “الرئيس الحريري خطا خطوة في الاتجاه الصحيح في مواجهة الانقلاب على الدستور وعلى البلد”. ويرى متابعون للشأن اللبناني أن الأزمة في لبنان مفتوحة على سيناريوهات مخيفة، ولا يعرف ما ستكون الخطوة التالية للأفرقاء؟

'