الرياض تعيد النظر في سياسة “الإنفاق الدبلوماسي” مع تغيير الأولويات – مصدر24

الرياض تعيد النظر في سياسة “الإنفاق الدبلوماسي” مع تغيير الأولويات

الرياض – قلصت المملكة السعودية إنفاقها الدبلوماسي من باكستان إلى لبنان، في ابتعاد عن سياسة تقليدية كان هدفها تعزيز النفوذ السياسي لكنّها لم تحقق سوى القليل من المكاسب الملموسة.

وعلى مدى عقود طويلة، قدّمت المملكة الثرية المليارات من المساعدات لحلفائها وحتى من يسميهم البعض “أعداء الأعداء”، في محاولة لتعزيز مكانتها كقوّة عربية وقائدة للعالم الإسلامي.

وفي السنوات الأخيرة لاسيما مع تولي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز دفة الحكم وصعود نجله الأمير محمد بن سلمان طرأ تغير ملموس في السياسة الخارجية للمملكة تكرس مع التحولات العاصفة في المنطقة وانخفاض أسعار النفط.

هذا التغير ترجم في إعادة المملكة تقييم التحالفات القديمة التي يقول مراقبون سعوديون إنها تبتلع أموالهم مقابل القليل، في وقت تتصاعد فيه التهديدات الإقليمية لاسيما من جانب إيران وتركيا.

وقالت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط ياسمين فاروق إن مجموعة كبيرة من الدول والأطراف، من بينها الأردن ولبنان ومصر والسلطة الفلسطينية وباكستان، كانت أكبر المتلقين للمساعدات السعودية على مدى العقد الماضي.

وأضافت الباحثة في “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” أنّ “التأثير الاقتصادي المزدوج لفايروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط قد يدفعان السعودية إلى إعادة هيكلة وترشيد مساعداتها”. وتابعت “تسعى البلاد بالفعل إلى إنهاء مفهوم كونها ماكينة صراف آلي”.

وكانت السعودية أبرز الداعمين للبنان، وأنفقت المليارات في سبيل إعادة إعمار هذا البلد بعد الحرب الأهلية التي دارت بين  1975و1990، لكن في السنوات الماضية تراجع هذا الدعم حد التوقف كليا بعد إحكام حزب الله المدعوم من إيران قبضته على لبنان، وحول البلاد إلى منبر لمهاجمة المملكة وسياساتها الخارجية.

وكتب السعودي خالد السليمان في صحيفة “عكاظ” القريبة من السلطات السعودية الشهر الماضي “السعودية لن تستمر في دفع فواتير حزب الله، وعلى اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه بلادهم”.

وأضاف الكاتب “لم يعد ممكنا أن تستمر السعودية في دفع المليارات للبنان صباحا وتلقى الشتائم على شاشاته ليلا، هذا الوضع لم يعد يتناسب مع المرحلة الجديدة للسياسة الخارجية السعودية، فالمال السعودي لا يهبط من السماء ولا ينبت في الصحراء”.

وتبدو السعودية كذلك محبطة من باكستان نتيجة عدم وضوح مواقف إسلام أباد، وتقربها من تركيا وإيران. ويثير ذلك قلق السعودية التي تضم أقدس المواقع الإسلامية وتعتبر نفسها قائدة للعالم الإسلامي.

وقال مصدر دبلوماسي إن المملكة استرجعت مؤخّرا مبلغ مليار دولار من قرض بقيمة 3 مليارات دولار من باكستان التي تعاني من ضائقة مالية، ولم يتم تجديد تسهيل ائتماني نفطي منتهي الصلاحية لإسلام أباد بمليارات الدولارات.

وكتب علي الشهابي وهو كاتب ومحلل سعودي على حسابه في تويتر “لدى النخب الباكستانية عادة سيئة في اعتبار الدعم السعودي كأمر مسلم به بالنظر إلى ما قدّمته السعودية لباكستان على مدى عقود”.

وأضاف “انتهى الحفل وتحتاج باكستان لمنح قيمة لهذه العلاقة. لم تعد وجبة غداء مجانية أو مجرد شارع باتجاه واحد”.

وتحفظت باكستان ومصر في السابق على طلب الرياض إرسال قوات برية لدعم العملية العسكرية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

ومما زاد من إثارة القلق في الرياض تسجيل صوتي تم تسريبه عام 2015  بدا فيه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يسخر من القوى الخليجية، قائلاً إنهم ينفقون الأموال “مثل الأرز”.

التحول في دبلوماسية الانفاق السعودية طال ايضا الجار الأردن، الذي تراجع على سلم أولوياتها في وقت تشهد عمان أزمة اقتصادية مستفحلة نتيجة عوامل هيكلة وأخرى خارجية.

ومع تحوّل الكثير من العلاقات إلى ما يشبه المعاملات المالية، تكافح الرياض اليوم للحفاظ على دورها الرائد في العالم الإسلامي في ظل تحديات متزايدة من قبل منافسيها الاقليميين.

وقالت مضاوي الرشيد وهي أكاديمية سعودية تتخذ من لندن مقرّا “السعودية لم تعد ينظر إليها (…) كمركز للتضامن العربي أو الإسلامي”.

'