السعودية ملاذ آمن للطيور المهاجرة في حلّها وترحالها – مصدر24

السعودية ملاذ آمن للطيور المهاجرة في حلّها وترحالها

الرياض – في منظر بديع تستقبل شواطئ وجزر السعودية بالخليج العربي والبحر الأحمر طلائع من الطيور المهاجرة في رحلة عودتها إلى أوطانها. وتتربع المملكة على موقع جغرافي جعلها ممرا لأهم طرق التجارة القديمة والحديثة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وهي تقع على مدار السرطان، الحد الفاصل بين المناطق الاستوائية والمناطق المعتدلة ما بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط ولديها أكبر قاعدة جيولوجية طبيعية أهلتها لأن تكون من الأماكن الطبيعية الجاذبة للكائنات الحية.

وتَعبر الآلاف من الطيور المهاجرة أجواء المملكة وتنزل بها لتعيش وتتكاثر قبيل عودتها إلى موطنها الأصلي، ويُشكل تجمعها وتحركها منظرًا جماليًا على الشواطئ والجزر، وهذه المشاهد من اللحظات التي يحرص على رؤيتها العديد من السّياح والمهتمين بالبيئة.

وأوضح المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في تقرير خاص بوكالة الأنباء السعودية “واس” أن علماء البيئة سجلوا 50 مليار طائر تهاجر سنويا بين مناطق التناسل لتقضي فترة حياتها خارجها، منها 5 مليارات طائر تهاجر بين أوراسيا وأفريقيا لكن أعدادها تناقصت خلال السنوات الماضية بنسبة 40 في المئة للطيور المائية و50 في المئة للطيور الجارحة لأسباب عدة، ويوجد في العالم حاليا 10966 نوعا من الطيور منها 1469 نوعا مهددة بالانقراض.

10966 نوعا من الطيور توجد في العالم حاليا منها 1469 نوعا مهددة بالانقراض لأسباب عديدة

وللمملكة عوامل بيئية أساسية تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على انتشار الطيور منها المناخ المتنوع، وارتفاع مستوى سطح البحر، وطبيعة سطح الأرض وتضاريسها، والبيئة النباتية، والجغرافيا الحيوانية في موائل الطيور.

وثمة دلائل علمية ذكرتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في كتابها العلمي أطلس الطيور المتكاثرة في شبه الجزيرة العربية تؤكد أن هناك نوعًا من طيور الصحاري الرملية لا تشرب الماء لكن هطول الأمطار الموسمية تعد مصدًرا مهًما لها لوفرة الماء النادر الذي سرعان ما تمتصه الأرض، ويجتمع في الغالب في العديد من المناطق الصخرية أو الأحواض المغلقة لتتكّون بحيرات أو برك صغيرة تستمر عدة أيام وأحيانا عدة ساعات تسهم في جذب الطيور لها والكائنات الحية.

وبين الأطلس أن أي تجمع دائم للمياه في أماكن هطول الأمطار في صحاري المملكة يجتذب الطيور إليه لعدة أشهر لتوفر المياه والغذاء إذ تتكاثر في هذه الأماكن البرمائيات والكائنات غير الفقارية، كما تنبت فيه البذور الموسمية وتزهر النباتات المعمرة بعد أن تكونت بسبب احتباس الرطوبة لمدة طويلة بعد الأمطار في حين يُمكن أن يسفر معدل جيد من هطول الأمطار على مدار عام واحد عن حياة نباتية في هذا المكان من الصحراء لعدة أعوام، ويصبح موئلا للطيور.

وقال رئيس مجلس إدارة جمعية الجيولوجيين السعوديين عبدالعزيز بن لعبون “تتفاوت طبيعة الصخور الرسوبية والنارية والمتحولة في خصائصها الطبيعية في خزن وحبس المياه الجوفية وهذا ما يتيح الفرص للتنوع النباتي في مناطق المملكة، وتشتهر صخور الغرانيت بوجود الطيور في غرب وجنوب شبه الجزيرة لقدرتها على حبس الماء القريب من سطح الأرض أكثر من غيرها من الصخور مما يتيح تنوعا نباتيا أكبر”.

وأكد أن شبه الجزيرة العربية التي تشكل المملكة مساحة 70 في المئة منها تعد من أندر البقاع الجغرافية في العالم من الناحية الجيولوجية لوجود صخور تمثل جميع العصور الجيولوجية، كما أن هذه الصخور متنوعة وتمثل جميع بيئات الترسيب القارية والبحرية والانتقالية، وتمتد أعمار الصخور النارية للدرع العربي ما بين 2400 مليون سنة إلى 542 مليون سنة، أما الصخور الرسوبية (الرف العربي) فهي منذ 542 مليون سنة حتى وقتنا الحاضر.

نوع نادر تستهويه طبيعة المكان

وشهدت شبه الجزيرة العربية في العصور الحديثة تغيرات مناخية مختلفة متذبذبة بين فترات جليدية وفترات مطيرة وأخرى جافة أثرت على الحياة الفطرية النباتية والحيوانية، وقسّم علماء الجغرافيا العالم إلى ثلاث ممالك جغرافية حيوية تشترك في كل منها النباتات والحيوانات بسمات إقليمية، وثمة إجماع بين العلماء على أن شبه الجزيرة العربية تقع عند ملتقى هذه المناطق الجغرافية.

وهذا الإجماع العلمي يؤكد وجود طيور في المملكة منحدرة من أصول أوروبية وآسيوية وأفريقية استوائية وهندية ملايية، وهذه المناطق هي المنطقة الجغرافية الحيوية الأوروبية الآسيوية وتتضمن شمال أوراسيا والبحر المتوسط، وشمال أفريقيا، والشرق الأوسط، والجزيرة العربية، وآسيا الوسطى، ومعظم أرجاء الصين، والمنطقة الجغرافية الحيوية الأفريقية الاستوائية، وتضم جنوب صحاري القارة الأفريقية، والمنطقة الجغرافية الحيوية الهندية الملايية أو الشرقية، وتضم باكستان وشرقها، وجنوب جبال الهيمالايا.

المملكة لها عوامل بيئية أساسية تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على انتشار الطيور منها المناخ المتنوع وارتفاع مستوى سطح البحر، وطبيعة سطح الأرض وتضاريسها

ومن الطيور المستوطنة في المملكة ولها تقارب جغرافي إحيائي مع طيور أوروبية وآسيوية وأفريقية نجد طيور حجل فيلبي وتعيش في المرتفعات الجنوبية الغربية وعدد الأزواج منها تصل إلى 250 ألفا، وطيور الحجل العربي وتعيش في المرتفعات الجنوبية الغربية وشرق المملكة وتهامة ووسط المملكة، ويوجد منها 400 ألف زوج، وطيور أبلق جنوب شبه الجزيرة العربية ويوجد منها 930 ألف زوج، وتتقارب جميعها مع الطيور الأوروبية الآسيوية.

كما توجد طيور شمعي المنقار العربي ويوجد منها 30 ألف زوج، والنعار العربي ويوجد منها 400 ألف زوج، وتعيش في المرتفعات الجنوبية الغربية وتهامة ووسط المملكة، وتتقارب مع الطيور الأفريقية الاستوائية، ويوجد كذلك عصفور الشوك العربي ويوجد منه ألف زوج، ويعيش في المرتفعات الجنوبية الغربية، ويتقارب مع الطيور الأوربية الآسيوية.

'