الدبيبة يعود لاسترضاء الشارع بمضاعفة رواتب المتقاعدين – مصدر24

الدبيبة يعود لاسترضاء الشارع بمضاعفة رواتب المتقاعدين

قرر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة رفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين من 450 إلى 900 دولار، في سياسة لاسترضاء الشارع. لكن الحكومة تواجه انتقادات واتهامات بإهدار المال العام من أجل كسب الولاء وإسكات المعارضين.

 

طرابلس – هنأ رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة المتقاعدين برفع رواتبهم إلى نحو الضعف رغم الانتقادات التي وجهت له واتهامه باستغلال المال العام لإرضاء الشارع والسكوت عن تهم الفساد التي تطال حكومته في ظل المصاعب الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الشعب الليبي بالرغم من موارد النفط الهائلة.

 

وقال الدبيبة في تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر السبت بمناسبة اليوم الوطني للمتقاعدين “أهنئ المتقاعدين في يومهم الوطني، وقد أوليناهم اهتمامًا خاصًا برفع الحد الأدنى لمعاشاتهم من 450 إلى 900 دينار، وأسسنا صندوق التأمين الصحي ليقدم 6 خدمات علاجية إلى مليونين من أسر المتقاعدين، لضمان حياة كريمة لمن قدموا سنوات أعمارهم في خدمة بلادهم”.

 

ويرى مراقبون أن قرار حكومة الوحدة الوطنية برفع الرواتب إلى الضعف سيؤثر سلبا على الوضع المالي، حيث يعتبرون ذلك جزءا من سياسة كسب الولاء والتخفيف من حالة الاحتقان والغضب الشعبي على حكومة الدبيبة التي فشلت في مواجهة العديد من الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأعادت العاصمة والمنطقة الغربية إلى دوامة العنف.

 

الإجراءات التي اتخذها الدبيبة لاستمالة الشارع قوبلت بانتقادات شديدة، حيث اتهمه نشطاء بأنه يقود البلاد نحو الإفلاس

وفي يوليو الماضي خرجت مجموعات من الليبيين في العاصمة طرابلس وعدد من المدن للاحتجاج على انقطاع الكهرباء وتدهور الأوضاع المعيشية في البلاد، وقد واجهها الدبيبة بسياسة الوعود لتهدئة الشارع آنذاك.

 

وتلاحق حكومة الوحدة الوطنية اتهامات بإهدار المال العام والفساد، حيث كشف ديوان المحاسبة ضمن تقرير أصدره في شهر سبتمبر الماضي عن تورط وزارات ومسؤولين في حكومة الدبيبة بملفات فساد وتجاوزات مالية واسعة.

 

وأفاد تقرير ديوان المحاسبة، وهو أكبر هيئة رقابية في ليبيا، بأن حكومة الوحدة الوطنية تورطت في تجاوزات مالية كبيرة وانتهاك الشفافية والنزاهة لتصل إلى حد إهدار المال العام.

 

وشملت التجاوزات المالية، وفق تقرير سنوي أعده ديوان المحاسبة لعام 2021، “الإنفاق الواسع على شراء السيارات وكراء الطائرات الخاصة وتوريد وجبات الطعام لمجلس رئاسة الوزراء”.

 

كما اتهم تقرير ديوان المحاسبة مجلس رئاسة الوزراء بتوريد الهواتف والكمبيوترات والحجوزات الفندقية لأشخاص ليست لهم صفة وظيفية في المجلس.

وطالت الاتهامات عددا من الوزارات على غرار وزارة الخارجية، حيث كشف تقرير ديوان المحاسبة وجود قفزة في مخصصات السفارات الليبية في الخارج بلغت 1.1 مليار دينار ليبي (244 مليون دولار).

 

وندد رئيس الحكومة المدعومة من البرلمان فتحي باشاغا في أبريل الماضي بإهدار الدبيبة للمال العام من أجل الحصول على الولاء واستمرار حكومته التي وصفها بـ”غير الشرعية” داعيا العديد من الدول الغربية إلى التوقف عن دعمها.

 

وليست هذه المرة الأولى التي يعمد فيها رئيس حكومة الوحدة الوطنية إلى استرضاء الشارع من خلال المال العام؛ إذ أصدر الدبيبة في سبتمبر 2021 قرارا لتنفيذ القانون رقم (4) لسنة 2018 الصادر عن مجلس النواب ويقر زيادة رواتب المعلمين.

لالا

وطمأن الدبيبة آنذاك العاملين في بقية القطاعات العامة، وعلى رأسهم العاملون في قطاعيْ الصحة والداخلية، بأن الزيادة في رواتبهم هدف رئيسي لحكومة الوحدة الوطنية، مؤكدا أن اعتماد جدول رواتب موحد لجميع العاملين في الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة مسؤولية تاريخية تقع على عاتق هذه الحكومة.

كما أقر منحا للزواج بقيمة 40 ألف دينار (حوالي 10 آلاف دولار)، فيما أكد وزير الاتصال وليد اللافي في ديسمبر الماضي أن الحكومة بصدد إنشاء صندوق لدعم الإعلاميين.

وقوبلت كل هذه الإجراءات التي اتخذها الدبيبة لاستمالة الشارع وإسكات بعض المعارضين بانتقادات شديدة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، واتهم إعلاميون ونشطاء الدبيبة بأنه يقود البلاد نحو الإفلاس.

وبالتزامن مع اتهام حكومة الدبيبة بإهدار المال العام تدخلت واشنطن للضغط؛ إذ طالبت مرارا بضرورة حماية عوائد النفط الليبي مؤكدة تخوفها من استغلال المال لأغراض سياسية وحزبية.

والجمعة كشفت السفارة الأميركية في حسابها على تويتر عن اجتماع بين مسؤولين أميركيين يقودهم نائب مساعد وزير الخارجية جوش هاريس والقائم بأعمال السفارة ليزلي أوردمان مع محافظ المركزي الصديق الكبير، من أجل مناقشة جهود المركزي لزيادة الشفافية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

وأكدت السفارة أنه تم الاتفاق على أهمية ضمان أن تخصص موارد ليبيا لتوفير الخدمات الأساسية ودعم الشعب الليبي.

وفي أبريل الماضي ناقش السفير الأميركي ريتشارد نورلاند ونائب مساعد وزير الخزانة إريك ماير مع الصديق الكبير “الجهود المشتركة لتعزيز الشفافية في مصرف ليبيا المركزي، لاسيما فيما يتعلّق بالإنفاق العام”. وذلك بعد تزايد الانتقادات الموجهة إلى حكومة الدبيبة، حيث تم اتهامها بإهدار المال العام.

والسبت كشفت بيانات لوزارة المالية بحكومة الوحدة الوطنية أن مؤسسة النفط أنفقت 15 مليار دينار (نحو 3 مليارات دولار) من أول يناير حتى نهاية شهر سبتمبر، أي في ظرف 9 أشهر، وهو ما يعتبر مبلغا كبيرا.

وتنتج ليبيا 1.116 مليون برميل من النفط، وتعمل على رفع معدلات الإنتاج إلى مليوني برميل يومياً في غضون ثلاث سنوات.

nn

وكان انتخاب الدبيبة رئيسا للحكومة قد شهد اتهامات له بالتورط في تجاوزات، حيث كشف خبراء من الأمم المتحدة في تقرير رفع إلى مجلس الأمن في 2021 أنه تم شراء أصوات ثلاثة مشاركين على الأقل في محادثات السلام الليبية التي ترعاها الهيئة الدولية، لكن الدبيبة رفض كل تلك التّهم حينها.

وبعد توليه الحكم اتهم بعض وزرائه بالفساد، حيث أصدر النائب العام الليبي الصديق الصور في العام الماضي أمرا بحبس وزيرة الثقافة والتنمية المعرفية مبروكة توغي، احتياطيا على ذمة قضايا فساد مالي.

وتشهد ليبيا تخبطا سياسيا عقب تأجيل الانتخابات التي كان من المفترض أن تجرى الرئاسية منها في 24 ديسمبرالماضي، وفق الخطة التي ترعاها الأمم المتحدة وتعرف أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين الأولى حكومة باشاغا التي كلّفها البرلمان، والثانية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا إلى حكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.

والشهر الماضي عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدبلوماسي السنغالي عبدالله باثيلي مبعوثا للمنظمة الدولية إلى ليبيا، حيث حصل على دعم غير مسبوق.

وكان الوزير السنغالي السابق قد شغل منصب ممثل الأمم المتحدة في أفريقيا الوسطى، وعمل أيضا مستشارا خاصا للأمين العام لشؤون مدغشقر ونائبا للممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة في مالي.

والأحد بحث سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه ساباديل مع وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، في طرابلس، جهود إنجاح المصالحة الوطنية في ليبيا

'